^ معرفتي بالأخت سميرة رجب تمتد إلى نحو عشر سنوات، عندما قرأت لها بعض المقالات ولفتني أسلوبها وقدراتها في التعبير ورشاقة جُملها، فطلبت من الزميلة عصمت الموسوي أن تعرفني عليها، ثم فوجئت بعد أيام بزيارتها لي في مقر مجلة «بانوراما الخليج» التي كنت مدير تحريرها، فتبين من اللحظة الأولى مقدار تواضعها ثم تبينت جديتها، حيث تركز الحوار على واقع ومستقبل الصحافة في البحرين، وانتهى بموافقتها على طلبي كتابة رؤيتها لتطوير تلك المجلة الشهرية فوعدت وأوفت بوعدها، ولاأزال أحتفظ بتلك الأوراق في أرشيفي. إضافة إلى أسلوبها الرشيق في الكتابة؛ كان يشدني إليها جرأتها في الطرح والتزامها بثوابتها ومجاهرتها بأفكارها في حضور من يختلف معها، إضافة إلى قدرتها على التحليل. استمرت علاقة الاحترام بيننا طوال السنوات العشر، وزاد من احترامي واحترام الكثيرين لها مواقفها الصلبة خلال الأحداث التي مرت بها البحرين، والتي يرى من اتخذ منها موقفاً سالباً أن تعيينها وزير دولة لشؤون الإعلام ما هو إلا مكافأة لها على ذلك (لو كان فعلاً مكافأة فإنها دونما شك تستحقها). اللافت أنه منذ اللحظة التي تم تداول اسم سميرة رجب وتسرب خبر قرب تعيينها في هذا المنصب ثم الإعلان عن التعيين رسمياً شن من يتخذ منها موقفاً سالباً هجومهم عليها وعلى قرار التعيين عبر مختلف الفضائيات والمواقع الإلكترونية من خلال تغريدات ليس لها آخر، وسارعوا إلى توظيف أرشيفهم (الذي يراكمونه ويوظفونه ضد كل من هو ليس معهم) ونشر صورة لها وهي تحمل صورتين لصدام حسين، ومحاولة تأليب الكويتيين عليها وأنها بعثية الفكر وما إلى ذلك من كلام لا تنفيه هي بل تفتخر به، فسميرة رجب منذ عرفناها تجاهر بأنها تؤمن بفكر البعث، وليس في هذا عيب، حيث البعث فكر يعبر عن القومية العربية ولايزال الكثيرون يؤمنون بمبادئه ويتمنون تحققه على أرض الواقع، كما إن صدام حسين ظل طويلاً -حتى لمن لا يتردد اليوم عن شتمه وتجريحه- مناراً وأملاً ومثالاً ونموذجاً، بمن في ذلك كثير من الكويتيين الذين يحاول البعض اليوم تأليبهم وإقناعهم أن قرار تعيين سميرة رجب يعتبر «إهانة» لهم وأنه يجرح كرامتهم وأن البحرين لا تراعي هذه الحساسية في علاقتها مع الكويت. الموقف السالب من قبل البعض تجاه سميرة رجب طبيعي، فهي من عائلة شيعية (أي أنهم يتوقعون منها أن تقف معهم لهذا الاعتبار وأن تغلب المذهب على الوطن حتى وإن لم تكن تؤمن بأفكارهم ولا توافقهم الرأي والتوجه)، وهي ابنة عم «الحقوقي» نبيل رجب الذي هو على الطرف النقيض منها (أي أنهم يفترضون أن تكون مثله ضد السلطة) وبين أهلها من هو محكوم عليه لقضايا سياسية (وهذا أمر طبيعي ولعله موجود في الكثير من العائلات، فما بالك بعائلة بن رجب التي هي عائلة كبيرة وعريقة وهي مثال لتعدد الثقافات والمعتقدات والأفكار السياسية). شخصياً تألمت للهجمة الشرسة على سميرة رجب لا لمعرفتي الشخصية بها ولا لأنني أكن لعائلة بن رجب كل الاحترام والتقدير فقط؛ لكن لأنها بالفعل لا تستحق هذا العداء. إن كل ما فعلته سميرة رجب في السنوات السابقة وعلى الخصوص منذ بدأت الأحداث في فبراير العام الماضي هو أنها عبرت بمواقف عملية عن حبها لوطنها وجاهرت بعدم قبولها بما يحاك لهذا الوطن من مؤامرات، وكانت صلبة في تلك المواقف ولا تقبل المساومة ورافضة لكل ما هو غير مقنع لها.. وصريحة كعادتها ولا تعرف المجاملات عدا أنها تعرف العقلية التي تسيطر على أولئك، فهم يعتبرون كل ما عداهم غير مستحق ويعتبرون كل من يجاهر بالوقوف ضدهم خائناً.