^  مازال سؤال مذيعة الـ “بي بي سي” لي يرن في أذني: كيف تقبل بأن يستمر رئيس وزراء في منصبه أربعين عاماً، في إشارتها للأمير خليفة بن سلمان؟! لن أكرر هنا جوابي على سؤالها، لكنني سأقول: انظروا لإجابات خليفة بن سلمان على تساؤلات مجلة “دير شبيغل” الألمانية لتعرفوا لماذا نحب هذا الرجل ونتمسك به ونرفض المساومة عليه. نمتلك في البحرين كنزاً يتمثل في هذا الرجل السياسي المحنك، رجل يعرف تماماً كيف يرد على أي سؤال دون “ضبابية” في الرد، وإن كانت المجلة الألمانية تقول: إن مقابلته من المقابلات الأولى التي تعطى لوسائل الإعلام الغربية منذ سنوات، فلربما استوعبت هي السبب الآن، إذ هذا الرجل لن يقول ما تريده الصحف الأجنبية، لن يلتف ويناور ويراوغ من أجل الحديث في منطقة “رمادية”، بل الواقع في البحرين بالنسبة له إما “أبيض” أو “أسود”، رجل يسمي الأسماء بمسمياتها، والأهم من كل ذلك رجل لا يقبل بأن “يساوم” على البحرين لأجل إرضاء الغرب أو من “دكاكين” تبيع سلعة مزيفة تُسمى حقوق إنسان. أي مواطن بحريني مخلص لهذه الأرض ولاؤه لها وحدها لا للخارج ولا لولي فقيه لن يختلف أبداً مع إجابات رئيس الوزراء. أي مواطن بحريني يرفض بيع ضميره ويرفض تشويه صورة بلده في الخارج بالكذب والفبركة لن يختلف مع كلام رئيس الوزراء. لماذا نقبل برجل على رأس الحكومة لمدة أربعين عاما؟! لأنه ببساطة شديدة يمثلنا، يتحدث من واقع ما يعتمل في نفوسنا، هو صمام أمان للمخلصين بثباته وتقديره لهم، عمل طوال عقود من أجل البحرين ومن أجل حمايتها مما يستهدفها، تذكروا دوره حينما طالب الشاه الإيراني بالبحرين، وتذكروا دوره اليوم حينما استهدفت البحرين مرة أخرى. إجاباته صريحة وواضحة وتلخص الوضع برمته، فالمسألة لا تتعلق بحكومة منتخبة والسلام، وليست مرتبطة بمنصب رئيس الوزراء وإلا لكان تنحى العام الماضي مثلما قال، بل المسألة أكبر، والقضية أخطر لو منح هؤلاء ما يريدون. الحكومة المنتخبة ومنصب رئيس الوزراء، وقبول أمريكا بأن يكون رئيس الحكومة شيعياً من مجموعات الانقلاب على أن يبقى الحكم في عائلة آل خليفة مثلما قالها المحرض عبدالهادي الخواجة بالحرف في إحدى خطبه بالدوار، مؤكداً ضلوع واشنطن في أزمة البحرين، هذه المسائل ليست سوى بداية لسلسلة لن تنتهي من الأهداف وصولاً إلى كرسي الحكم في البحرين. يعرف ذلك خليفة بن سلمان تماماً، ويفترض أن يعرف ذلك كل من يرى فيهم أناساً يمكن منحهم الثقة مجدداً. لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين يا جماعة. ألم تقدم لهم الفرص واحدة تلو الأخرى منذ بداية الأزمة حتى الآن، فماذا كانت النتيجة؟! تعنت ورفض ومماطلة ومساومة مع الدولة، بل تزيد هذه المساومة كلما عطلت الدولة عملية فرض هيبتها وسيادتها، بحيث بات المطلب الآن جلوس نظام شرعي ليتحاور مع إرهابيين يعيثون في الأرض الفوضى والخراب ويهددون حياة المواطنين الآمنة والمصيبة أن ولاؤهم للخارج. لكل من يريد أن يتحدث عن البحرين، يجب أن ينسى شيئاً اسمه “دبلوماسية كاذبة زائفة”، وعليه أن يترك المفهوم العبثي بأن “السياسة لعبة”، إذ البحرين ليست لعبة حتى نلعب عليها وعلى مصير أهلها مع الغرب الذي يتعامل معنا بخلاف ما يتعامل مع داخله، والأمثلة كثيرة جداً. سأركز على إجابات بعينها رد فيها خليفة بن سلمان على تساؤلات المجلة الألمانية، داعياً جميع المخلصين والمسؤولين المتحدثين عن البلد للتمعن فيها واعتبارها دروساً في كيف