يقود خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، تغييرات حاسمة من أجل مستقبل السعودية، تستند إلى ضخ دماء شابة في القيادة ونقل السلطة إلى الجيل الثاني، الأمر الذي اعتبره محللون ومراقبون «تعزيز لدور المملكة وتوفير الرفاهية للمواطن السعودي». ويملك خادم الحرمين الشريفين، تاريخاً حافلاً بالنجاحات، يتميّز بمنهج إداري رصين. وتولى العاهل السعودي مناصب عدة، بدأها أميراً للرياض على فترتين ثم وزيراً للدفاع، وولياً للعهد. ويحظى العمل الإنساني والثقافي باهتمام الملك سلمان. وتمّت مبايعة خادم الحرمين الشريفين ملكاً للمملكة العربية السعودية، في 2 ربيع الآخر 1436هـ الموافق 23 يناير 2015م، وكان الملك سلمان، قد قضى أكثر من عامين ونصف ولياً للعهد في المملكة العربية السعودية، ونائباً لرئيس مجلس الوزراء، إثر تعيينه في 18 يونيو 2012، بأمر ملكي، كما بقي حينها في منصبه وزيراً للدفاع في السعودية، وهو المنصب الذي عُيِّن فيه منذ 5 نوفمبر 2011، قبل ذلك، كان الملك سلمان أميراً لمنطقة الرياض أكثر من 50 عاماً.وُلد الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، في 5 شوال سنة 1354 هـ، الموافق 31 ديسمبر 1935 م، في الرياض، وهو الابن الخامس والعشرون، لمؤسس المملكة العربية السعودية، الملك عبدالعزيز آل سعود طيب الله ثراه. نشأ خادم الحرمين الشريفين مع إخوانه في القصر الملكي في الرياض، حيث كان يرافق والده في اللقاءات الرسمية مع ملوك وحكام العالم. تلقى خادم الحرمين الشريفين تعليمه المبكر في مدرسة الأمراء بالرياض، حيث درس فيها العلوم الدينية والعلوم الحديثة، وختم القرآن الكريم كاملاً وهو في سن العاشرة، على يد إمام وخطيب المسجد الحرام، الشيخ عبدالله خياط، رحمه الله. وقد أبدى الملك سلمان بن عبدالعزيز منذ الصغر اهتماماً بالعلم وحصل لاحقاً على العديد من الشهادات الفخرية والجوائز الأكاديمية.تولى خادم الحرمين الشريفين، منصب أمير الرياض، إحدى أكبر مناطق المملكة العربية السعودية في المساحة والسكان وعاصمة الدولة، وذلك في مرحلة مهمة من تاريخ هذه المدينة، حيث تم تعيينه بداية أميراً لمنطقة الرياض بالنيابة وهو في التاسعة عشرة من العمر، بتاريخ 11 رجب 1373 هـ الموافق 16 مارس 1954 م. وبعد عام واحد عُيّن حاكماً لمنطقة الرياض وأميراً عليها بمرتبة وزير، وذلك بتاريخ 25 شعبان 1374 هـ الموافق 18 أبريل 1955 م. ومن قصر الحكم بالرياض، حيث ولد وترعرع، كان يمارس عمله أميراً لمنطقة الرياض. واستمر أميراً لمنطقة الرياض، لأكثر من 5 عقود، أشرف خلالها على عملية تحول المنطقة من بلدة متوسطة الحجم يسكنها نحو 200 ألف نسمة، إلى إحدى أسرع العواصم نمواً في العالم العربي اليوم، حيث تحتضن أكثر من 5 ملايين نسمة.ولم تخلُ فترة النمو هذه من التحديات الصعبة التي ترافق مسيرة التنمية والنمو، ولكنه أثبت قدرة عالية على المبادرة وتحقيق الإنجازات، وباتت العاصمة السعودية اليوم إحدى أغنى المدن في المنطقة ومركزاً إقليمياً للسفر والتجارة. وقد شهدت الرياض خلال توليه الإمارة إنجاز العديد من مشاريع البنية التحتية الكبرى، مثل الطرق الواسعة والحديثة، والمدارس، والمستشفيات، والجامعات، إلى جانب المتاحف والاستادات الرياضية وإعداد مشروع مترو الرياض. وتضمّ العاصمة السعودية الرياض عدداً من المعالم المعمارية البارزة، وهي تمتد على مساحة عمرانية تجعلها إحدى أكبر مدن العالم مساحة.في نوفمبر 2011 عُيِّن صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز وزيراً للدفاع في المملكة، والتي تشمل القوات البرية والجوية والبحرية والدفاع الجوي. وشهدت وزارة الدفاع في عهده تطويراً شاملاً لقطاعات الوزارة كاملة في التدريب والتسليح، كما أشرف بنجاح على أكبر مناورة عسكرية في تاريخ القوات المسلحة السعودية.