سكاي نيوز عربية:انتهت في المغرب المباحثات التي توسطت الرباط فيها لتقريب وجهات النظر بين مجلس النواب الليبي ومجلس الدولة الذي يسيطر على أغلبيته تنظيم الإخوان لحل ازمة ملف المناصب السيادية التي لم تحسم حتى الآن.وفشلت الجولة الجديدة من المحادثات بسبب إصرار مجلس الدولة الذي يسيطر عليه تنظيم الإخوان على فرض عناصره لتولي المناصب السيادية، بما يخرق الاتفاقات السابقة القاضية بتوزيع المناصب على أسس جغرافية.وحاول المسؤولون المغاربة جسرة الهوة بين الطرفين، عبر لقاءات منفردة مع كل من رئيسي مجلس النواب عقيلة صالح ومجلس الدولة خالد المشري سعيا للتوصل إلى اتفاق بشأن المناصب السيادية والقاعدة الدستورية الخاصة بالانتخابات.لكن الفشل كان مصير تلك المحاولات، كما أخفق الوسطاء في جمع الرجلين في اجتماع وجها لوجه.وبات مصير ملف المناصب السيادية عقبة كبيرة أمام مواصلة ملف تشكيل المؤسسات الحكومية في ليبيا ويهدد إجراء الانتخابات في موعدها في 24 ديسمبر المقبل.ويأمل الليبيون في أن تنجح الوساطة المغربية في دفع الأطراف الليبية إلى تجاوز خلافاتها بما يحقق مصالح الشعب الذي يعاني منذ أكثر من عقد بسبب الفوضى والانقسام.نص الاتفاق السابقوبحسب مخرجات مؤتمر برلين الأول، يفترض أن يختار مجلس النواب بالتشاور مع مجلس الدولة ممثلي المناصب السيادية على أساس جغرافي مقسم بين (طرابلس وفزان وبرقة) إلا أن مجلس الدولة عرقل كل المحاولات التي أجريت بسبب إصراره على فرض عناصر من داخل التنظيم لتولي مناصب حساسة في الدولة.وفي المقابل، صمم مجلس النواب على أن يكون المرشحون لتولي المناصب السيادية من ذوي الخبرة والكفاءات حتى لا تقع ليبيا مرة آخرى في دوامة من الفساد السياسي بسبب تكليف أشخاص على أساس جهوي لتولي بعض المناصب.وحاولت المغرب خلال اليومين الماضيين التوسط لحل الأزمة إلا أن رئيس مجلس الدولة خالد المشري تمسك باختيار رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات ورئيس مصرف ليبيا المركزي الأمر الذي رفضه صالح، وأفشل فرصة عقد لقاء بين الطرفين.وقال رئيس مجلس النواب المغربي الحبيب المالكي إن نظيره الليبي، عقيلة صالح، بذل جهودا مضنية لتسوية الخلافات ولكنها فشلت في النهاية.موقف عقيلة صالحمن جانبه، قال صالح إن "ملف المناصب السيادية حسم سابقا في اجتماعات بوزنيقة، حيث اجتمعت لجنتان من مجلسي النواب والدولة، وأكدا تكليف لجنة تحت إشراف أممي لاختيار المناصب السيادية"وأوضح صالح في مؤتمر صحفي على أنه "تم الاتفاق في بوزينقة على كيفية اختيار المناصب السيادية ومسؤولية الحسم في هذا الشأن تقع على عاتق لجنة 13 +13".وأشار صالح إلى "أنهم ملتزمون بمخرجات برلين والصخيرات فيما "الطرف الآخر لم يلتزم بما اتفق عليه" في إشارة إلى تنظيم الإخوان.وأضاف "نحن نلتزم بكل ما اتفق عليه ومطالبنا تتوافق مع ما يطلبه المجتمع الدولي ومؤتمر برلين الثاني سيدعم ذلك".