عون ونصرالله خلال توقيع التحالف بينهما عام 2006عون ونصرالله خلال توقيع التحالف بينهما عام 2006

مع تراجع الآمال التي عقدت حول إمكانية إنهاء أزمة تأليف الحكومة في لبنان، بات واضحا استخدام حسن نصرالله هذه الورقة لحسابات إيرانية.

ومع الخلافات المتفاقمة بين الفرقاء المعنيين بتشكيل الحكومة، لا سيما بين رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري من جهة، ورئيس الجمهورية ميشال عون وصهره النائب جبران باسيل من جهة ثانية، يرى مراقبون وسياسيون أن خلف كل ذلك هو حزب الله "حليف باسيل" الأساسي، الذي لم يتخذ قراره بعد بتسهيل تشكيل الحكومة بانتظار ما ستؤول إليه المفاوضات الأمريكية – الإيرانية باستخدام لبنان ورقة فيها.

وكان نصرالله فوّض حليفه رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، القيام بالمساعي لتأليف الحكومة، مؤكدا أن المشكلة داخلية بحتة.

وعلى إثر تصريحات نصرالله، كشف نبيه بري اتصالاته ولقاءاته، وعقد وممثلون له لقاءات عدة للبحث في مبادرته التي تنص على تأليف حكومة من 24 وزيرا، ليس فيها ثلث معطل لأي طرف، ولكن دون أن تؤدي إلى نتائج إيجابية، وعادت الأمور إلى نقطة الصفر، مع تمسك باسيل والرئيس عون بمواقفهما عبر المطالبة بالثلث المعطل.

هذه المستجدات كلّها أعادت الحديث عن دور حزب الله، الذي لطالما يعرف على أنه الممسك بالقرار في لبنان، إضافة إلى أنه حليف "التيار الوطني الحر"، وكان له الدور الأساسي في إيصال عون إلى الرئاسة، وبالتالي إمكانه الضغط والتأثير عليه إذ قرّر ذلك.

وفي هذا الإطار، يجمع كل من النائب اللبناني في "تيار المستقبل" محمد الحجار، والمحلل السياسي الأستاذ الجامعي مكرم رباح، على أن حزب الله لم يتخذ حتى الآن قرار تأليف الحكومة اللبنانية، ويربطها بمسار المفاوضات الأمريكية – الإيرانية.

ويقول الحجار لـ"العين الإخبارية": "اعتقد الحريري أن شيئا ما تبدّل مع موقف نصرالله والحديث عن تحريك مبادرة رئيس البرلمان، لكنه عندما عقد اجتماعات واطلع على آخر المستجدات، اكتشف أنه لا شيء تبدّل، وما قام به الحزب ليس إلا (رفع عتب)".

وتابع: "باسيل متمسك بموقفه ويتعامل مع الأمور من زاوية طائفية بحتة، رافضا أن يسمي الحريري وزيرين مسيحيين في الحكومة، ويطالب أيضا بالثلث المعطل، وهو ما لا يقبل به رئيس الوزراء المكلف".

ويرى الحجار "أن حزب الله لا يمارس دوره الفعلي مع حليفه باسيل، لأنه يبدو واضحا أنه لم يتخذ حتى الآن قرار السير بالحكومة رابطا بينها وبين اتضاح صورة المفاوضات الأمريكية – الإيرانية".

بدوره يقول رباح لـ"العين الإخبارية" إنه "طوال الفترة الماضية لم يكن كلام نصرالله جديا في إطار تأليف الحكومة، رغم محاولته إظهار عكس ذلك، والدليل على ذلك أنه لو كان جديا وصادقا في مواقفه كانت تشكلت من اليوم الأول وكل المسرحية التي يقوم بها باسيل هي بإيعاز من حزب الله وإشارة من نصرالله".

وأضاف: "طالما أن معالم المفاوضات بين واشنطن وطهران غير واضحة، وليس هناك اتفاق أو مؤشرات لرفع العقوبات عن حزب الله وإيران بشكل عام في المنطقة أو تسوية اقليمية حزب الله، لن يفرج الأخير عن الحكومة".

وبعدما كان برزت مؤشرات في بداية هذا الأسبوع على الإفراج عن الحكومة اللبنانية، عادت الأمور إلى نقطة الصفر، وتدهورت العلاقة بشكل كبير بين عون وباسيل من جهة، والحريري من جهة ثانية في اليومين الماضيين.

وتبادل الرئيسان الانتقادات في بيانات رسمية، وصلت إلى "الإهانات الشخصية" والاتهامات بالكذب، كما اعتبر "المستقبل" أن "رئيس الظل جبران باسيل" هو الذي يتحكّم بالقرارات في القصر الرئاسي، ما أظهر أن مسألة تأليف الحكومة بالغة الصعوبة، ومن شأن ما يحدث أن يضرب كل المبادرات التي طرحت، والتي كان آخرها مبادرة بري وقبله البطريرك الماروني بشارة الراعي.

وفشل لبنان منذ أكثر 10 أشهر في تشكيل حكومة رغم الأزمة الاقتصادية الحادة التي يمر بها، بسبب الخلاف على تقاسم الحصص بين الفرقاء اللبنانيين، وإصرار رئيس الجمهورية على تسمية جميع الوزراء المسيحيين في الحكومة.