أ ف ب
أصدر المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار، مذكرة توقيف غيابية بحق وزير سابق؛ بعد تخلّفه عن حضور جلسة استجواب كانت محددة، الخميس، وفق ما أفاد مصدر قضائي لبناني.

وجاء إصدار المذكرة غداة دعوة 145 جهة من منظمات حقوقية لبنانية ودولية وناجين وعائلات الضحايا مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة إلى إنشاء بعثة تحقيق دولية مستقلة ومحايدة، وسط مخاوف من ضغوط سياسية متزايدة تعرقل تقدّم التحقيق المحلي.

وقال المصدر، إن بيطار أصدر مذكرة توقيف غيابية بحق وزير الأشغال العامة والنقل السابق يوسف فنيانوس ”بعد امتناعه عن المثول أمامه لاستجوابه اليوم، رغم تبلغه موعد الجلسة وفق الأصول“.

وتولى فنيانوس (57 عاما)، وهو محام مقرب من زعيم تيار المردة سليمان فرنجية، مهامه الوزارية في الفترة الممتدة بين العامين 2016 و2020.

وأدى انفجار ضخم في مرفأ بيروت، في 4 آب/ أغسطس 2020، عزته السلطات إلى تخزين كميات كبيرة من نيترات الأمونيوم من دون إجراءات وقاية، إلى مقتل 214 شخصا على الأقل، وإصابة أكثر من 6500 آخرين بجروح، عدا عن دمار واسع ألحقه بالمرفأ وأحياء في العاصمة.

وتبيّن لاحقا أن مسؤولين على مستويات عدة سياسية وأمنية وقضائية كانوا على دراية بمخاطر تخزين هذه المادة ولم يحركوا ساكنا.

وحدد بيطار، في تموز/ يوليو، موعدا لاستجواب رئيس الحكومة السابق حسان دياب، كما طلب من البرلمان رفع الحصانة عن ثلاثة نواب تولوا سابقا مناصب وزارية، هم: علي حسن خليل (المال)، غازي زعيتر (الأشغال) ونهاد المشنوق (الداخلية) ”تمهيدا للادعاء عليهم والشروع بملاحقتهم“.

كما طلب بيطار من نقابة المحامين في طرابلس منحه الإذن لملاحقة فنيانوس، ومن وزير الداخلية منحه الموافقة للادعاء على المدير العام للأمن العام اللواء عبّاس إبراهيم.

ولم يحضر أي من المسؤولين المذكورين إلى جلسات الاستجواب، مع رفض الجهات المعنية طلبات بيطار الذي يواجه اتهامات متزايدة بـ“التسييس“ من قوى سياسية رئيسية على رأسها حزب الله، القوة السياسية والعسكرية الأبرز، وتجمّع رؤساء الحكومات السابقون، بينهم زعيم تيار المستقبل سعد الحريري، خصوصا منذ ادعائه على دياب.

وقبل أيام، غادر دياب الذي كان من المقرر أن يستجوبه بيطار، الإثنين المقبل، إلى الولايات المتحدة، في زيارة عائلية، رغم صدور مذكرة إحضار بحقّه، ما يعني أنه سيتغيب مجددا عن جلسة الاستجواب.

وإثر صدور مذكرة التوقيف، قال محامي فنيانوس، نزيه الخوري، الخميس: ”ما حصل اليوم مخالفة فاضحة للقانون والأصول القضائية، ونحن كفريق دفاع بصدد دراسة الخيارات التي قد نلجأ إليها في الأيام المقبلة، والتي يتيحها لنا القانون“.

ويخشى مراقبون من أن تؤدي الضغوط السياسية إلى عزل بيطار، على غرار ما جرى مع سلفه القاضي فادي صوان الذي جرت تنحيته بعد ادعائه في كانون الأول/ ديسمبر على دياب وثلاثة وزراء سابقين، بينهم فنيانوس، في خطوة أثارت امتعاضا سياسيا، ولم يمثل أي منهم أمامه.

وندّدت المنظمات الحقوقية وعائلات الضحايا والناجين في رسالة مشتركة إلى الأمم المتحدة نشرتها، الثلاثاء، بمحاولة القادة السياسيين ”التشكيك في حيادية“ بيطار واتهامه بأنه ”مُسيّس“.

وشدّدت على أن ”تقاعُس التحقيق المحلي عن ضمان المحاسبة يُبيّن بوضوح ثقافة إفلات المسؤولين من العقاب، التي طالما وُجدت في لبنان“.

وأضافت: ”عرقلة السلطات المخزية لمسعى الضحايا إلى معرفة الحقيقة وإحقاق العدالة، تُعزز الحاجة إلى تحقيق دولي في تقاعس الدولة اللبنانية عن حماية الحق في الحياة“.

ومنذ وقوع الانفجار، رفضت السلطات تحقيقا دوليا، لكن محققين فرنسيين وأمريكيين شاركوا في التحقيقات الأولية بشكل مستقل.