وإضافةً إلى إمارة الرياض، تولى الملك سلمان بن عبدالعزيز خلال مسيرته العديد من المناصب المهمة والمسؤوليات الرفيعة في المملكة.ويعرف الملك سلمان بأعماله وجهوده الخيرية الواسعة، حيث يتولى رئاسة مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة، والرئاسة الفخرية لجمعية الأمير فهد بن سلمان الخيرية لرعاية مرضى الفشل الكلوي، والرئاسة الفخرية للمركز السعودية لزراعة الأعضاء، وغيرها من الجهات. ومنذ 1956 م، تولى الملك سلمان رئاسة مجلس إدارة العديد من اللجان الإنسانية والخدماتية التي تولت مسؤوليات أعمال الدعم والإغاثة في العديد من المناطق المنكوبة حول العالم، سواء المناطق المتضررة بالحروب أو بالكوارث الطبيعية. وقد نال خادم الحرمين الشريفين، عن جهوده الإنسانية هذه العديد من الأوسمة والميداليات من دول عدة بينها البحرين والبوسنة والهرسك وفرنسا وفلسطين والفلبين والسنغال والأمم المتحدة واليمن. ويحمل خادم الحرمين الشريفين وشاح الملك عبدالعزيز من الطبقة الأولى، والذي يُعتبر أعلى وسام في المملكة، كما حصل على العديد من الأوسمة والجوائز.وتعد نجاحات خادم الحرمين الشريفين منذ تقلده الحكم مؤشراً واضحاً لتجسيد المعنى الحقيقي لمقولة «خير خلف لخير سلف»، حيث تعيش السعودية نهضة حضارية في عهد جلالته بفضل سياسته التي تقوم على ضخ دماء شابة لقيادة المملكة بإعطائهم فرصاً للمشاركة الفاعلة في النماء والتطوير على نهج الآباء.فبعد رحيل المغفور له الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود استكمل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود مسيرة البناء والنماء، وشهدت المملكة العربية السعودية نهضة تطويرية في جميع الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وكان أبرزها تشكيل إدارة جديدة تختلف عن سابقتها بدمائها الشابة تواجه ملفات داخلية وخارجية تحمل في طياتها تحديات كبيرة، والاستماع إلى مشكلات الشباب وإعطاء طلباتهم الأولوية، وتطوير أداء الخدمات الحكومية، والارتقاء بالخدمات الصحية لكل المواطنين في جميع أنحاء المملكة.وأكد خادم الحرمين الشريفين عزم المملكة وضع الحلول «العملية والعاجلة» لتوفير السكن الملائم للمواطن وتشييد وحدات سكنية، وتمليكهم لمساكنهم وإيجاد فرص العمل للسعوديين. كما أخذ الملك على عاتقه تطوير قطاع الرعاية الصحية بحيث تكون المراكز الصحية والمستشفيات المرجعية والمتخصصة في متناول الجميع حيثما كانوا. كما أولى تطوير التعليم أهمية خاصة من خلال التكامل بين التعليم بشقيه العام والعالي، وتعزيز البنية الأساسية السليمة له بما يكفل أن تكون مخرجاته متوافقة مع خطط التنمية وسوق العمل.وتتجه سياسة الملك إلى عدم الاعتماد على النفط اعتماداً كلياً وتطمح إلى التنويع في مصادر الدخل بتكثيف تصنيع مشتقات البترول التي من شأنها توسيع القاعدة الصناعية للمملكة. ويقول الملك سلمان عبر حسابه في تويتر: «هدفي الأول أن تكون بلادنا نموذجاً ناجحاً ورائداً في العالم على كافة الأصعدة، وسأعمل معكم على تحقيق ذلك». ويقود خادم الحرمين الشريفين، تغييرات حاسمة من أجل مستقبل السعودية، تستند إلى ضخ دماء شابة في القيادة ونقل السلطة إلى الجيل الثاني، الأمر الذي اعتبره محللون ومراقبون «تعزيز لدور المملكة وتوفير الرفاهية للمواطن السعودي». وكان الملك سلمان قد أصدر أمراً ملكياً بتعيين الأمير محمد بن نايف ولياً للعهد بدلاً من الأمير مقرن بن عبدالعزيز الذي أعفي من منصبه، بناء على طلبه، كما عين نجله الأمير محمد بن سلمان ولياً لولي العهد بعد حصوله على غالبية أصوات هيئة البيعة. كما أعفي وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، رحمه