نظمت أسرة الأدباء والكُتاب حفلا وطنيا مساء أمس بعنوان (وقفة مع الوطن) بمشاركة نخبة من أبناء البحرين في العديد من المجالات الإبداعية في الشعر والأدب وفن الغناء، وذلك بمقر الأسرة بالزنج حضرها جمهور غفير .

واحتشد المبدعون البحرينيون في شتى المجالات الثقافية والأدبية وعبروا عن وقفتهم وتضامنهم ودعمهم لوطنهم البحرين ضد التدخلات الإيرانية في الشأن المحلي، وعلى طريقتهم الخاصة من خلال التباري شعرا في حب المملكة، حيث غنى الجميع مع أيقونة البحرين الغنائية الفنان أحمد الجميري (من خلقت الدنيا واحنا هل البحرين بالجود ويا الكرم والعز معروفين) .

وبعد ذلك بدأ الشعراء في تقديم أعمالهم الوطنية التي تمجد البحرين، وتعتز بأرضها وبشعبها، وفي هذا السياق استهل الشاعر والمذيع حسن كمال مهرجان الشعر الوطني، وبقصيدة من أشهر أعماله في حب البحرين، ثم جاء دور الشاعر والأديب علي الشرقاوي، ثم الدكتور منصور عبدالله، والشاعرة هنادي الجودر، والدكتورة نبيلة زباري، والشاعر عبدالحميد القائد، ثم الشعراء من بعده إبراهيم الأنصاري، وإبراهيم بوهندي رئيس الأسرة .

وفي كلمته بهذه المناسبة ونيابة عن أسرة الأدباء، قال الأمين العام د. راشد نجم "باسم كلّ من يشاركنا الموقف من الأدباء والكتاب والمثقفين في كافة أرجاء الوطن العربي الكبير، وبكل ما تعنيه قيم الولاء والانتماء للوطن، نقول بأنَّ تراب البحرين الذي لبسنا سمرته، وتعطّرت أنفاسنا برائحته، فجُبلنا على محبته منذ نعومة أظفارنا، لن يكون إلاّ عزيزاً نذود عنه بأجسادنا وأرواحنا، ونسخَّر له فكرنا وإبداعنا. ولن يكون إلا صورة لهويتنا ولصبغتنا، بل إنه لن يكون بالنسبة لنا إلا أغلى من كلِّ ما يعز علينا حتى فلذات أكبادنا".

وعبر نجم عن حبه والتصاقه بالوطن قائلا "هذه الأرض هي البلاد التي حلمنا بها كياناً عربيًا مستقلاً فكتبنا في عشقها أجمل ما كتبنا، ولم تهدأ خواطرنا إلاّ ونحن في مراحلها الجميلة، نستنشق نسائم حريتها في ربيع أيامها خاصة بعد أن دخلت مرحلتها الديمقراطية الجديدة التي ناضلنا من أجلها وبعد أن تُوِّجَت بالمشروع الإصلاحي الكبير لجلالة الملك المفدى".

وأضاف الأمين العام للأسرة "إن بلادنا تجانس كل شبر من الجزيرة العربية، فهي امتداد واحد لكيان عربي واحد لا تفرقه طائفية، ولا تشوِّهه أيديولوجيا، هكذا نشأنا وتربينا جميعا في مهاد هوية مشتركة، لقد تسامى وعينا الوطني وانتماؤنا إلى البحرين على كل تعصب طائفي أو قبلي، بفضل ما ورثناه من آبائنا وأجيالنا السابقة من تسامح ووعي بالهوية الوطنية، لقد أدركنا بأن تنوع البحرين الثقافي هو مزيتها الوطنية الخاصة بها، فصرنا جميعاً مكوّنا واحداً في مواجهة مخاطر التدخلات والادعاءات الأجنبية".

وأشار إلى أن أسرة الأدباء والكتاب ممثلة في منتسبيها ومن يقف معها منذ تأسيسها لا تختلف مع أحد عندما يتصل الأمر بالولاء للوطن، والوفاء لهذه الأرض العزيزة، ولأهلها ومواطنيها أياً كانت آراؤهم ومذاهبهم، موضحا "يمكن لنا أن نختلف في أمور كثيرة تفرضها طبيعة الحياة، لكننا لا نقبل الاختلاف عند الولاء لوطننا البحرين، فعند هذه النقطة نحن أمام لحظة لها علوّها الخاص الذي لا نقبل أن يتجاوزه أحد".

