ارتفاع أسعار النفط إلى معدلات قياسية تجاوزت 120 دولاراً هذا العام يحفز المواطن الخليجي وبالتحديد الموظف في القطاع الحكومي على المطالبة بزيادة راتبه من باب المشاركة في «الأرباح». لكن مبدئياً وحسب التوجهات الحكومية لدول الخليج التي ترسمها الرؤى الاقتصادية، يبدو أن زيادة الرواتب أمر مستبعد.

وقد قامت دول الخليج سابقاً بزيادة رواتب العاملين في القطاع الحكومي -بحكم أنه أكبر مشغل للمواطنين فيها- مع أغلب الطفرات النفطية، لكن تبين أن هذه التجارب مكاسبها سياسية فقط ومؤقتة ولا تفيد اقتصادياً على المدى البعيد بل تساهم في زيادة الاستهلاك الذي يصاحبه ارتفاع في عمليات الاستيراد. ومن المتوقع -ومن أجل المصلحة العامة بعيدة المدى- أن تذهب الفوائض المالية جراء ارتفاع سعر النفط حالياً في استثمارات لبناء قدرة الاقتصاد الإنتاجية وخلق عدة مصادر للدخل للدولة. هذا ليس كلامي، بل رأي تفضل به د. عمر العبيدلي مدير الدراسات والبحوث في مركز «دراسات» في إحدى مقالاته المنشورة منذ أغسطس 2019 حول سياسات إنفاق الدول الخليجية المستقبلية.

والتركيز اليوم أكثر من أي وقت مضى على تنويع الاقتصاد والذي يأتي من ضمنه تشجيع السياحة وتشييد المشاريع الاستراتيجية الكبرى كالمدن الصناعية والسياحية التي تستقطب الاستثمارات مع تجنب أية وعود بزيادة الرواتب. السعودية على سبيل المثال لديها مشروع مدينة «نيوم» الضخم ومشروع بوابة الدرعية السياحي ومشروع مدينة الملك سلمان للطاقة في المنطقة الشرقية وغيرها الكثير. والبحرين أعلنت مؤخراً في منتدى دافوس عن إنشاء ثلاث مدن صناعية لأغراض متعددة إضافة إلى استثمارها المستمر في تطوير البنية التحتية السياحية والذي يأتي من ضمنها إنشاء مركز المعارض الجديد في منطقة الصخير.

من جانب آخر، تتناقض فكرة زيادة رواتب القطاع الحكومي مع توجه الدول الخليجية الحالي نحو تشجيع مواطنيها على الإنخراط في وظائف القطاع الخاص بعد أن إمتلأت قطاعاتها الحكومية بالموظفين وأصبحت تشكو من التخمة وبعد أن ترك القطاع الخاص لغير المواطن يفوز بمكاسبه العديدة و يسيطر على مفاصل الإقتصاد. إذا، كيف ستقنع الدول الخليجية مواطنيها على البحث عن عمل في القطاع الخاص في حال زادت الرواتب في القطاع الحكومي و أصبحت المميزات المادية فيه أفضل؟ أمر سيكون من الصعب تبريره.