إرم نيوز قالت صحيفة ”نيويورك تايمز“ الأمريكية، إن ”سيف الإسلام القذافي، نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، لا يزال على قيد الحياة، ويريد استعادة ليبيا“.وذكرت، في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني، اليوم الجمعة: ”منذ 10 أعوام، وبالقرب من مدينة أوباري الصحراوية، نصبت مجموعة من المتمردين المسلحين كمينا لقافلة صغيرة كانت تحاول الفرار باتجاه النيجر. وأوقف المسلحون السيارة، وعثروا فيها على رجل شاب أصلع، على يده اليمنى ضمادات من أثر الجروح“.وأضافت: ”وجدوا أن وجه الشاب مألوف للغاية، حيث كان يظهر على شاشات التلفاز الليبي باستمرار، وهو سيف الإسلام القذافي، النجل الثاني لمعمر القذافي، وأحد أبرز المطلوبين لدى المتمردين“.أمل ليبيا في السابقوتابعت الصحيفة قائلة: ”حتى بداية الانتفاضة الليبية عام 2011، كان يُنظر إلى سيف الإسلام القذافي على نطاق واسع في الغرب بأنه أفضل أمل أمام ليبيا من أجل الإصلاح، حيث بدا من خلال مظهره الأنيق، ولغته الإنجليزية التي يتحدثها بطلاقة، أنه أفضل كثيراً من والده المتقلب“.وأشارت إلى أن ”سيف الإسلام القذافي، درس في كلية لندن للاقتصاد، وكان يتحدث لغة الديمقراطية وحقوق الإنسان. وألقى محاضرات عن التربية المدنية للشباب الليبي، حتى أن بعض أصدقائه الغربيين تحدثوا عنه باعتباره المنقذ المحتمل لليبيا“.ولكن ”عندما اندلعت الثورة في ليبيا، انضم سيف الإسلام القذافي، إلى القمع الوحشي الذي شنّه نظام والده، وكان من الممكن أن يقوم المتمردون، الذين احتفلوا بعد 9 أشهر، بإعدام والده ومسؤولين بارزين آخرين، إلا أن حظه كان جيداً بعد سقوطه في أيدي كتيبة مستقلة منفتحة، قامت بحمايته من فصائل التمرد الأخرى، ونقلته إلى الزنتان، المنطقة الجبلية الواقعة جنوب غرب طرابلس“.وكان سيف الإسلام القذاقي مطلوباً أيضاً من قبل المحكمة الجنائية الدولية، ما جعله رهينة قيمة، واحتُفظ به في الزنتان كسجين لهم، حتى بعد أن أجرت ليبيا انتخابات عام 2012.وأشارت الصحيفة، إلى ”كواليس الحوار الذي تم إجراؤه مع سيف الإسلام القذافي في مايو الماضي، وذلك وسط إجراءات أمنية مشددة حتى الوصول إلى مقر إقامته في فيلا مكونة من دورين في مدينة الزنتان، حيث استقبلهم سيف الإسلام القذافي، وكان أول سؤال موجّه له، بعد فترة صمت صعبة، حول ما إذا كان لا يزال سجيناً في مقر إقامته“.خطط سيف الإسلام القذافيوقال سيف الإسلام القذافي: إنه ”حر، ويخطط كي يعود إلى الساحة السياسية، حيث أصبح المتمردون الذين اعتقلوه منذ عقد محبطين للغاية من الثورة، وأدركوا في نهاية المطاف، أنه يمكن أن يكون حليفاً قوياً“.وأضاف: ”لم يجلب السياسيون سوى البؤس. وحان الوقت للعودة إلى الماضي. لقد اغتصبوا ليبيا، إنها الآن جاثمة على ركبتيها. لا يوجد مال ولا أمن. لا توجد حياة هنا. اذهب إلى محطة الوقود، لا يوجد ديزل، نصدر النفط والغاز إلى إيطاليا، نضيء نصف إيطاليا، ونعاني من انقطاع التيار الكهربائي هنا. إنه أكثر من مجرد فشل. إنه إخفاق تام“.وبحسب ”نيويورك تايمز“: فإنه ”تم التعامل مع طموحات سيف الإسلام القذافي الرئاسية بجدية شديدة، خلال المحادثات التي أسفرت عن تشكيل الحكومة الليبية الحالية، وتم السماح لأنصار سيف الإسلام القذافي بالمشاركة، وناوروا حتى الآن بذكاء للتغلب على قواعد الانتخابات التي من شأنها أن تمنعه من الترشح“.