إرم نيوز + بي بي سي العربية
سلط تقرير نشرته بي بي سي العربية، اليوم الاثنين، الضوء على تنبؤ دبلوماسيين بريطانيين، بأزمة كبيرة بين أدس أبابا والقاهرة، حول مياه النيل، إذا استطاعت إثيوبيا حشد التمويل اللازم لحجز المياه عن مصر، وذلك قبل عقود من تفجر أزمة سد النهضة.

وفي عام 2011 جمعت الحكومة الإثيوبية حوالي 5 مليارات دولار لتمويل بناء سد النهضة، الذي تساور مصر مخاوف قوية من أنه سيخفض حصتها الحالية من المياه البالغة 55.5 مليار متر مكعب سنويا، بينما كانت القاهرة حينها غارقة في الفوضى التي أعقبتها انتفاضة 25 يناير.

وجاء في التقرير الذي أعده مراسل الشبكة عامر سلطان، بناء على وثائق بريطانية، أن وزارة الخارجية البريطانية ”توقعت في أوائل ستينيات القرن الماضي أن يضع الإثيوبيون مصر في موقف صعب للغاية تحتاج إلى عون إلهي لمواجهته“.

وأشار التقرير إلى مفاوضات فنية غير رسمية، تمت بين مصر والسودان، ودول شرق أفريقيا عام 1961، برعاية بريطانيا، من أجل التوصل إلى صيغة مشتركة للتعامل مع مشكلة المياه، خاصة مياه النيل الأبيض.

نظرة ”غير مفهومة“

وبحسب الوثائق، كلفت بريطانيا حينها سفارتها في القاهرة بالاتصال بالمصريين للتعرف على سياستهم في التعامل مع مشكلة مياه النيل، وبعد مناقشات خلصت السفارة إلى أن نظرة نظام الرئيس جمال عبد الناصر آنذاك تجاه إثيوبيا ”غير مفهومة“.

وتطرقت الوثائق إلى اجتماع تم عام 1961 بين دبلوماسي في السفارة بالقاهرة ومحمد فائق، وهو مستشار الرئيس عبد الناصر للشؤون الأفريقية، تناول احتمال قيام إثيوبيا بمنع المياه من التدفق إلى مصر بشكل طبيعي.

وأوردت الوثائق قول فائق خلال الاجتماع: ”أود أن أوضح أن الدراسات الفنية التي أجريت في القاهرة أظهرت أنه حتى لو توفرت للإثيوبيين أموال لا حدود لها، فإنه لا يمكنهم حجز أكثر من 1 من 13 من مياه النيل الأزرق.. بمجرد ملء خزان سد أسوان العالي، فإن هذا الأمر لن يهم“.

وأضاف فائق: ”باعتقادنا هذا غير ممكن، وعلى أي حال، لن يحصل الإثيوبيون أبدا على الأموال الكافية لتنفيذ أكثر من جزء ضئيل من المخططات الممكنة فنيا، وليس لدى المصريين والسودانيين ما يخشون منه بخصوص هذا الأمر.. سياسة مصر تجاه إثيوبيا في العموم ليست غير ودية“.

رهان خطير

وبعد الاجتماع أوضح الدبلوماسي البريطاني في رسالة موجهة إلى مسؤولي بلاده أنه ”كان في حيرة ناتجة عن إدراكه أن حكومة الجمهورية العربية المتحدة (مصر) تبدو مستعدة جدا لإغاظة الإثيوبيين“.

وقال الدبلوماسي: ”لا أعلم ما إذا كان كلام فائق يستند إلى أدلة قوية، غير أن ما طرحه عزز رأيي بأن المصريين لا يقدرون الإثيوبيين.. ربما يعتقد المرء أن مصلحتهم (المصريين) الحيوية في النيل، سوف تؤدي لأن يسعوا إلى علاقات جيدة مع الدولة التي تملك مصدر خمسة وسبعين في المئة من المياه“.

وأضاف الدبلوماسي: ”نظرة المصريين المستقبلية تقوم على الاعتقاد بأنه من المرجح أن تتفكك الدولة الإثيوبية، عندما يموت الإمبراطور هيلا سلاسي.. لو تبين خطأ المصريين فستكون تلك نهايتهم“.

وأشار تقرير بي بي سي إلى أن الخارجية البريطانية قالت حينها في تقرير شامل بناء على المعلومات التي ترد من دبلوماسييها في القاهرة وأديس أبابا: ”إذا امتلك الإثيوبيون في أي وقت ثروة تضاهي أفكارهم بشأن النيل، كان الله في عون مصر“.

وأوضح التقرير أن الدبلوماسي البريطاني في القاهرة أوصى سلطات بلاده بعدم التدخل في أي أزمة بين مصر وإثيوبيا حول المياه، وتوقع ألا يقبل المصريون أن تكون بلادهم ”رهينة لسلاح المياه الاستراتيجي“.

وثائق تكشف تنبؤ بريطانيا بأزمة سد النهضة الإثيوبي قبل عقود
play icon
3c9e71f4-e250-4532-896c-a47ff781d3b1