أعلن المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت، القاضي طارق بيطار، الشروع بملاحقة عدد كبير من السياسيين، على رأسهم رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، ورؤساء أجهزة أمنية وعسكرية حاليين وسابقين.

وفي قرار مفاجئ اتخذه القاضي بيطار، الجمعة، تبنّى ادعاءات سلفه القاضي فادي صوّان، وحدد موعداً لاستجواب رئيس حكومة تصريف الأعمال (لم يفصح عنه)، واستدعاه إلى مكتبه لاستجوابه.

كما وجّه بيطار كتاباً إلى البرلمان طلب فيه رفع الحصانة النيابية عن كل من وزير المال السابق علي حسن خليل، ووزير الأشغال العامة السابق غازي زعيتر، ووزير الداخلية السابق نهاد المشنوق، تمهيداً للادعاء عليهم والشروع بملاحقتهم، بجناية القصد الاحتمالي لجريمة القتل (التي أودت بمئات الضحايا في انفجار المرفأ)، وجنحة الإهمال والتقصير (بعد تبلّغهم رسمياً بوجود باخرة نترات الأمونيوم الشديدة الخطورة وعدم اتخاذهم الإجراءات اللازمة لدرء خطر الانفجار).

وطلب المحقق العدلي من نقابة المحامين في بيروت أيضاً، إعطاءه الإذن لملاحقة خليل وزعيتر كونهما محاميان، في حين طلب الإذن من نقابة المحامين في طرابلس لملاحقة وزير الأشغال السابق يوسف فنيانوس كمدعى عليه بالجرائم نفسها.

ملاحقة قادة أمنيين وعسكريين وقضاة

وشملت الملاحقات قادة أمنيين وعسكريين، إذ طلب القاضي بيطار من وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي، الإذن للادعاء على المدير العام لجهاز الأمن العام اللواء عباس إبراهيم وملاحقته، فيما تبنّى بيطار ادعاء سلفه القاضي فادي صوان على قائد جهاز أمن الدولة اللواء طوني صليبا، وطلب من رئاسة الحكومة الإذن لملاحقته.

وادعى بيطار أيضاً، على قائد الجيش السابق العماد جان قهوجي، ومدير المخابرات السابق في الجيش العميد كميل ضاهر، والعميد السابق في مخابرات الجيش غسان غرز الدين، والعميد السابق في المخابرات جودت عويدات، وحدد مواعيد لاستجواب هؤلاء بشكل دوري.

كما أحال بيطار إلى النيابة العامة التمييزية بحسب الصلاحية، كتاباً طلب فيه إجراء المقتضى القانوني بحق عدد من القضاة والشروع في ملاحقتهم.

إخلاء موقوفين

وبتّ القاضي بيطار بطلبات إخلاء السبيل المقدمة من عدد من الموقوفين البالغ عددهم 19 شخصاً، فوافق على إخلاء سبيل اثنين منهم هما: الرائد في الأمن العام داوود فياض من دون كفالة، والمهندسة الموقوفة نايلة الحاج؛ فيما ردّ الطلبات الأخرى.

وفي 4 أغسطس 2020، أدى انفجار أطنان من نترات الأمونيوم المخزّنة في أحد عنابر مرفأ بيروت لسنوات من دون إجراءات وقاية، إلى سقوط أكثر من 200 قتيل و6500 جريح. ورفض لبنان إجراء تحقيق دولي، لكن محققين أميركيين وفرنسيين شاركوا في التحقيقات الأولية بشكل مستقل.

وفي يونيو الماضي، قالت مصادر مطلعة لـ"الشرق"، إن التحقيقات اقتربت من تحديد "المسؤوليات الداخلية"، مشيرةً إلى أن لدى المحقق العدلي "معلومات مهمة" مرتبطة بكيفية وصول مادة نترات الأمونيوم المسببة للانفجار إلى لبنان.

وأضافت المصادر أن هناك "خيوطاً قوية باتت قاب قوسين من تحديد هوية أصحاب البضاعة، وما إذا كانت قد أدخلت إلى لبنان عن قصد أو عن طريق الصدفة".

وأجج انفجار مرفأ بيروت غضب الشارع اللبناني الناقم على الطبقة السياسية التي يتهمها بالفساد، وبات يحمّلها مسؤولية الكارثة بعدما تبين أن أجهزة الأمن ومسؤولين سابقين وحاليين من الجمارك، وإدارة المرفأ، والحكومة، كانوا على علم بمخاطر تخزين نترات الأمونيوم في المرفأ.

ودخلت السياسة على خط التحقيق وأسهمت في عرقلته، خصوصاً بعدما ادعى المحقق العدلي السابق فادي صوان على مسؤولين سياسيين بتهمة الإهمال، قبل أن تتم تنحيته وتعيين طارق البيطار في فبراير الماضي.