تأييد شعبي ملحوظتشير استطلاعات الرأي المحدودة في ليبيا، إلى أن أعداداً كبيرة من الليبيين، تصل نسبتهم إلى 57%، أعربوا عن ثقتهم في سيف الإسلام القذافي، وجاء الدليل على قوته السياسية قبل عامين، عندما دفع أحد منافسيه 30 مليون دولار لاغتياله، ولم تكن هذه هي المحاولة الأولى لقتله.وأردفت الصحيفة الأمريكية قائلة: ”سيكون انتصار سيف الإسلام بالتأكيد انتصارا رمزياً للمستبدين العرب، الذين يشاركونه في مشاعر الكراهية للربيع العربي. كما سيكون موضع ترحيب كبير في روسيا، التي دعمت الرجال الأقوياء في جميع أنحاء الشرق الأوسط، ولا تزال لاعبا عسكريا مهما في ليبيا، مع وجود جنودها وحوالي ألفين من المرتزقة على الأرض“.ونقلت عن دبلوماسي أوروبي يملك خبرة واسعة في ليبيا، قوله: ”يعتقد الروس أن سيف الإسلام القذافي يمكن أن يفوز.. يبدو أنه يملك أيضاً داعمين أجانب آخرين“، إلا أن الدبلوماسي التزم الحذر في الإدلاء بتفاصيل إضافية في هذا الصدد.واستطردت قائلة: ”يواجه سيف الإسلام القذافي عقبة خطيرة من الخارج، فهو مطلوب بسبب ارتكابه جرائم ضد الإنسانية من قبل المحكمة الجنائية الدولية، وبناءً على دوره في حملة 2011. فقد حوكم في محاكمة منفصلة في طرابلس عام 2015، وظهر عبر رابط فيديو من قفص في الزنتان، وأدين وحكم عليه بالإعدام رميا بالرصاص، ويحق له الاستئناف بموجب القانون الليبي، وقال إنه واثق من أن هذه القضايا القانونية يمكن التفاوض بشأنها إذا اختارته غالبية الشعب الليبي زعيما لهم“.وقالت الصحيفة: ”من مزايا سيف الإسلام القذافي السياسية، اسمه. فهناك حقيقة أخرى، وهي الحقيقة الغريبة المتمثلة في أن نجل معمر القذافي، وهو نفس الرجل الذي وعد بأنهار من الدماء في خطاب ألقاه عام 2011، ينظر إليه الآن من قبل الكثيرين على أنه المرشح الرئاسي الأكثر نظافة، فقد تعرض جميع المتنافسين السياسيين الآخرين للخطر مؤخراً، سواء فيما يتعلق بالتعامل الذاتي، أو نتيجة علاقاتهم مع البلطجية الذين يحملون السلاح، وتم الترحيب بهم في السابق بوصفهم أبطالا للثورة“.وأشارت ”نيويورك تايمز“ إلى أن ”عودة سيف الإسلام القذافي بالنسبة للعديد من الليبيين، ستكون وسيلة لإغلاق الباب أمام عقد ضائع. ولطالما كان لغزاً. لأنه كان من المفترض أن يكون الخليفة المختار للقذافي، فقد وضع الكثير من الناس داخل البلاد وخارجها آمالهم عليه“.وفي سؤال تم توجيهه إلى سيف الإسلام القذافي، حول ما إذا كانت ليبيا تحتاج إلى المزيد من الديمقراطية، ردّ بقوله: ”لا. المزيد من الديمقراطية يعطي انطباعاً بأن لدينا بعض الديمقراطية بالفعل“.وقالت الصحيفة: ”كان من الممكن أن يكون سيف الإسلام القذافي، الشخص المثالي للوساطة بين نظام والده ومتمردي 2011، لقد كان على الصعيد الشخصي مقرباً من الشخصيات البارزة في حركة الاحتجاج، حتى إن الإسلاميين الذين شاركوا في حركة 2011 كانوا مدينين له، فقد ساعد في تنظيم العفو الذي أخرج زعماءهم من السجن قبل بدء الانتفاضة“.الثورة الليبية تأكل أبناءهاونقلت الصحيفة عن سيف الإسلام القذافي روايته بأنه ”خلال السنوات الأولى من أسره، لم يكن على اتصال بالعالم الخارجي تقريبا، وعاش فيما يشبه الكهف، غرفة في الطابق السفلي في منزل صحراوي في مدينة الزنتان، ولم تكن هناك نوافذ، وفي معظم الأوقات لم يكن يعرف ما إذا كان الوقت ليلا أم نهارا، فقد كان وحيدا تماما، وكان يعلم أنه قد يموت في أي وقت، وأصبح أكثر تدينًا. ثم ذات يوم في أوائل عام 2014، كانت هناك زيارة غيرت كل شيء، حيث اقتحم اثنان من لواء الزنتان غرفته الصغيرة، وكانا غاضبين ومجهدين ويريدان التحدث.