على خلفية حادث سير مروري ووقوع جرحى نتيجته، اندلع شجار عنيف بين أفراد عشيرتين، داخل ردهات مستشفى المحمودية العام، في العاصمة العراقية بغداد، دون أدنى مراعاة لوجود مرضى بعضهم في حالات حرجة.
وبات تكرر هذه النزاعات والشجارات العشائرية داخل أروقة المستشفيات، يثير السخط والانتقاد في الشارع العراقي، لتقاعس الجهات المعنية عن كبحها ووضع حد لها، كونها باتت تهدد أمن المجتمع عامة والمستشفيات والمؤسسات الصحية خاصة، حيث تقلق راحة المرضى وتعرض حياتهم للخطر.
وفي هذا السياق انتقد بعنف، مدير عام دائرة صحة الكرخ ببغداد، جاسم الحجامي، هذه الحوادث قائلا: "عندما يغيب الوعي والعقل ويسود الجهل والتخلف، تكون هذه النتائج، بعض أفراد العشائر لم يكتفوا بنزاعاتهم في الشوارع، فنقلوها إلى المستشفيات في ظاهرة جديدة بدأت تتكرر كل يوم في أغلب المستشفيات العراقية، مما يتطلب وقفة جادة من الجهات الأمنية والقانونية وعقلاء القوم من عشائرنا العريقة الذين يشهد لهم الجميع بالحكمة وحسن التصرف والسيطرة على أفراد عشائرهم".
وكانت حادثة مماثلة قد حصلت قبل أيام قليلة في مستشفى اليرموك التعليمي، بالعاصمة العراقية بغداد، حيث لا تقتصر الأضرار جراء هذه الحوادث على المادية فقط، بل والأخطر من ذلك بحسب رواد السوشيال ميديا العراقية، هي الأضرار النفسية والصحية، التي تطال مرضى لا ناقة لهم ولا جمل، في هذه المعارك والمنازلات العشائرية، التي باتت تحدث بشكل شبه يومي في مختلف المحافظات العراقية.
وتعليقا على مدى خطورة تنامي ظاهرة العنف العشائري هذه، وأبعادها وخلفياتها النفسية والسوسيولوجية، يقول قاسم حسين صالح مؤسس ورئيس الجمعية النفسية العراقية، في حوار مع موقع "سكاي نيوز عربية": "ثمة سببان رئيسيان لهذه الظاهرة، الأول: غياب القانون، وضعف سلطة الدولة، والثاني السيكولوجي وهو الأهم: أن أحزاب السلطة أشاعت الانتماء إلى الهويات الفرعية، من طائفية وقومية وعشائرية... وحين تشيع هذه الظاهرة على مدى 18 سنة، فهي تؤدي بطبيعة الحال إلى التعصب وتشيع بين الناس سيكولوجيا الغالب والمغلوب".
ويضيف صالح الأستاذ الجامعي في الصحة النفسية: "كل عشيرة تتصرف بهذه العدوانية المتخلفة، تكون مسنودة من حزب أو كتلة أو نائب برلماني أو مسؤول كبير، وثمة عامل سيكولوجي آخر حين تشيع الكراهية بين مكونات المجتمع، وتتحول إلى عنف وعدوان، فإن العقل العشائري يتطبع بهذا السلوك، ويرى فيه أنه الأسلوب المطلوب منه للتعامل مع الآخر، حتى لو كلفه تضحيات، فالعقل العشائري يرى أن قتل الآخر أسهل عليه من إهانة توجه له، لإنه عقل انفعالي لا يفكر بنتائج تصرفه، ويكون محكوم بانفعال اللحظة ويموت عنده المستقبل تماما".
وتندر معلقون على أن المريض في مستشفيات العراق، بات عليه التحسب مثلا لضربة كرسي طائشة قد تقع على رأسه، أو حتى رصاصة تصيبه، وهو على فراش المرض، خلال اندلاع المنازعات العشائرية داخل أماكن يفترض أنها للاستشفاء والنقاهة والراحة، لكنها تحولت ميدانا لممارسة العنف والصدامات العشائرية.