قال الصديق:

يفترض أن تبدي تعاطفاً مع الشعب الأوكراني الذي يتعرّض إلى غزو روسي، بدلاً من التركيز على نقد الموقف الغربي. فلا أوكرانيا ولا هذه الدول أعلنت الحرب على روسيا؟

قلت للصديق:

أنا أتعاطف مع الشَّعب الأوكراني، ومع حقه في الدِّفاع عن نفسه وعن بلده. كما أتعاطف مع الضَّحايا من الجانبين. ولذلك فأنا ضد هذه الحرب جملة وتفصيلاً. ولكن لا تقل لي رجاءً أن دول الناتو لم تعلن الحرب على روسيا، فتلك مغالطة كبرى.

فالعالم يدرك بأن الغرب قد زجَّ بأوكرانيا في هذه المحرقة المُهلكة، ودفعها إلى استفزاز روسيا بكل وسيلةٍ ممكنةٍ، وجرَّها جرّاً إلى حرب ِاستنزافٍ طويلةٍ. وهذا في ذاته إعلانُ حربٍ: فعدم الالتزام بتنفيذ بنود اتفاقيتي منسك-1 ومنسك-2 من قبل أوكرانيا والدَّاعمين لها والضَّامنين للاتفاق، هو إعلان حرب، مع أن الالتزام بهما كان يُمكن أن يُجنب الجميع مثل هذه الحربِ المُهلكة والعبثية. خاصة وأن الاتفاقيتين قد نصتا على حوار حول الحكم الذاتي لإقليم الدومباس، والاعتراف بوضعهما الخاص، والسَّماح باستئناف الروابط الاجتماعية والاقتصادية بين سكان الإقليمين وسائر الأقاليم الأوكرانية.

كما أن تجاهل مخاوف روسيا الأمنية، والاستخفاف بمطالبها بحياد أوكرانيا، وعدم انضمامها إلى حلف الناتو، وفقاً لما تم الاتفاق عليه، يُعدُّ بمثابة إعلان حربٍ وبمثابة تهديد صريح لأمنها واستقرارها. دون أن ننسى أن فرض أكثر من 6 آلاف عقوبة اقتصادية ومالية ولوجستية ورياضية وثقافية، ومنع الصوت الروسي من الوصول إعلامياً إلى الرأي العام العالمي، هو بمثابة إعلان حرب أيضاً، تماماً مثل منع الطيران الروسي من العبور عبر المجال الجوي لدول الناتو ودول الاتحاد الأوروبي، ومنع السفن الروسية من الرسو أو التحميل والتفريغ في موانئ هذه الدول، والاستيلاء غير الشرعي على الأموال الروسية في البنوك الغربية، والتعدي على حقوق الروس أو الناطقين بالروسية في هذه البلدان وحرمانهم من العديد من حقوقهم الإنسانية، والاستيلاء على أموالهم وتعقيد حياتهم ومحاربة ثقافتهم بلا هوادة ومنعها حتى في الجامعات والمراكز الثقافية هو تعد غير مسبوق على الحقوق والحريات، إلى درجة أن البعض وضمن هذه الحملة المسعورة، لا يخجل من رفع شعار فاشي لئيم: «الروسي الجيّد هو الروسي الميت»!! ولذلك لا تقل لي يا صديقي إن الغرب لم يعلن الحرب على روسيا. إنها حرب شاملة.

في وداع سعيد

قد تتفق مع الرَّاحل سعيد الحمد- رحمه الله- وقد تختلف معه، فذلك شأن الناس في الفكر وفي السياسة. ولكنك لن تُشكك لحظة واحدة في كفاءة هذا الرجل ووطنيته العالية، ككاتب وكإعلامي وكمذيع، ترك بصمة خاصة وأسلوباً عجيباً. لذلك سوف يُذكر اسمه دائماً مقروناً بذكريات لا تموت، بصوته المسكون بهموم الوطن الصغير والوطن الكبير، حتى آخر نفس من أنفاسه. رحم الله سعيداً وغمّد روحه الجنةَ.