^   أنا لا أصدق أن البلد الذي بحجم حبة هيل؛ طيبة مُطيبة قد يهون أيضاً على أحد من أبنائه، البحرين الحنونة حتى على «مراق الطريق» كيف لها أن تقسى أو حتى تنسى أبناءها؟! البحرين احتضنت العرب بكفوفها الخضراء واستنبتتهم بين أضلاعها عشباً وورداً، وتقاسمت معهم لقمة «الهريس» و»العصيدة»، لن تضن عيونها بالشباب؟! أنا أتألم على الشباب الذين يهون عليهم البحرين، حتى لو كانوا خمسة أو خمسين أو أكثر، أتهون الأوطان على من أنجبتهم ويهون عليهم إشعال لو كمشة قش على جسد البحرين الفتي؟ في البحرين الأمر مختلف عن دول الربيع العربي التي تآكلت أنظمتها طبيعياً بفعل الظلم المختمر، فالظلم ثورات كما هو ظلمات، وبلاد كالبحرين تحقق أرقاماً واعدة في بيانات النمو الاقتصادي، والنظام الملكي هناك متماسك ومنبث من روح الشعب والسكان، وملك إصلاحي بامتياز ومتفتح الأفق وجامعات بحرينية ودولية وعالمية تنتشر في أركانها، وقبلة للعرب والخليج ونمط رفاهية معقول يعيشه المواطن البحريني، وعشرات الأحزاب والجمعيات السياسية التي تمارس عملها بالبحرين وتصول وتجول منذ سنين طوال.. المنامة والرفاع والمحرق؛ ليست في نسيج لحم أكتافنا؛ بل في خلايا قلوبنا، رسمت خارطتها لأول مرة عام 1986 حين كان أبي في طريقه للسفر إليها ملتحقاً بقوة دفاع البحرين، طفلة في أول أيام مدرستها يودعها الأب في ركب الحرف واللون والرقم، ويلتحق بدرب العسكرية البحرينية العربية المشرف بعد سنين طوال محفوفة في شرف الجيش العربي الأردني.. البحرين أنيقة الخليج ونجمة البلدان العربية، وقرط الذهب في جيد العروبة، لا بد أن يفيق من يهون عليه أن يشعل قشة أو يفتعل قصة ليس لها أساس، ولو كان هناك غصة أو قصة فالملك لا يتوقف عن دعوة المعارضة -وأتحفظ على وجود معارضة سياسية نزيهة تفتعل كل هذا- ويتابع الملك بنفسه لجنة تقصي الحقائق، فالاعتصامات على ما يبدو تمر بأمن وسلام لكن هذا يزعج من لا يريد بالبحرين -ومن عليها- سلماً وخيراً فيغذي الحراك بعبوة ناسفة وعود ثقاب ورتل إطارات سيارات مما قد يشحن بعض الفضائيات الممولة من جهات غير نزيهة بالضرورة ويبين أن الأمور مشتعلة والوضع «طايح مرة»! والأمر على أرض الواقع مختلف تماماً حسب ما سمعت من الأهل هناك والأصدقاء.. ولو كان هناك عنف فقد افتعله المتظاهرون بالسيوف والخناجر التي امتدت على أجساد أرتال الشرطة ومرتباتها ممن كان يحيط بالاعتصامات، وعنف لفظي مدنس بالمذهبية التي لم أعرف يوماً فرقاً بين صديقة سنية وأخرى شيعية من البحرين، إلا حين أرادت الدولة التي تتربص بالخليج والعروبة شراً أن تغذي الفتنة وتحقنها بدماء الشباب. وللبحرين رب يحميها.. وللبحرين قلوب عربية وأردنية بالوفاء والطيبة تحيطها كملائكة حارسة. ^ عن جريدة «الرأي» الأردنية