^  اعتدنا كثيراً أن نرى معارضة من تيار ولاية الفقيه للتطورات السياسية التي تشهدها الدولة منذ 2002، وأهمها على الإطلاق التحفظ على التعديلات الدستورية التي تمت في ذلك العام، فهل نتوقع أن نرى معارضة سُنية للتعديلات المرتقبة في ظل الحراك السياسي الدائر حالياً؟ من حق جميع أفراد الشعب وتنظيماته السياسية أن يبدي وجهة نظره تجاه هذه التعديلات؛ حتى وإن كان موقفه يتحفظ ويرفضها تماماً. ولكن بالمقابل عليه أن يحترم قواعد اللعبة السياسية التي تتضمنها الديمقراطية، فأحياناً قد لا يرى المواطن أن له نائباً في البرلمان، وسبب ذلك أنه رفض فوز هذا النائب بعد خسارة مترشحه في الانتخابات التشريعية، ولكنه من الناحية القانونية فإن المترشح الفائز هو الذي يمثله في السلطة التشريعية، هذه مبادئ الديمقراطية التي قبلها الشعب خلال الاستفتاء على ميثاق العمل الوطني. نعود مرة أخرى إلى احتمال ظهور معارضة سُنية للتعديلات الدستورية المرتقب إقرارها خلال الأسبوع الجاري. فلا أعتقد أن هناك مشكلة في ظهور مثل هذه المعارضة الجديدة للتعديلات الدستورية التي وافق عليها ممثلو الشعب في البرلمان، بل ومن حق من يراها غير مجدية وغير مناسبة أن يعلن موقفه ويرفضها. ولكن المشكلة هنا في إطار ظاهرة أكبر بدأت منذ بداية الأحداث، ونقصد بها التيار السُني المتطرف الذي يدفع نحو (ردكلة سُنة البحرين) أي تحويلهم إلى جماعات راديكالية متطرفة في آرائها، ولا تقبل النقد ولا تقبل الآراء الأخرى، بل وتحرص على تهميش وإقصاء الآخر بشكل مستمر. سأتحدث هنا عن تنظيم سياسي معروف وله قاعدة شعبية واسعة، وكان له دور مهم خلال الفترة الماضية. هذا التنظيم رفع شعارات الوحدة الوطنية، وكانت له مواقف هامة في الدفاع عن الدولة ضد الأزمة التي مرت بها، ورفع شعارات أكد فيها أن تغيير رئاسة الوزراء في مثل هذا الوقت الدقيق لن تكون له نتائج إيجابية، ويجب التمسك برئاسة الوزراء الحالية، وهو مازاد من قاعدته الشعبية التي آمنت باعتدال مثل هذا الموقف. لاحقاً شارك هذا التنظيم في حوار التوافق الوطني، وكانت مشاركته إيجابية، وبعدها كانت المفاجأة! يقال إن التنظيم قدم رسالة سرية طالب فيها بتغيير الحكومة، هكذا بشكل مفاجئ ودون مقدمات. استفسرت من بعض قيادات هذا التنظيم عن سبب هذا التحول في المواقف، فكانت الإجابة؛ نسعى لتشكيل معارضة سنية موازية للمعارضة الشيعية. زدت استغراباً وأكدت أن المعارضة الشيعية تمر بأقسى مراحل الراديكالية في تاريخها السياسي، فكان الرد؛ إذا كانت الراديكالية هي الوسيلة لتحقيق مطالبنا فلا مانع لدينا من التحول لمثل هذا المنهج! طبعاً هذا الحوار السريع شكّل صدمة كبيرة لي شخصياً، ولكنني عرفت دوافع هذا التحوّل لاحقاً، خصوصاً وأنا أتابع مواقف هذا التنظيم الذي تحوّل إلى نسخة سُنية مطورة من التنظيمات الراديكالية لولاية الفقيه. وعليه فلا أستبعد تماماً أن يبدي هذا التنظيم تحفظاته خلال أيام من الآن على التعديلات الدستورية ليس لجوهرها أو طريقة إقرارها، وإنما للدور الذي يسعى لتحقيقه، وأجندته التي لا يعلم تداعياتها المستقبلية.