يكون الكلام القوي الثابت الذي لا مساومة فيه على البلد، إضافة لكونها حقائق وثوابت يجب أن تبرز بشكل قوي جداً حينما نتحدث للإعلام الغربي الذي انخدع بكذب وتلفيق الانقلابيين: - ما حصل في البحرين حركة من “مجموعة إرهابية” يتم دعمها من قبل إيران وحزب الله. - من يريد الحوار يجب أن يتذكر بأن هناك حاجة إلى مشاركة جميع قطاعات المجتمع البحريني، المعارضة عُرض عليها الحوار ولكنها خرجت منه. - البحرين توفر لمواطنيها التعليم المجاني والرعاية الصحية وإعانات السكن والمعيشة والبدلات التي تشمل حتى إعانات البطالة. - زعيم المعارضة الدينية عيسى قاسم الذي يأخذ أوامره من إيران هو المسؤول عن كل ما يجري في البلد ولا سيما بالنسبة لجميع الناس الذين لقوا مصرعهم. - هؤلاء يريدون تدمير الممتلكات العامة ويهاجمون رجال الشرطة والعمال الآسيويين وغيرهم، من واجب الدولة حماية جميع الناس في البحرين. - الشرطة لحماية الشعب وليس لمهاجمتهم أو قتلهم، لقد أظهرت الدولة حتى الآن قدراً كبيراً من الصبر مع المعارضة. - كيف تتعامل الشرطة الغربية مع احتجاجات غير قانونية وعنيفة؟ هل يسمح هناك للمتظاهرين برمي الحجارة والزجاجات الحارقة؟ - الأمريكيون وحلفاؤهم لم يفكروا في حقوق الإنسان عندما ذهبوا للعراق وأفغانستان. - المعارضة تستغل الطلب على مزيد من الحقوق والديمقراطية لتحويل البحرين إلى إيران ثانية. - في البحرين وزراء سنة وشيعة، ومن الشيعة من هم أغنياء جداً، وليس صحيحاً بأن الشيعة في البحرين هم الفقراء والمظلومون. - المعارضة تركت البرلمان ووضعت الأمة في خطر، وعلقوا دمى ومشانق للقيادة ولافتات تهتف بالموت والتسقيط. - كيف كان رد فعل بريطانيا حينما شهدت “ربيعاً عربياً” خاصاً بها في العام الماضي؟ هذا غيض من فيض، وللتذكير ليس إلا، فإن هؤلاء الانقلابيين يعمدون إلى الكذب والتهويل والتضخيم في طل خطاباتهم للغرب ووسائل إعلامهم، في وقت يحاولون فيه جاهدين إخفاء حقائق تدينهم وتؤكد عنصريتهم، خاصة عدم إدانتهم لقتل واستهداف البشر ممن يخالفونهم الرأي وممن هم ليسوا على نفس مذهبهم، إضافة لسعيهم تضييع أصل الحكاية كونهم هم من أشعل شرارة الفوضى في البحرين ومن دفع البشر للموت، إذ لا توجد أي قوة أمنية في العالم تدخل على الناس بيوتها وتقتلهم دون سبب، وهذا لم يحصل أبداً في البحرين، إذ هم من دفعوا الناس للخروج في الشوارع واستفزاز الأمن والتصادم معهم بغية سكب الدم و«كسب» الجثث. لماذا نحب رئيس وزرائنا؟! لماذا نتمسك به وبوجوده في حكومتنا لأربعة عقود؟! لأنه رجل يعرف تماماً كيف يكون الدفاع عن بلده وأهله، لا يداهن بالكلام ولا يناور، والحقيقة أنه لا يحتاج للحظات تفكير قبل أن يجيب، فمن يدافع عن وطنه بإخلاص وانتماء حقيقي كلماته تخرج منه طواعية وبعفوية تامة. إن أردنا للبحرين ألا تضيع على خطابنا أن يكون قوياً وواضحاً ومباشراً، يا “أبيض” يا “أسود”. إن كنا نرفض التدخل الخارجي و”مهرجانات السيرك” التي يقوم بها بعض السفراء هنا علينا أن نكون واضحين في الخطاب “إما الالتزام بمهامكم وإما مع السلامة إلى دياركم”. إن كنا نريد للأمن أن يستتب وأن نصون حياة الناس وكرامتهم فيجب أن نضرب الإرهاب بيد من حديد لا أن ننتظر حتى يقتل رجال الأمن ويتضرر الأبرياء من المواطنين وبعدها نتحرك. خطاب “القوة” هو من يفرض هيبتك ويجعل الكل يحسب لك ألف حساب، أما خطاب “الضعف” فهو من يجعل لأي كان أن يفعل ما يريد ويتطاول حسبما يريد.