أكد رئيس وزراء السودان، عبدالله حمدوك أن حكومته عملت خلال عامين على معالجة الميراث الثقيل للنظام السابق، شمل ذلك كافة المناحي الاقتصادية السلبية منها، ميزان المدفوعات، الميزان التجاري، العجز في الموازنة.. وتركة ضخمة جداً من الديون تصل إلى 60 مليار. مع وجود البلاد في قائمة الدول الراعية للإرهاب.
وقال حمدوك في مقابلة خاصة مع قناة الشرق للأخبار إن معالجة هذا الميراث بدأت بحذف اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب الذي يمثل مفتاح الحلول للقضايا الاقتصادية التي تعاني منها البلاد.
وحول تأثير الأوضاع الاقتصادية على ظروف المعيشة للمواطنين، وخاصة فيما يتعلق بقطاع الطاقة، والانقطاع المستمر للكهرباء، قال حمدوك "بكل تأكيد هذه أهم التحديات، ومشاكل الطاقة تأتي على رأس قائمة مشكلات البنية التحتية". وأضاف "نحن ورثنا قطاع طاقة فيه تدهور وعدم صيانة لسنوت طويلة تصل لـ10 سنوات. قطاع قائم على الديزل والمحروقات والتوليد الحراري، مع بعض من التوليد الهيدرولوجي. نحن في عالم اليوم نتجه التوجه السليم والصحيح في مسألة الطاقة نحو الطاقات المتجددة".
تضمنت خطط الحكومة لحل مشكلة الطاقة، بحسب حمدوك، التواصل مع عدد كبير من الشركات، مثل "جنرال موتورز" و"سيمينز" ، وتم البدء في مشاريع حقيقية، متوقعاً إنجاز مشاريع توليد طاقة شمسية تكفي حاجة البلاد خلال العام المقبل.
وحول معدلات التضخم المرتفعة قال حمدوك، نعمل على خفض التضخم. موضحاً "أن الأسباب التي تحكم التضخم مرتبطة بالسياسية الخاصة بتمويل الميزانية، التي تعرف بالتمويل بالعجز، والذي يعني في الأساس طباعة النقود. نحن أوقفنا هذا النوع من التمويل، أعقبها توحيد سعر الصرف، ومنذ فبراير الماضي لم تكن هناك أي طباعة للنقود، وأوقفنا التمويل بالعجز، وسيساهم ذلك بشكل أساسي في خفض معدلات التضخم".
وأكد حمدوك خلال مقابلته مع "الشرق" على أن قطاع البنوك يحتاج لعمليات هيكلة حتى يفي بالمعايير الدولية المطلوبة، وهو ما قد يتطلب عمليات اندماج بين البنوك الصغيرة من أجل رفع رأس المال وتكوين كيانات أكبر. استشهد حمدوك بالبنك الزراعي والذي يلعب دوراً هاماً في عمليات التمويل الزراعي، ولكن يعمل برأسمال صغير جداً الأمر الذي يستدعي العمل على تطويره.
ثروات السودان
قال حمدوك إن السودان لديه ثروات طبيعية كثيرة، ويتم العمل على الاستفادة منها من خلال تقسيم السودان لخمس أحزمة تنموية، يشمل الحزام الأول، ويسمى حزام التمازج، هذا الحزام يربط السودان مع دولة جنوب السودان، ويمتد بطول ألفيْ كيلومتر، وهو من أغنى مناطق السودان، به ثروة معدنية، وحيوانية، وزراعية، وهو يبدأ من حدود السودان مع إفريقيا الوسطى، حتى إثيوبيا شرقاً، مشيراً إلى أن هذا الحزام يسهم في بناء علاقات متميزة جداً مع جنوب السودان.
أضاف حمدوك أن الحزام الثاني، يسمى حزام الصمغ العربي، ويمتد من تشاد وحتى حدود إثيوبيا، وبه أغنى ثروة تحتكرها السودان وهي الصمغ العربي، حيث ينتج السودان منها أكثر من 80% من الإنتاج العالمي، ولكن لا يزال يتم تصديره بشكل خام، وتستفيد منه دول أخرى بأضعاف الأرباح من خلال عمليات التصنيع التي تتم عليه.
الحزام الثالث هو حزام الأنهار، والذي يبدأ من النيل الأبيض غرباً، إلى حد نهر عطبرة. حيث قال حمدوك إنه غني بالموارد المائية ويمكننا تطوير الزراعة المروية به، تسمح لنا بإنتاج جميع المحاصيل التجارية مثل، القطن، زهرة الشمس، الذرة، السمسم.
الحزام الرابع يسمى حزام المحاصيل النوعية، ويمتد من الخرطوم شمالاً حتى الحدود مع مصر. وهو حزام المحاصيل النوعية من البقوليات إلى الفواكه والخضراوات. وآخر حزام يسمى حزام الشرق، بطول ساحل البحر الأحمر، من مزاياه الموانئ والثروات المعدنية والزراعية والحيوانية.
وأشار حمدوك إلى ارتفاع الإنتاج الزراعي في السودان خلال العام الأخير، حيث تضاعفت مساحة زراعات القطن 4 مرات، لتصل إلى مليون فدان، فيما ارتفع إنتاج القمح من خلال زراعته بمناطق جديدة ليغطي نصف احتياجات البلاد.
حول ملف الديون، قال حمدوك "ورثنا تركة مثقلة من الديون، 60 مليار، كانت أولى خطواتنا أن نتخلص من عبء هذه الديون، ولذلك اتجهنا للاندماج مع المجتمع الدولي، وبدأنا مبادرة "هيبيك"، آلية الدول الفقيرة المثقلة بالديون، وقطعنا شوطاً كبيراً، وتم التوافق مع نادي باريس على إعفاء أكثر من 60% من الديون، والتقينا ببلدان من خارج نادي باريس، واستطعنا التوصل إلى تفاهمات. وتم إلغاء الديون في زمن قياسي خلال 6 أشهر عبر آلية الهيبيك.
الاستثمار الأجنبي
أشار حمدوك إلى أن الإصلاح الاقتصادي الذي تعمل عليه البلاد ساهم بصورة كبيرة في تعظيم فرص جذب الاستثمارات الأجنبية، منوهاً بالاتفاق مع السعودية في مارس الماضي على إطلاق صندوق للاستثمار في السودان بقيمة تصل إلى 3 مليارات دولار، وبسقف يصل إلى 10 مليارات دولار.
سد النهضة
وحول موقف السودان من ملف سد النهضة، أكد حمدوك على أهمية السد للسودان في حال التوافق مع اثيوبيا، حيث يمكن أن يمد السودان باحتياجاته من الكهرباء، خاصة وأنه سيوفر طاقة فائضة لدى أثيوبيا، مؤكداً على أن الحل العسكري لهذا الملف غير مطروح، وأن الاتفاق السياسي حول هذا الملف هو الأفضل، خاصة وأن السودان ستكون الأكثر تضرراً حال وجود أي حلول غير سياسية.