أسرعت الحرب الأوكرانية من وتيرة تحول روسيا نحو الشرق، وأدت لصعود الطلب المحلي على اليوان الصيني، مما ساهم في كبح زيادة سعر صرف الروبل التي استمرت على مدى 4 شهور، مما فاقم الضغوط الواقعة على الشركات والميزانية العمومية.

صعد حجم التداول في زوج العملات اليوان والروبل إلى أعلى مستوى في التاريخ خلال الأسبوع الجاري، وبلغ مستوى قياسياً لليوم الواحد قدره 7.82 مليار يوان (1.16 مليار دولار) الأربعاء، بحسب بيانات بورصة موسكو. تبين الأرقام أن أحجام زوج العملات اليوان والروبل أعلى حالياً من حجم زوج العملتين اليورو والروبل. يُعدّ الروبل الأسوأ أداء في حجم التداول مقابل الدولار الأميركي خلال يوليو من بين 23 عملة في الأسواق الناشئة ترصدها بلومبرغ.

منذ غزو أوكرانيا، أدت العقوبات الساحقة إلى عزل روسيا عن الأسواق العالمية، ما جعل استثمارات الدولار واليورو ذات مردود سلبي بالنسبة للمستثمرين المحليين. تقدمت الحكومة باقتراح لشراء عملات ما يطلق عليها الدول الصديقة لتهدئة زيادة سعر صرف الروبل في السنة الحالية، لكن ليس هناك مؤشر على أن الصعود الأخير في حجم تداول اليوان كان جراء التدخلات المنسقة.



مخاوف المستثمرين

قال جورج فاشنكو، رئيس العمليات التشغيلية لسوق الأسهم الروسية في شركة "فريدوم فاينانس" (Freedom Finance LLC): "ليست الحكومة الروسية وحدها، لكن أيضاً يهتم المستثمرون من القطاع الخاص والمؤسسات، الذين يشاركون في النشاط الاقتصادي الأجنبي بتفادي مخاطر البنية التحتية الخارجية". تابع: "إنهم ينتقلون بقوة إلى عملات أخرى بخلاف الدولار واليورو".

لم يستجب بنك روسيا المركزي فوراً لطلب للتعليق على الموضوع.

رغم ما تعانيه روسيا من عزلة، تسير عملتها في منحنى الصعود منذ فبراير الماضي. استمرت الشركات في تحويل مليارات الدولارات من عائدات صادرات الطاقة إلى عملة الروبل، في حين أن قيود العملة وانهيار الواردات يعني أنه يوجد قدر محدود من الإقبال على عملة الدولار.

لامس الروبل أعلى مستوى له في غضون 7 أعوام في الشهر الماضي، ما أثار مخاوف من أن الزيادات ستعرقل القدرة التنافسية للشركات وتحد من إيرادات الميزانية الخاصة بالصادرات بالعملة المحلية.

الروبل ينال من بايدن

لكن الرغبة في الحصول على اليوان، علاوة على تقليص أسعار الفائدة بما يفوق المتوقع خلال الأسبوع المنصرم، يظهر أنها تضعف من التعافي الذي ينال من تأكيد الرئيس الأميركي جو بايدن على أن العقوبات على روسيا قد جعلت الروبل "أنقاضاً".

هبط سعر صرف العملة محلياً بما يتجاوز 16% في يوليو الحالي، عقب 4 شهور من الارتفاعات في مقابل الدولار. وصل حجم التداول زوج اليوان-الروبل ما يزيد على 100 مليار يوان ( بما يعادل 14.8 مليار دولار) في يوليو الجاري بالمقارنة مع 54 مليار يوان (بما يعادل 8 مليارات دولار) في يونيو الماضي، بحسب تقديرات بلومبرغ القائمة على بيانات بورصة موسكو.

قال إيغور زيلنيكوف، كبير المحللين في شركة " برومسفياز بنك" (Promsvyazbank PJSC): "صعد سعر صرف الدولار من خلال تأثيرات تداول زوج عملات ليس بينهما الدولار". تابع: "عليك أن تنتبه إلى زوج العملات اليوان والروبل، وسترى قوة العملة الصينية بصورة أكبر بعدما بلغت أحجام التداول مستوى قياسي.

إضعاف الروبل

في نهاية يونيو الماضي، قال وزير المالية الروسي، أنطون سيلوانوف إن الحكومة تفكر في تجديد العمل بقانونها المالي قبيل اندلاع الحرب لتحويل عائدات الطاقة إلى عملات أجنبية، وبالتالي إضعاف سعر صرف الروبل بطريقة غير مباشرة. ومن المقرر أن يستهدف هذا النهج الحديث العملات التي لم تتطالها العقوبات. ولم يذكر تحديداً العملات التي قد يدرسها.

قالت المحافظة، إلفيرا نابيولينا خلال الأسبوع الماضي إن بنك روسيا المركزي جاهز للشروع في عمليات الشراء وفقاً لقانون الميزانية في وقت مبكر من السنة الحالية.

أشار أندري كوشيتكوف، الذي يعمل وسيطاً في مصرف " أوتكريتيي" (Otkritie Bank FC) في موسكو، إلى أن الحكومة ربما تكون متواجدة فعلياً في السوق.

قال: "تضاعف حجم التداول تقريباً الشهر الماضي، بينما لا يمكننا إلى الآن التكلم عن تعافي قوي بالنسبة للواردات". أضاف: "لذلك يظهر أن مشاركة السلطات في عمليات تداول العملات الأجنبية هي السبب الأكثر احتمالاً" لتراجع سعر صرف الروبل.