^ رنـــوة العمـصي

تعصب المتعصبون، وثار الثائرون لدى سماع قصة طلب مركز الشيخ إبراهيم من وزارة الداخلية منع رفع الأذان في أحد مساجد المحرق.. ثم ماذا؟ ثم لا شيء. لو أننا أعملنا العقل قبل النقل، لما كنا بحاجة لكل هذا. لن أخوض في نقل الأحداث، قبل أن أخبركم كيف قرأ عقلي الحدث قبل أن يأخذ منه موقفاً.. أولاً، حسب معرفتي فإن أذان العشاء يرفع في السابعة والربع، في حين تبدأ فعاليات المركز بعد الثامنة، والفارق في أسوأ الحالات يكون دقيقة، تجعل فكرة منع الأذان أمراً عديم الفائدة، لو افترضنا جدلاً أن إدارة المركز تنزعج من تداخل الأصوات. ثانياً، أن مسجد بن نصر ومركز الشيخ إبراهيم متجاوران منذ عشر سنوات، والأذان يرفع والصلاة تقام والفعاليات تنفذ، ولم يسبق أن حدثت مثل هذه الإشكالية. فلماذا تحدث هذا اليوم بالتحديد؟! أجزم أن هناك سبباً لكنه ليس الأذان، وإلا لكنا سمعنا بهذه المشكلة منذ عشر سنوات هي عمر هذه الجيرة الطيبة. ثالثاً، كلمة الحق لا تحتاج تجييشاً لو أن الذي أراد أرادها، وأن الذي جمع شباب الحي والحي المجاور، لم يكن بحاجة لإرهاب الآخر حتى يوصل كلمته. ففكرة محاصرة المركز بجموع الشباب الغاضب، والهتاف ليدخل الصوت لداخل المركز بينما الزوار محاصرون في الداخل، تجعل الأمر يبدو وكأن مركز الشيخ إبراهيم وزواره من الشعب البحريني والعربي هم الذي تعرضوا لاعتداء وإرهاب نفسي، وليس العكس. رابعاً، وضع وزارة الثقافة في صدارة الموقف أمر غريب، كون مركز الشيخ إبراهيم مؤسسة أهلية، لا تتبع وزارة الثقافة واتهامها خلط للأوراق، في أحسن الأحوال ينم عن عدم معرفتنا أحياناً بالقضايا التي ننبري لها. هذا هو العقل، أما النقل فهو حديث ودي دار بين شرطي مكلف بمتابعة مستوى ارتفاع مكبرات الصوت، وإمام مسجد بن نصر. لا تسألوني كيف تحولت للحكاية الكبيرة التي وصلتنا. ما أريده ليس تبرير موقف أحد أو الادعاء على آخر، أريد أن تسهم هذه الحوادث في أن ننضج، ونتعلم، ولا ننقاد هكذا لكل من تحدث باسم ديننا السمح. لن تصدقوا أنه حتى الذين تظاهروا اختلفت رواياتهم بشأن المسجد. بعضهم قال مسجد بن نصر وبعضهم قال مسجد عيسى بن علي، كانوا غير متيقنين حتى من المسجد الذي تتحدث عنه الحكاية، فما بالك ببقية الحكاية؟! علينا أن نكون واعين قبل أن نقدم مواقفنا على طبق من ذهب، وألا نتسامح مع الأفراد أو الكتل التي تعبث باستقرارنا، ومودتنا بافتعال تلك الحوادث، سيما وهي تتحدث باسم الدين الذي نعتنقه جميعاً دون مزايدة.