عززت تحضيرات البنك الدولي لضخ منح تمويلية بقيمة 25 مليون دولار موجهة إلى الآلاف من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم التي تضررت من كارثة مرفأ بيروت، الآمال بإعادة تأهيل المؤسسات والمحلات المعنية وتمكينها من استعادة أنشطتها خلال أشهر، عقب انتظار طويل بلا طائل تعدى 15 شهراً والتريث في صرف المستحقات من شركات التأمين بسبب التأخر في تحديد سبب الانفجار من المحقق العدلي، إضافةً إلى العجز الحكومي شبه التام عن تقديم معونات مجدية.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن النقابات المهنية، من تجارية وفندقية وصناعية ومطاعم ومقاهٍ وسواها، باشرت بالتعميم على منتسبيها الوثائق الخاصة بالمشروع (B5)، بهدف الشروع في إعداد طلباتهم وتقديمها عبر مؤسسة «كفالات» التي تم تكليفها من الممول بالتقييم والدراسة وتحديد مبلغ المنحة، وصولاً إلى إبلاغ الموافقة عبر رقم مرمّز يتيح قبض المنحة نقداً عبر مصرف محلي محدد. وينبغي على المؤسسات الصغيرة، التقدم مباشرةً إلى مؤسسات التمويل الصغير المشاركة التي سيتم تحديدها خلال الشهر المقبل.
ومن المرتقب بدء صرف المنح خلال شهر مارس (آذار) من العام المقبل من رصيد منحة لصالح «صندوق إعادة بناء مؤسسات الأعمال في بيروت على نحو أفضل» من خلال الصندوق الائتماني المتعدد المانحين الذي تم إطلاقه قبل نحو عام ويديره البنك الدولي، ويهدف إلى الجمع والتنسيق بين الهبات والموارد التي تقدمها الجهات المانحة لدعم التعافي الاجتماعي والاقتصادي للفئات الأشد حاجة ومؤسسات الأعمال التي تضررت من انفجار المرفأ.
ووفق المسح الميداني الذي أجراه البنك الدولي، يمكن أن تستفيد من مِنح إنعاش الأعمال نحو 4300 شركة لبنانية صغيرة ومتناهية الصغر وبمن في ذلك العاملون لحسابهم الخاص، مع تخصيص 30% لمؤسسات مدارة أو مملوكة لنساء. أما القطاعات المستفيدة من الدعم فهي شاملة، بما فيها الصناعة وتصنيع الأغذية والخدمات والحرف اليدوية وشركات أجهزة وبرمجيات تكنولوجيا المعلومات والمهن وسواها.
وقد تسبب الانفجار بأضرار مادية كبيرة وخسارة موجودات ومخزونات لنحو 10 آلاف مؤسسة أعمال مملوكة ملكية خاصة تقع ضمن 5 كيلومترات من موقع الانفجار. كما أثّر الانفجار على إنتاجية الشركات وقدرتها على تحقيق الإيرادات وأدى إلى تسريح عدد كبير من العمال وإلى موجات من الإفلاس. ويُظهر المسح أن نحو 17% من الشركات قد أُغلقت تماماً بالفعل، وأن 79% من الشركات شهدت تراجعاً في المبيعات بنسبة 69% كمعدل وسطي، وأن 61% من الشركات قد قلَّصت عدد موظفيها الدائمين بمعدل نسبته 43%.
ويقضي المشروع التمويلي بمنح 18.5 مليون دولار للمؤسسات الصغيرة المؤهلة التي تضررت بشكل مباشر من انفجار مرفأ بيروت لدعم تعافيها. ويمكن استعمال هذه المنح لتغطية نفقات رأس المال العامل والخدمات الفنية والمعدات، وأعمال الترميم، فضلاً عن منح 5 ملايين دولار لمؤسسات التمويل الصغير التي تمول بدورها المؤسسات الصغيرة، والسكان ذوي الدخل المنخفض، والقطاع غير الرسمي، إضافةً إلى تخصيص 1.5 مليون دولار لتغطية تكاليف إدارة المشروع طوال فترة تنفيذه، ودعم أنشطة التدريب وبناء قدرات المؤسسات التي تمتلكها أو يقودها نساء أو ذوو الاحتياجات الخاصة.
وتبلغ مدة الصندوق الائتماني المتعدد المانحين خمس سنوات، يجري خلالها جمع الموارد التمويلية من الهبات، وتعزيز التنسيق لموارد التمويل دعماً للتعافي الاجتماعي والاقتصادي لتلبية الاحتياجات الملحّة للفئات الأشد حاجة ومؤسسات الأعمال التي تضررت من الانفجار. وقد تلقى الصندوق مساهمات وتعهدات من حكومات كندا والدنمارك وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والنرويج ومن الاتحاد الأوروبي.
وتبعاً لالتزام كل الأطراف المعنية من اللبنانيين بالإصلاحات الحيوية، سيوفر الصندوق الأساس للتعافي في الأمد المتوسط وإعادة الإعمار المستدام لمرفأ بيروت والأحياء المتضررة.
وسيستفيد من المعايير المالية والتعاقدية الرفيعة للبنك الدولي من خلال تطبيق إطاره المالي والتعاقدي للإدارة المالية والمشتريات والإجراءات الوقائية البيئية والاجتماعية. مع الحرص كذلك على دور البرامج الممولة في تعزيز المساواة بين الجنسين والمشاركة المجتمعية ودعم الفئات المستهدفة من النساء والشباب والسكان الأشد حاجة.