العربية
يكافح مئات الآلاف من اللبنانيين سعياً وراء الدواء والبنزين والغذاء وسط أزمة اقتصادية غير مسبوقة ضربت البلاد منذ صيف 2019. ومنذ أشهر شرعت السلطات في السعي إلى ترشيد أو رفع الدعم عن استيراد السلع الرئيسية كالطحين والوقود والأدوية، لتبدأ تدريجياً من دون إعلان رسمي رفع الدعم عن سلع عدة، ما زاد من معاناة اللبنانيين.
وأمس الأربعاء ألهب فيديو وسائل التواصل الاجتماعي، حيث اقتحم مجموعة من المحتجين مستودعاً للأدوية في طرابلس شمال البلاد. فالتجار يخبئون الأدوية عن المواطنين لحين رفع أسعارها وإعادة توزيعها على الصيدليات! والشعب يبحث عن الأدوية ولا يجدها.
هذا المشهد أغضب اللبنانيين وانهالت الانتقادات والتعليقات عليه، من بينها "ما لازم نسكت"، "هذه الأدوية يجب أن توزع على الناس المحتاجة"، "الفساد مبلش فيكم يا تجار"، وغيرها.
إضراب عام ومفتوح
وفي تطور في ملف الأدوية، أعلن "تجمع أصحاب الصيدليات" في بيان الإضراب العام والمفتوح على كامل الأراضي اللبنانية اعتباراً من صباح يوم غد الجمعة، لحين إصدار وزارة الصحة لوائح الأدوية وتصنيفها بحسب الاتفاق مع المصرف المركزي، "وهي الطريقة الوحيدة التي ستحمل المستوردين على الإفراج عن الأدوية التي وعدهم مصرف لبنان بصرف الاعتمادات لها مراراً ليعود وينكث بوعوده لهم، فيستفيد منها المرضى بالسعر الذي تحدده وزارة الصحة لكل دواء بعد إصدار المؤشر الجديد للأسعار".
هذا الموقف أتى، بحسب البيان، "بعدما أصدر مصرف لبنان المركزي قراره النهائي بشأن حصر الدعم بأدوية السرطان والأدوية المستعصية والمزمنة ولفترة زمنية محدودة، وبعد توقف المستوردين شبه الكامل عن تسليم الدواء للصيدليات، والاعتداءات المتكررة وحالات السطو على المؤسسات الصيدلانية من قبل البعض بحجة عدم حصولهم على أدويتهم، إضافة إلى انتشار الأدوية المزورة والمهربة بشكل غير مسبوق في البيوت والمستودعات وعلى وسائل التواصل الاجتماعي وفي دور العبادة، بحيث يتاجر فيها من لا يفقه بعالم الدواء وخطورته وطريقة حفظه بهدف تحقيق الأرباح بغطاء إنساني مقنع".
مماطلة وزارة الصحة
كما شدد على أن موقفه جاء بعد مماطلة وزارة الصحة في إيجاد الحلول وتجاهلها للانهيار الحاصل في الأمن الدوائي منذ أشهر، والاكتفاء بتصريحات "غير مسؤولة عبر الإعلان أن الدعم خط أحمر وكأن كل شيء على ما يرام وأموال الدعم متوفرة".
إلى ذلك أوضح أن وزير الصحة أطلع التجمع منذ يومين "بقراره الذي جاء متأخراً بالبحث عن أدوية بديلة بسعر مناسب لتعويض النقص في السوق الدوائي وفقدان الأدوية التي رفع عنها الدعم علماً أن هكذا أدوية، وفي حال توافرت، ستحتاج لأشهر لتوزيعها في الأسواق، ريثما يتم عقد صفقات شرائها وإخضاعها لاختبارات الجودة وصولاً إلى شحنها وتوزيعها".
انهيار متمادٍ
يشار إلى أنه منذ صيف 2019 يشهد لبنان انهياراً اقتصادياً متمادياً، فقدت معه العملة المحلية أكثر من 90% من قيمتها أمام الدولار. وبات أكثر من 55% من السكان يعيشون تحت خط الفقر على وقع تدهور قدراتهم الشرائية.
ولا تلوح في الأفق أي حلول جذرية لإنقاذ البلاد، ويغرق المسؤولون في خلافات سياسية حادة حالت منذ انفجار مرفأ بيروت في أغسطس الماضي دون تشكيل حكومة قادرة على القيام بإصلاحات يضعها المجتمع الدولي شرطاً لحصول لبنان على دعم مالي.