"يا محلى أيام الحرب".. "حتى خلال الحرب لم نعش هذا الكم من الذل والقهر"، "لم نجع أيام الحرب".. هذا غيض من فيض الجمل التي يكررها آلاف اللبنانيين ممن تقطعت بهم سبل الحياة بعد أشهر من الانحدار الاقتصادي الذي لم تشهد له البلاد مثيلا منذ عقود.

فمنذ أشهر واللبنانيون يقفون في ما أسموها "طوابير الذل" سواء على محطات الوقود أو في الصيدليات أو المصارف حتى فاض بهم الكيل.

فيما السياسيون يتنازعون الحصص والتسميات، معرقلين تشكيل حكومة منذ أغسطس الماضي على الرغم من كافة التحذيرات الدولية لا سيما الأوروبية، والتلويح بعقوبات مقبلة على المعرقلين.

أما الناس الذين وضعت المصارف يدها على أموالهم و"جني العمر"، بحسب ما يتردد يوميا في أحاديثهم، فقد فقدَ العديد منهم الأمل وبات يحلم فقط بباب للهجرة.

ومنذ أيام تعيش البلاد على وقع أزمة وقود خانقة، فيما تصطف الطوابير لمسافات طويلة بغية تعبئة السيارات للتنقل.

ما دفع العديد من الناشطين والمتظاهرين أمس إلى قطع عدة طرق رئيسية، مضرمين النيران في إطارات السيارات وحاويات القمامة احتجاجا على النقص الحاد في مادة البنزين وانقطاع التيار الكهربائي في هذا البلد الغارق في أزمة غير مسبوقة.

يأتي ارتفاع حدة السخط في الشارع عشية الزيادة المقررة لأسعار الوقود بعد قرار الحكومة خفض الدعم عن المشتقات النفطية.

يضاف إلى أزمة الوقود انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة تجاوز أحياناً 21 ساعة في اليوم، إضافة إلى التقنين الذي فرضه أصحاب مولدات الأحياء بسبب نقص الوقود الذي أدى كذلك إلى تعطل العمل في بعض المستشفيات وتوقف عمل مقر الأمن العام في بيروت، بحسب وسائل إعلام محلية.

وإلى البنزين والكهرباء، يعيش اللبنانيون منذ حوالي السنتين معاناة حجز المصارف على أموالهم، فضلا عن غلاء غير مسبوق في الأسعار.

فمنذ اندلاع الأزمة في خريف 2019، المصنفة من بين الأشد منذ عام 1850 وفقاً للبنك الدولي، فقدت الليرة اللبنانية أكثر من 95% من قيمتها مقابل الدولار.

وتم تثبيت سعر الدولار عند 1507 ليرات منذ 1997، لكن سعر الدولار قد وصل الآن إلى 18 ألف ليرة.

إلى ذلك، تزامنت تلك الأزمات مع ارتفاع في معدل البطالة والتضخم وانقطاع في عدد كبير من الأدوية وارتفاع في أسعار المواد الغذائية المستوردة بغالبيتها، مما أدى إلى تسارع انتشار الفقر على نطاق واسع، بحيث يعيش نصف السكان الآن تحت خط الفقر، بحسب الأمم المتحدة.