لم تكن الرياضة اليمنية في معزل عن الانتهاكات والجرائم التي ترتكبها مليشيات الانقلاب، بل اكتوت هي الأخرى بجحيم الإرهاب الحوثي.

وحولت مليشيات الحوثي، الملاعب الرياضية إلى مخازن أسلحة، وساحات تدريب لعناصرها على استخدام الأسلحة، وإطلاق الطائرات المسيرة.

كما جعلت المليشيات المرتبطة بإيران، من مقرات الأندية الرياضية، مراكز استجواب وتعذيب، ومواقع احتجاز غير قانونية للمئات من المعتقلين.

ولم تسلم من اعتداءات مليشيات الحوثي، مقرات الاتحادات الرياضية، إذ حولتها مليشيات الحوثي إلى مقرات اجتماعات ومراكز لحشد المجندين الجدد.

وبحسب مصادر رياضية تحدثت لـ"العين الإخبارية" فإن مليشيات الحوثي حولت الصالات الرياضية إلى أندية تدريب لعناصرها، فضلا عن تحويل البعض منها إلى ثكنات لتخزين الأسلحة، لا سيما الطائرات بدون طيار الانتحارية.

وما دفع مليشيات الحوثي، إلى اتخاذ مقرات الأندية والصالات الرياضية والملاعب، مواقع عسكرية، هو معرفتها المسبقة بمدى التزام التحالف العربي لدعم الشرعية، بالقانون الدولي الذي يجنب الأهداف المدنية من القصف.

لكن ذلك لم يمنع التحالف العربي من التهديد بإسقاط الحماية القانونية للأهداف المستخدمة لأغراض عسكرية كـ"ملعب الثورة الرياضي" في صنعاء، عقب إعطاء المليشيات مهلة لإخلائه من الأسلحة أو سيتم استهدافه.

نهب الإيرادات

عمدت مليشيات الحوثي إلى إيقاف المخصصات المالية الخاصة بالأندية الرياضية، كما قامت بتجميد حسابات صندوق المخصصات المالية لدعم النشء ورعاية الشباب، وصادرت المبالغ المالية التي يمتلكها، لصالح ما يسمى بالمجهود الحربي.

وقدرت مصادر يمنية لـ"العين الإخبارية"، حجم الأموال التي نهبتها مليشيات الحوثي من صندوق رعاية النشء والشباب والرياضة بنحو 10 مليارات ريال يمني خلال الـ3 الأعوام الأولى من الانقلاب الدموي ومولت بها محارق الموت.

كما استحوذت مليشيات الحوثي على إيرادات العديد من الأندية الرياضية التي تمتلك استثمارات مالية وعقارية بملايين الريالات، وحولت تلك المبالغ لصالح تمويل حربها الإجرامية على اليمنيين.

وتصل إيرادات نادي 22 مايو الشهرية إلى أكثر من 15 مليوناً، يليه النادي الأهلي بـ 10 ملايين ريال شهريا، فيما يصل إيراد نادي الوحدة كل شهر حوالي 6 ملايين ريال، ونادي الشعب، إلى نحو 4 ملايين ريال، وفقا للمصادر.

اختطاف وتعذيب وتجنيد

وفيما يتعلق باستهداف الرياضيين، اعتقلت مليشيات الحوثي العديد منهم، وزجت بهم في معتقلاتها سيئة السمعة دون ذنب، فيما دفعت بآخرين إلى جبهات القتال ليلقوا حتفهم.

وفي أحدث تلك الجرائم، قتل بطل الجمهورية، في بطولة الجمباز للناشئين، والحائز على الجائز البرونزية " عبدالرحمن التوهمي"، بعدما أجبرته على القتال ضمن صفوفها.

وقتل التوهمي الاثنين الماضي، في معارك مأرب المحتدمة منذ مطلع العام الحالي، واعتبر أسوأ نبأ يتلقاه عشاق ومحبي الرياضة في اليمن، في ذروة الابتهاج بفوز منتخب الناشئين على السعودية في بطولة غرب آسيا.

وجاء النبأ الصادم في الوقت الذي حققت فيه الكرة اليمنية، تقدما غير مسبوق، بحصول فريق الشباب على كأس البطولة لأول مرة في تاريخ البلاد.

وبالرغم من الجرائم التي ارتكبتها بحق الرياضة والرياضيين، إلا أن ذلك لم يمنع مليشيات الحوثي من محاولة استثمار ذلك الحدث الهام لصالحها.

هجمات واعتقالات

وفي 12 ديسمبر/كانون الأول 2020، استهدفت مليشيات الحوثي ملعب نادي الأهلي بمدينة تعز بقذيفة أدت إلى وفاة لاعب كرة القدم ناصر الريمي، مع نجله الذي كان يرافقه لحظة وقوع الانفجار، فضلا عن إصابة ثلاثة لاعبين آخرين بجروح متفاوتة.

ولا يزال اللاعب في منتخب الناشئين، إبراهيم النعيمي، يقبع في سجن جهاز الأمن السياسي في صنعاء، منذ اختطافه من منزله بالبيضاء وسط اليمن عام 2016.

وتعرض اللاعب الرياضي، هاني مثنى، لإطلاق نار من قبل عناصر مليشيات الحوثي أثناء تواجده في أحد شوارع العاصمة اليمنية، مطلع العام الحالي، ما أدى إلى إصابته بجروح.

وبعد إسعافه من قبل الأهالي إلى أحد المستشفيات، عاودت مليشيات الحوثي اللحاق به إلى داخل المستشفى، وقامت باختطافه من قسم الطوارئ أثناء تلقيه العلاج.

وبررت مليشيات الحوثي ارتكابها للجريمة بالاشتباه به، وأطلقت سراحه بعد تعرضه لتعذيب قاسي من قبل عناصر المليشيات.

ومنذ انقلاب مليشيات الحوثي، على السلطة في اليمن أواخر 2014، تعرضت الرياضة لأسوأ انتكاسة في تاريخها، فيما واجه الرياضيون حملات اعتقال وتعذيب وقتل، ومصادرة المباني الرياضية، وتحويلها إلى مقرات خاصة بها.