وحول الموقف من التصريحات الإيرانية المستفزة للبحرين أكد نجم بقوله "رافضين ومستنكرين لما تقوم به إيران من تدخلات سافرة في شؤون البحرين، ولا نقول ذلك إلا من تلقاء وعينا وإرادتنا الوطنية التي طالما كرّسنا قيمها في أعمالنا الأدبية على امتداد قرن من الزمان، إننا اليوم ومن هذا الصرح الأدبي العريق نلمس لحظة من لحظات الضرورة.. وهي لحظة الاستجابة لهويتنا الوطنية المشتركة، هذه الاستجابة تحتم علينا اليوم تنحية اختلافنا في الرأي، واستيعاب المخاطر التي تهدد بلادنا من جراء عدوان الآخر على حدودنا وأمننا ووحدتنا، فلنبسط أيادينا جميعاً في حب البحرين، والولاء لها، وليكن اختلافنا بعد ذلك سبباً في قوّة هذا الحب لا زعزعته، ولنرفض كل التدخلات الأجنبية في شؤون بلادنا".

وفي مستهل كلمته بهذه المناسبة الوطنية حيا الدكتور إبراهيم عبدالله غلوم جهود القيادة السياسية وعلى رأسها جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، ثم أكد استنكاره ورفضه لكل أشكال التدخلات في الشأن البحريني، مشيرا إلى أن "المشهد السياسي الحالي في المنطقة الخليجية والعربية والعالمية والأحداث التي تدور فيها، هو مشهد حالك السواد وخاصة بعد الاتفاق النووي مع ايران، وأن المشهد يخفي في تبايناته خطورة كبيرة وذرائع ماكرة لذلك نحتاج لرؤية أبعد مما يتصور الإنسان العادي".

واشار غلوم إلى "أن المشهد السياسي الحالي في المنطقة يشبه سيناريوهات السبعينات والثمانينيات أيام احتلال الجزر الإماراتية، وفي بداية التسعينات الاحتلال العراقي للكويت، وأحسب أن الوضع الراهن أكثر تعقيدا من ذلك"، مضيفا بأن "منطقة الخليج تمثل البؤرة الاستراتيجية الأولى للدور الإيراني خاصة بعد فشلهم في الكثير من المحاور، وإن المستقبل متورم بالتوقعات".

وبالنظر للخطورة التي تمر بها المنطقة ومحاولات استهداف البحرين، أكد غلوم أن المملكة "حققت معدلات تنمية اقتصادية واجتماعية عالية، وأن المشروع الإصلاحي لجلالة الملك المفدى أحدث طفرة في الحياة بالبحرين"، مشددا على "أهمية تعظيم المكتسبات الوطنية، وإلى مراجعة فكرية وثقافية بشكل يحول هذه المكتسبات المحققة إلى تراكم في الوعي والمعرفة والهوية، ولذلك لكي لا تكون المنجزات عرضة للانكسار، ومن هنا تبدأ مهمة المثقفين والكتاب والأدباء الذين يلعبون أهم الأدوار في الساحة".

وأضاف "إن الحركة الثقافية الأدبية الجديدة في البحرين بدأت منذ العقد السادس من القرن الماضي حينما أسست لعقد وطني ولحركة الحداثة، وصاغت صورة ذهنية عمقت إحساس الوحدة الوطنية والمواطنة لدى البحرينيين"، لافتا إلى أن "ما حققته البحرين من مكتسبات لم تسبقها إليه الكثير من الدول، خاصة لجهة تأسيس قيم التعايش والتسامح وتكوين المجتمع المدني الحديث والصحافة وإنشاء الأندية الوطنية وتأسيس التعليم الحديث، وكل هذه تترابط في وحدة واحدة بدخولنا في المجتمع الحديث الذي نعيشه في الوقت الراهن، والذي يؤكد على الدور الحضاري للبحرين في الساحة الإقليمية والعربية والدولية".

وفي نهاية الوقفة الوطنية قدمت أسرة الأدباء والكتاب البحرينية الشكر والتقدير لجميع الجهات التي أسهمت في إنجاح هذه الوقفة بالحضور والمشاركة الفاعلة لتحقيق الهدف المنشود في جمع كل أدباء ومثقفي البحرين على كلمة الوطن من أجل حفظ أمنه واستقراره.