الحرةتلقى الرأي العام اللبناني صدمة، الثلاثاء، بعد مشاهد وصور انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، تظهر تفاصيل مجزرة بكل ما للكلمة من معنى ارتكبت داخل حرم الجامعة اللبنانية في منطقة الحدث في ضواحي بيروت.

المجزرة طالت مجموعة من الكلاب الشاردة التي كانت تعيش ضمن نطاق الحرم ومحيطه، جرى خلالها قتل نحو 12 كلباً ودفنها عن سابق إصرار وتصميم.

وفي التفاصيل التي نقلها نشطاء متابعون للقضية، بدأت الحادثة تتكشف بعد اختفاء مجموعة كبيرة من الكلاب التي اعتاد طلاب الجامعة على رؤيتها وإطعامها والاهتمام بها، وبحسب الناشطة اللبنانية في قضايا الرفق بالحيوان غنى نحفاوي، فإن "تقاعس البلديات عن الاهتمام بالكلاب الشاردة، رغم وجود قانون يفرض ذلك، زاد من نسبة تكاثر الكلاب في الشارع، وعليه أخذنا نحن كمجموعة نشطاء المبادرة، كل بحسب منطقته، من أجل الاهتمام بهذه الكلاب، إيمانا منا بأن الإنسانية لا تتجزأ وبواجبنا الإنساني تجاه هذه الكلاب المسكينة".

وتؤكد غنى، التي تتابع قضية الاهتمام بهذه الكلاب قبل واقعة قتلهم، أن "مجمع رفيق الحريري الجامعي، يأوي مجموعة من الكلاب ضمن نطاق بلدية الحدث ومحيطها، عاشت وتكاثرت في تلك المنطقة التي تضم مساحات طبيعية وأشجار تسمح للكلاب بالعيش فيها، خاصة أنها مساحة واسعة وغير مسيجة، مما جعلها ملاذاً آمناً منذ عام 2015، وباتت الكلاب مقربة من الطلاب واعتادوا على وجودها، وعددهم 12 بتنا نعرفها جميعا وأطلقنا عليها أسماء ونحفظها جيدا".

اختفاء مريب

إلا أن المجموعة بأكملها اختفت منذ الجمعة الماضية، وفقاً لغنى، "ولم يعثر النشطاء الذين اعتادوا على إطعام الكلاب على أي أثر لها، وجاء ذلك بعد تناقل كلام في الجامعة بين الطلاب مصدره الإدارة ومسؤولي الأمن، يفيد بوجود نية للتخلص من هذه الكلاب.. نادوا عليها بأسمائها، التي لطالما استجابت لها فلم تحضر".

"عند تلك المرحلة بات هناك شكوك لدينا حول أسباب الاختفاء"، تضيف غنى، "إلى أن عثرنا على أحد الكلاب لا يزال حياً ويتألم في الأرض مظهراً عوارض تسمم بسم "اللانيت"، المستخدم عادة في قتل الحيوانات، كذلك سمعت طلقات نارية يوم الجمعة في المنطقة، لتظهر فيما بعد كلاب مصابة والدم ينتشر على أرض حرم الجامعة، كما وصلتنا معلومات تؤكد أنه جرى دفن جثث حوالي 5 منها داخل الحرم".

لما جامعة الوطن بتتحول لمقبرة "حرفياً" لمقبرة، ما بعود في للكلام اي حاجة! لما بتكون البلدية متقاعسة عن واجباتها بتنفيذ...

Posted by Ghina Nahfawi Baltahji on Monday, September 20, 2021

"ما جرى أننا في البداية لم نصدق الخبر، وتوجهنا إلى هناك بالتعاون والتنسيق مع جمعية "أنيمالز ليبانون"، ونبشنا القبور بأيدينا وعثرنا على جثث الكلاب ورأيناها بأعيننا، فيما تنبعث من المكان روائح الجثث المتحللة بسبب طريقة الدفن البدائية التي اعتمدت مع ما يعنيه ذلك من مخاطر صحية على الطلاب ومعضلة أخلاقية على الجامعة".

عند هذا الحد قررت غنى نشر الواقعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وأن تكشف عن ملابسات الجريمة التي جرت بالصور والتسجيلات، وهو ما تسبب بضجة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي نددت بفعل الجامعة، وطالبت بتوضيح ومحاسبة المسؤولين عنها.

وتسأل غنى: "هل يمكن اتخاذ قرار من هذا النوع، وأن يشهد حرم الجامعة وضع السم وإطلاق للنار دون العودة للحصول على اذن من الإدارة؟ استبعد ذلك، وإن كان صحيحاً ستكون المصيبة أكبر ونكون أمام دكان متفلتة وليس جامعة وطنية."

الجامعة ترد

من جهتها، وبعد ذيوع الخبر وانتشار الصور، أصدرت الجامعة اللبنانية بيانا، أعربت خلاله عن أسفها "للطريقة التي تمت من خلالها معالجة موضوع الكلاب الشاردة في محيط حرم مجمع رفيق الحريري الجامعي– الحدت وداخله"، موضحة أنه "تم فتح تحقيق جدي في الموضوع".

