الثقافة هي هوية المجتمع وكلما تمسك بها زادت صلابة المجتمع وهي لا تشمل العناصر المادية فحسب مثل المباني والأدوات المادية إنما أهم منها العناصر المعنوية أهمها اللغة والعقيدة والفكر واليوم تتعرض لغتنا العربية لحرب ناعمة قادمة مع التيار الجارف لعصر العولمة حيث يتم من خلالها فرض الحصار اللغوي عليها في التعليم فأصبحت المناهج الدراسية أجنبية حتى في المراحل الأولى من التعليم فأصبحت الأسرة وغيرها تتفاخر عندما يتحدث الطفل باللغة الإنجليزية أما علمنا بأن تعلم اللغة ليس هو تعلم مفردات أنما تعلم عقلي حركي بمعنى أن الطفل إذا تعلم منذ الطفولة نطق المفردات الإنجليزية يصبح عليه بعد ذلك صعب تعلم نطق مفردات اللغة العربية لأن نطق مفردات اللغة العربية تأتي من الداخل وليس من الخارج فكل حرف أو كلمة عربية لها مخارج معينة ولذلك نرى أن الشخص الكبير الأجنبي صعب عليه أن ينطق بالعربية الفصحى وأغرب مثال على ذلك نلاحظ أن الأجانب الهنود أو البنغال أو غيرهم لا ينطقون العربية بفصاحة إلا عند تلاوة القرآن الكريم لأنه معجزة من الله أما عندما يتكلمون كلاماً عادياً عربياً فلا يتكلمون بالفصحى أو قد لا يجيدون التحدث باللغة العربية تماماً مثل اللغات الأخرى.

والخطورة التي تنتج عن عدم اهتمامنا باللغة العربية أنها لغة عقيدتنا الإسلامية التي مصدر تشريعاتنا يقول الحق سبحانه وتعالى «وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وهذا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ»، «سورة النحل: الآية 30».

لذا علينا أن نعلم أطفالنا منذ الطفولة المبكرة اللغة العربية الفصحى قبل أي لغة أخرى ومن هنا نلاحظ أن الأطفال الذين يدخلون المدارس الخاصة التي مناهجها باللغة الإنجليزية لا يصل الطالب إلى المرحلة الثانوية إلا ويجد صعوبة في التحدث والكتابة باللغة العربية وكأستاذ جامعي وجدت بعض الطلاب العرب لا يجيدون التحدث باللغة العربية الفصحى ولا حتى الكتابة بالعربية وهم ينحدرون من أسر عربية أصيلة لذا ماذا ننتظر أن يكون تعليم اللغة في المستقبل!

وارتباط الثقافة العربية بالأيديولوجية، كمثل ارتباطها بالدين أو بالسياسة، يجعلها ثقافة غير خلاقة وفاشلة في خلق الإبداع الإنساني، فيصبح المثقف يدافع عن الأطروحات السياسية للدولة، بوعي أو دون وعي، عوض تحليلها أو معارضتها إن اقتضى الحال.