بدأت المخاوف من رفع الفائدة بالظهور على الأسواق العالمية منذ بدأ الفيدرالي التمهيد لهذه الخطوة، وذلك بعد سنين من استفادة جميع الاقتصادات العالمية من مستويات الفائدة المتدنية، وفي أولى التداعيات، قد تتلقى الأسواق الناشئة ضربة موجعة، ولربما آثار خطوة الفيدرالي قد بدأت بالظهور منذ فترة. بالإضافة إلى عدة تحذيرات سمعناها لاسيما من صندوق النقد والبنك الدوليين، تدعو إلى تأجيل رفع الفائدة لتفادي أزمة كبيرة تحمل مخاطر خروج الأموال من هذه الأسواق وتؤدي إلى تقلبات في عملاتها. وعلى رأسها الصين التي كانت في السابق من أكبر المستفيدين من الأموال السهلة، لكنها قد تتعرض لموجةٍ حادةٍ من هروب الأموال فور رفع الفائدة.

ففي السنوات الست الماضية استفاد المقترضون الصينيون من وفرة القروض من البنوك الأجنبية، فرفع الفائدة سيرفع تكلفة الإقراض على هذه الشركات، وبالتالي يضغط على سيولتها وإنفاقها الرأسمالي، في الوقت الذي يعاني فيه الاقتصاد من تباطؤ يصعب على الحكومة التصدي له.

أما الخاسر الأكبر من رفع الفائدة فهي الاقتصادات التي تعتمد على تدفقات رؤوس الأموال قصيرة الأجل لتمويل العجز في الحساب الجاري، مثل البرازيل وجنوب إفريقيا وروسيا .

ومع زيادة مساهمة الأسواق الناشئة في الاقتصاد العالمي، السؤال الذي يتم طرحه الآن هو مدى تأثر الولايات المتحدة والدول المتقدمة بالتباطؤ الذي ستشهده الاقتصادات الناشئة عند رفع الفائدة أو الـ(spillback).

أحد أهم التداعيات هي تباطؤ شراء الصين من الديون الأميركية.. وهي المستثمر الأجنبي الأكبر في السندات الحكومية الأميركية بأكثر من تريليونين ومئتين وسبعين مليار دولار. ويجب أن نذكر أن الصين باعت 100 مليار دولار من حيازتها بعد خفض عملتها الشهر الماضي.

هذا إذا سيؤدي إلى نقص مصادر التمويل في الولايات المتحدة، وبالتالي قد يدفع الفائدة إلى المزيد من الارتفاعات.

وربما تداعيات تباطؤ الأقتصادات الناشئة بدأت بالتأثير على الدول المتقدمة، لا سيما بعد هبوط أسعار النفط وبالتالي الضغط على الإيرادات النفطية، ذلك إلى جانب تراجع أسعار الواردات وانخفاض طلبيات السلع الرأسمالية، وما يأتي من تراجعات في العوائد على الشركات الأوروبية والأميركية التي تعتمد على هذه الأسواق.

وطبعا مخاوف افتعال رفع الفائدة لأزمة ديون عالمية يلوح بالأفق، لا سيما أن الديون المقومة بالدولار وصلت إلى مستويات قياسية 9.6 تريليون دولار.