ويضيف البيان: "تبين من خلال المعطيات الأولية ان إدارة المجمع تواصلت أكثر من مرة مع بلدية الحدت وإحدى الجمعيات المعنية، ولكن من دون الوصول إلى حل جذري للمشكلة"، لافتة إلى "تعرض عدد من الطلاب للخطر جراء عضة كلبين مفترسين من مجموعة الكلاب الشاردة داخل الحرم الجامعي، وهو أمر كان يمكن أن يتكرر ويشكل تهديدا لسلامة الطلاب والأساتذة والموظفين والعاملين في المجمع، خصوصا في ظل عدم توافر الأدوية واللقاحات المضادة لعضة الكلاب الشاردة في لبنان".

وأعلن البيان أن "الجامعة لن تتخلى عن واجباتها على الرغم من المبالغة في تناول هذه القضية، وهي تؤكد حرصها على احترام القوانين وتصحيح الخطأ الذي حصل من خلال الجمعيات المعنية واستكمال التحقيق لمعالجة الأمور بطريقة مهنية وصحيحة"، مشيرة الى أنها "بصدد الاتفاق مع جمعية “Animals Lebanon” لحل الموضوع بطريقة علمية وسريعة".

أين الدليل؟

وتسأل غنى في معرض تعليقها على بيان الجامعة، "أين الدليل على ان هذه الكلاب تعرضت لطلاب؟ متى ومن ولماذا لم نسمع بهذه الأحداث قبل وقوع الجريمة؟ خاصة ان حادثة كهذه كانت ستثير ضجة كبيرة لاسيما أن لبنان يعاني ندرة في لقاح السعار مما جعل من حوادث التعرض للعض تأخذ اهتماماً أكبر لتأمين اللقاحات، التي باتت تصل عبر مساعدات من قوات اليونيفيل الموجودة جنوبي البلاد".

من جهتها تقول عضو مجلس إدارة جمعية "بيتا"(بيروت للمعاملة الأخلاقية للحيوانات)، سيفين فاخوري، إنها سبق أن اطلعت على تفاصيل هذه القضية من قبل، حيث إن الجامعة اللبنانية غير مسيجة وعبارة عن أرض مفتوحة ولا يمكن منع الكلاب الشاردة من الوصول إليها.

وتضيف: "بالتالي إن قتلوا هذه المجموعة من الكلاب ستأتي غيرها وتحل مكانها، فهل ستعود الجامعة لقتلها؟ في المقابل لو أبقوا على هذه الكلاب وقاموا بإخصائها وتطعيمها، أولا لن تتكاثر ويزداد عددها، ثانياً فإنها ستحمي كل المنطقة من قدوم مزيد من الكلاب لكونها تدافع عن مناطقها من المجموعات الغريبة عنها، كما أنها تؤمن حماية للمكان من أي حيوانات أخرى أو كلاب شاردة قد تشكل خطراً فعلياً على الطلاب والمكان عموماً، وعليه كان الحل الأجدى استخدام هذه الكلاب بطريقة علمية وسليمة بدلا من قتلها بشكل اجرامي".

الطلاب اعتادوا وجود الكلاب

وتوضح في حديثها لموقع "الحرة" أن "الكلاب الشاردة ليست قضية مستجدة، ودائما ما ننسق مع البلديات التي تطلب مساعدتنا في طريقة التعامل مع الأمر، حيث قدمنا العديد من الخطط التي تقوم على أخذ الكلاب وإخصائها من أجل وقف تكاثرها، ويعاد إطلاق سراحها خاصة إن كانت أليفة، وبالتالي يفترض بالبلديات، بالتعاون مع وزارة الزراعة، وضع خطة لمعالجة قضية الكلاب الشاردة، تبعاً للمادة 12 من قانون الرفق بالحيوان، واليوم الكرة في ملعب القضاء، الذي عليه واجب تطبيق القانون والتشدد به في مقاربة هذه القضية التي تعتبر مجزرة موصوفة".

وبدورها تؤكد غنى أن ما جرى "يحمل مخالفة لقانون الرفق بالحيوان رقم 47/2017 قد تصل إلى السجن والغرامات المالية ولبنان بين 30 دولة حول العالم لديها قانون الرفق بالحيوان، ليس لدي أي شيء ضد رئيس الجامعة شخصياَ ولكن لدي قضية ضد كل من تسول له نفسه إيذاء حيوان في لبنان، وبدلا من التبرير الوارد في البيان كان الجدير به أن تتم محاسبة المسؤولين وأن يخبرنا رئيس الجامعة بما اتخذه من إجراءات تأديبية بحق المرتكبين".

وتختم حديثها قائلة: "قد يبدو اليوم هذا الأمر سخيفاً بالنسبة للبعض، أو بالنسبة لما يحصل في لبنان، ولكن بالنسبة لنا كنشطاء واعين لإنسانيتنا وحقوق الحيوان، نعلم أن المجتمع لن يصبح أكثر سلاماً وتسامحاً إن لم يتعلم التعامل مع الكائنات الأكثر ضعفاً، وهذه رسالتنا في الحياة، أليس من المعيب بحق سمعة الجامعة اللبنانية أن تتحول إلى بؤر لدفن الجثث والقتل بدم بارد؟ هل هذا ما نعلمه للطلاب ونقدمه لهم كنموذج في الجامعة الوطنية"؟