الله، الذي قاد دبلوماسية بلاده طوال 40 سنة، لأسباب صحية، وعين مكانه سفير المملكة لدى واشنطن عادل الجبير. وأجرى الملك أيضاً مجموعة واسعة من الاعفاءات والتعيينات التي من شأنها تغير بشكل جذري وجه الإدارة السعودية. وهي ثاني دفعة من التغييرات الكبيرة منذ اعتلاء الملك سلمان سدة الحكم خلفاً لأخيه الملك عبدالله رحمه الله في يناير الماضي. وقد حظيت القرارات الملكية التي أصدرها الملك سلمان بن عبدالعزيز، بمواكبة واسعة النطاق وأصداء كبيرة من وسائل الإعلام العالمية المختلفة، حيث تابعت الوسائل عبر مواقعها الإلكترونية ونسخها الورقية والفضائيات والإذاعات الحدث السياسي والاقتصادي المهم لدولة تعد من أكبر الدول المنتجة للنفط في العالم، إضافة إلى مكانتها السياسية والاقتصادية وموقعها الإسلامي بين جميع الدول الإسلامية، وهكذا بدأ عدد من الصحف حديثه عن السعودية بهذا الشكل كمدخل للحديث عن التغييرات الكبيرة التي شهدها المشهد السياسي والوزاري في الرياض.وتحدثت وسائل الإعلام العالمية كثيراً عن الشخصيات التي اختارها الملك سلمان للمرحلة المستقبلية المقبلة، مشيرة إلى أن «المرحلة المقبلة تتطلب هذه التغييرات على المستويات كافة وستشكل ركيزة كبيرة للمؤشرات الاقتصادية والسياسية لبلد مثل السعودية بحجم إمكاناتها المختلفة، كما أثنت على هذه الاختيارات في تخصصها وعمرها ومدى قوة مسؤوليتها».وأبرزت وسائل الإعلام العالمية التقارير حول دور الأمير محمد بن نايف في قيادته للأمن السعودي.وقال محللون ومراقبون تعليقاً على القرارات الملكية لخادم الحرمين الشريفين «يعلم كل وزير أن أداءه خاضع للمراقبة أكثر من السابق».وأضافوا أن «الأمير محمد بن سلمان منخرط إلى حد كبير في الأمر، وهو يبحث عما هو جيد لبلاده، وليس ما هو جيد لوزارة بعينها»، مشيرين إلى أن «هذه القرارات، ولاسيما المتعلقة بولي العهد، تبدو أنها لم يسبق لها مثيل».وأوضحوا أنه «نظراً لأنها جاءت في وقت لاتزال فيه الحملة على اليمن قائمة، فمن الممكن أن تكون لها علاقة حول أفضل السبل للتعامل مع القضية اليمنية ولكن في الوقت نفسه تخدم مصلحة السعودية اقتصادياً وسياسياً».ولفتوا إلى أن «هذه القرارات جملة وتفصيلاً تخدم السعودية في مواجهة التوترات الإقليمية المتعلقة بصراعات منفصلة محتدمة في كل من اليمن وسوريا والعراق، وكذلك تساعد الرياض على زيادة تطويق نطاقها لمواجهة الإرهاب المستوحى من الجماعة المتطرفة، وهي تنظيم الدولة «داعش» الإرهابي حيث نجحت أخيراً في إحباط مؤامرة من هذا التنظيم يريد أن ينشر بها الفوضى في عدد من المناطق السعودية».وقالت مصادر سعودية إن «ولي ولي العهد السعودي لعب دوراً رئيساً في حملة التحالف الجوية الذي تقوده السعودية في اليمن لمحاولة وقف تقدم المقاتلين الحوثيين، الذين تدعمهم إيران».وأشار المراقبون إلى أنه «لم تعد المملكة العربية السعودية هي التي كنا نعرفها»، مضيفين أن «هذه تغييرات متميزة ستكون لها انعكاسات ليس فقط على الصعيد المحلي، وإنما أيضاً على الصعيد الدولي».وذكروا أن «هذا يعد إجابة حاسمة جداً من الملك سلمان تعكس القرارات القوية منذ تسلمه زمام السلطة ومواقفه الحاسمة وسيطرته على الأمور السياسية في المملكة».ومنذ تولي الملك سلمان العرش بعد وفاة أخيه الملك عبدالله رحمه الله في يناير الماضي، ترأس العاهل السعودي سياسات خارجية أكثر نشاطاً، بما في ذلك تشكيل التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن «عاصفة الحزم» ثم «إعادة الأمل» في مارس الماضي ضد المتمردين الحوثيين في اليمن، والخارجين عن السلطة الشرعية، الذين تدعمهم إيران، بناء على طلب الرئيس الشرعي للبلاد المعترف به دولياً عبدربه منصور هادي.