سكاي نيوز
تحت مُسمى "كورونا فاك"، انطلق مجمع "صيدال" الجزائري من محافظة قسنطينة في إنتاج أولى الدفعات من اللقاح المصنع محليا ضد فيروس كوفيد-19، من خلال الشراكة مع الجانب الصيني، في تجربة هي الأولى من نوعها في القارة الإفريقية.
وانتقل صباح الأربعاء، الوزير الأول الجزائري، أيمن بن عبد الرحمان رفقة وفد وزاري إلى مدينة قسنطينة شرق البلاد من أجل تدشين أول مصنع لإنتاج لقاح محلي ضد كورونا. كما أشرف الوزير الأول على خروج أول دفعة من لقاح "كورونا فاك".
وتلقى قائد الجهاز التنفيذي شروحات حول عملية صناعة اللقاح الصيني "كورونافاك" المضاد لفيروس كورونا لشركة "سينوفاك" والتصديق على المنتوج قبل دراسة الاستقرار والتسجيل.
وعبر بن عبد الرحمان عن إشادته بنجاح المشروع، حيث قال وفق ما نقلته وسائل إعلام محلية: "نحن نفتخر بالأطر الذين حققوا هذا الإنجاز العظيم".
8 ملايين جرعة شهريا
وتطمح الجزائر إلى إنتاج 320 ألف جرعة يوميا بمناوبة واحدة فقط، مما يعني 8 ملايين جرعة شهريا و96 مليون سنويا. وفي حال الانتقال إلى مناوبتين ستصل إلى إنتاج 200 مليون جرعة سنويا.
وحسب أرقام مستقاة، فإن مصنع الإنتاج التابع لمجمع صيدال بقسنطينة سينتج مليون جرعة لقاح مضاد لكوفيد-19 خلال شهر أكتوبر المقبل و2 مليون جرعة في شهر نوفمبر، ليصل إلى أزيد من 5,3 مليون جرعة بداية من يناير 2022.
وحسب مراقبين، فإن الإنتاج المحلي للقاح ضد كورونا سيسمح للجزائر بتحقيق "السيادة الصحية" وهذا عن طريق التخلي عن الاستيراد، حيث أن اللقاح المحلي أقل تكلفة بنحو 60 في المئة من نظيره المستورد، إضافة إلى تصدير اللقاحات إلى الدول الإفريقية التي هي في أمسّ الحاجة إلى التطعيم للحدّ من انتشار الوباء المستجد.
ثمار "الدبلوماسية الصحية"
وبعد أزيد من عام في مواجهة وباء كورونا المستجد، استطاعت الجزائر أن تصل إلى تحقيق هدف التوفير المحلي للقاح نظرا للوضع العالمي الذي استنفره "الفيروس التاجي" والتنافس الدولي على اللقاحات المضادة له منذ أول اكتشاف لها.
وكان الرئيس عبد المجيد تبون قد كشف بداية الأسبوع أن الجزائر ستنتج أول لقاح كورونا بمشاركة الشريك الصيني نهاية الشهر الجاري. ويرى الرئيس تبون أن "هذا الإنجاز تكون به الجزائر قد خطت خطوات كبيرة لتكون دولة قاطرة وليست مقطورة لأي كان".
ولم ينته المشروع إلا بعد سلسلة من اللقاءات مع الجانب الصيني، الذي اهتم بالخطوة الجزائرية منذ بداية المحادثات في مايو الماضي، تحت إشراف وزارة الصناعة الصيدلانية، ومعهد باستور ووكالة الأمن الصحي التي يرأسها البروفسور الجزائري، كمال صنهاجي.
وإثر اجتماعات متعددة، تم التوصل إلى إبرام عقد شراكة في 25 يوليو الماضي، قامت بموجبه بعثة صينية مكونة من أخصائيين بزيارة "وحدة قسنطينة" من أجل المعاينة الدقيقة للمعدات وتقييمها وتأهيلها، كما تم القيام بأعمال تطوير الآلات والمعدات الخاصة بإنتاج اللقاح بناء على تقرير قدمه الخبراء الصينيون.
خيار استراتيجي
وقد وصف خبراء في مجال الصحة تجسيد الجزائر لقرار توطين اللقاح محليا بـ"الخيار الاستراتيجي" لاعتبارات متعددة، أملتها التطورات التي عرفتها جائحة كورونا في العالم، إضافة إلى توسع مفهوم الأمن الصحي.
وفي هذا الشأن، قال الدكتور محمد ملهاق وهو بيولوجي سابق بمخابر التحليلات الطبية، في حديث مع "موقع سكاي نيوز عربية"، إن "الجزائر بالنظر للتحديات الصحية التي أمامها استطاعت تبني خيار استراتيجي من خلال التوجه نحو الإنتاج المحلي للقاح ضد كورونا بالتعاون مع الشريك الصيني".
ويعتقد ملهاق أن "الجزائر استفادت من درس ندرة اللقاحات التي عرفتها الأسواق الدولية"، مشيرا إلى "الفوائد الاقتصادية التي ستجنيها من وراء هذا المشروع حيث ستوفر الملايين من الدولارات للخزينة العمومية إضافة إلى امتصاص اليد العاملة والاستفادة من التجارب والخبرات التكنولوجية ودعم الباحثين المحليين".
من جانبه، أكد رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث العلمي، البروفسور مصطفى خياطي، أن خطوة إنتاج لقاح "كورونا فاك" بالجزائر "جد إيجابية".
واعتبر المتحدث أن هذه هي "المرة الأولى" منذ الاستقلال التي ستتجه خلالها الجزائر لإنتاج لقاح محليا، منوها بأنها ستكون "خطوة محفزة لمستقبل البحوث العلمية في الجزائر".
وأفاد البروفسور خياطي، في اتصال مع "سكاي نيوز عربية" أن "سعر اللقاح الذي ستنتجه الجزائر عن طريق "صيدال" "أقل بـ40 بالمئة من سعره في الأسواق العالمية".
التصدير نحو أسواق إفريقيا
وحسب تصريحات رسمية، فإن الجزائر تستعد من وراء مسعى التوجه نحو التصنيع المحلي للقاح ضد كورونا لخطوة التصدير نحو أسواق الدول الإفريقية، في إطار مبادرة "أفريكافاك" إضافة إلى مساعدة بعض الدول المحتاجة له.
وكان وزير الصناعة الصيدلانية، عبد الرحمان لطفي بن باحمد، قد كشف عن زيارة رسمية سيقوم بها وفد عن وكالة الصحة التابعة للاتحاد الإفريقي إلى مركب صناعة الأدوية "صيدال" بمدينة قسنطينة، بين يومي 13 و18 أكتوبر المقبل، موضحا أن "الوكالة الإفريقية تمتلك وسائل معتبرة لشراء اللقاح الجزائري".
وأكد الوزير ذاته بخصوص قدرات الإنتاج أن خط التصنيع الذي تتوفر عليه "صيدال" على مستوى مصنعها بقسنطينة "كفيل لوحده بضمان احتياجات البلد والاستجابة لاحتياجات الدول الإفريقية".
وقد اعتبر الباحث في علم الفيروسات، الدكتور محمد ملهاق، أن الوفرة التي ستجنيها الجزائر من وراء الإنتاج المحلي للقاح "كورونا فاك" ستسمح لها بكل أريحية في تصدير الجرعات نحو الدول الإفريقية، التي لم تصل بعد إلى مستويات عالية من تطعيم مواطنيها ضد وباء كورونا".