وبدوره، قال المحلل السياسي، إبراهيم الفيتوري، لموقع "سكاي نيوز عربية" إن وساطة المغرب جاءات نظرا لأنها لعبت دورا كبيرا في ملف المصالحة الوطنية وسبق لها أن أحتضنت اجتماعات الصخيرات التي أفرزت الحكومة السابقة.وأضاف الفيتوري أن ملف المناصب السيادية تستغله جماعة الإخوان وتضغط به لعرقلة توحيد المؤسسات وبالتالي عرقلة إجراء انتخابات في موعدها في ديسمبر المقبل.وأشار الفيتوري إلى أن معادلة اختيار المناصب السيادية صعبة بل تكاد تكون مستحيلة، مؤكدا أن مجلس النواب ومجلس الدولة أطراف مختلفة سياسيا فكيف سيحدث توافق في اختيار هذه المناصب خاصة وأن تنظيم الإخوان المتحكم في مجلس الدولة يلعب بهذه الورقة للحصول على أكبر قدر من المكاسب السياسية.وأكد الفيتوري أن دور المجتمع الدولي جاء الآن للتدخل بشكل قوي لحل هذه الأزمة فتصريحات رئيس مجلس النواب الآن التي أكد فيها أن ملف المناصب السيادية سيحال بأكمله لاختيار لجنة من الأمم المتحدة وأن مؤتمر "برلين 2 " سيضغط في هذا الاتجاه يؤكد أن الطرفان (مجلس النواب ومجلس الدولة) عجزا عن التوصل لاتفاق بشأن هذا الملف.وأوضح الفيتوري أن تعنت تنظيم الإخوان بشأن هذا الملف جاء خوفا من الخروج من اللعبة السياسية خالي الوفاض خاصة وأنه في حال إجراء الانتخابات سيكون قد انتهى سياسيا في ليبيا.اتفاق بوزنيقةمن جانبه، اعتبر المحلل السياسي، جبريل الهادي، أن رئاسة مجلس الدولة تحاول اقتناص أهم المناصب السيادية حيث أصدرت بيانا تستنكر فيه ما أسمته الإجراءات الأحادية الجانب، وذلك بعد قرار رئيس مجلس النواب عقيلة صالح إنشاء لجنة لفرز الترشيحات للمناصب السيادية.وأضاف الهادي أن مجلس النواب يصر على التمسك بمخرجات اتفاق بوزنيقة، الذي توصل فيه المجتمعون إلى توزيع المناصب السيادية وفق المعيار الجغرافي على أقاليم البلاد الثلاثة التاريخية، برقة وطرابلس وفزان.وقال إن اتفاق بوزنيقة بشأن المناصب السيادية منح بموجبه إقليم برقة مناصب محافظ ليبيا المركزي وهيئة الرقابة الإدارية، وإقليم طرابلس ديوان المحاسبة والمفوضية العليا للانتخابات، وإقليم فزان نال مناصب هيئة مكافحة الفساد والمحكمة العليا، على أن تراعى التشريعات الليبية النافذة في تولي منصبي النائب العام ورئيس المحكمة العليا، ويكون المنصب الأول لطرابلس والأخير لفزان.من جانبه، أكد عضو مجلس النواب المبروك الخطابي رفضه تدخل مجلس الدولة في التعليق على تولي المناصب السيادية لأنه بذلك يكون تجاوز حدود اختصاصاته كونه استشارياً.وقال الخطابي إن ما يفعله مجلس الدولة بشأن المناصب السيادية تجاوز حدود صلاحياته ومهامه الواردة في الاتفاق السياسي وهذا الرفض والتجاوز لمهامه ليس الاول منذ التوقيع على الاتفاق وحتى الآن.وأضاف أن مجلس الدولة منذ توقيع المصالحة الليبية ويقوم بكثير من التجاوزات والتأويلات المغلوطة التي يحاول فيها أن يقدم مكانته كجسم تشريعي بدلا عن مجلس النواب.