وأوضحت: ”كان الرجلان قد شاركا في التمرد ضد القذافي، ولكن الآن انهارت الوحدة الثورية، وكان لأحدهما ابن أصيب برصاصة في رأسه خلال معركة بالأسلحة النارية مع ميليشيات منافسة من مدينة مصراتة، الواقعة على ساحل البحر المتوسط. وكانا يشعران بالمرارة، وبسبب خسائرهم الشخصية. قاما بسبّ الثورة، قائلين إنها كانت كلها خطأ، وإن سيف الإسلام القذافي ووالده كانا على حق طوال الوقت“.وأشار سيف الإسلام القذافي، إلى أنه شعر بأن شيئاً يتغير عندما استمع إلى الرجلين، حيث كانت الثورة ”تأكل أبناءها“، في نهاية المطاف، وشعر الليبيون بالاشمئزاز لدرجة أنهم سينظرون إلى عهد القذافي بحنين إلى الماضي. وهذا بدوره قد يمنحه فرصة لاستعادة كل ما فقده.نفوذ الميليشياتورأت ”نيويورك تايمز“ أن شعور سيف الإسلام القذافي كان حقيقيا، في ظل أن الميليشيات المحلية الليبية هي القوة العسكرية الأكبر في ليبيا الآن، وتملك حق النقض الذي لا ينافسها فيه أحد.وأضافت بقولها: ”يمكن أن يكون الفساد موضوعا رئيسا في حملة سيف الإسلام القذافي للصعود إلى قمة الهرم السياسي الليبي.. أشار أحد الاستطلاعات إلى أن الفساد هو من بين أهم مخاوف الليبيين، حيث يتفوق على الإرهاب والبطالة والقيادة الفاشلة.. قام القادة العسكريون الجدد في ليبيا، والذين كانوا فقراء في الغالب حتى عام 2011، بإثراء أنفسهم، على عكس نظام القذافي، الذي وزّع عائدات النفط الليبي كما يحلو له، فإن النخبة الجديدة تحصل على حصتها إلى حد كبير عن طريق الاحتيال والاختلاس والتهريب“.أقوى رجل في ليبياومضت تقول: ”المخططات متنوعة بشكل لا نهائي، ولكن لكي تنجح، يجب أن تتخطى رجلا متواضعا يجلس منفردا في مكتب جميل مكسو بألواح رخامية في طرابلس، اسمه صادق الكبير، وهو محافظ البنك المركزي الليبي، الذي كان يدفع رواتب جميع الأطراف في الحرب الأهلية الليبية منذ بدايتها، قد يكون ”الكبير“ أقوى رجل في ليبيا، رغم أن اسمه لا يعرفه الغرباء كثيرا“.وتابعت بقولها: ”نشأ نفوذ ”الكبير“ من سيطرة البنك المركزي الليبي على عائدات النفط، كما أنه يشرف على دفع رواتب الميليشيات في البلاد، رغم حروبها بين الأشقاء وعدم احترام القانون، فقد كانت على جدول رواتب الدولة منذ عام 2011″.ونقلت عن ”الكبير“ قوله: ”ليبيا لديها الآن أعلى نسبة من موظفي الدولة في العالم.. بدأت المشكلة في عهد القذافي، الذي دمر القطاع الخاص ثم اشترى السلام الاجتماعي من خلال توزيع وظائف حكومية لا نهاية لها.. تنفق الدولة الآن بكثافة على الإعانات لدرجة أن البنزين أرخص من الماء، الأمر الذي جعل التهريب على نطاق واسع أمراً لا يمكن إيقافه“.في بعض الأحيان ، كان الفرع الشرقي للبنك المركزي، في مدينة بنغازي، يستخدم الدينار الليبي البديل المطبوع في روسيا. قال ”الكبير“: ”لقد اتخذنا قراراً بعدم قبول تلك الدنانير، لكن بعد ذلك تم قبولها في البنوك التجارية.. إنه موقف فريد من نوعه تماما“.ونقلت عن سيف الإسلام القذافي قوله، في نهاية التقرير المطول: ”نحن كالسمكة والشعب الليبي مثل البحر بالنسبة لنا.. دونهم نموت، من هنا نحصل على الدعم. نختبئ هنا. نحن نقاتل هنا، ونحصل على الدعم من هناك، فالشعب الليبي محيطنا“.