كم كان مذلاً بالنسبة للكتلان ذلك المشهد وهم يتابعون عقدتهم الدائمة منذ أيام الروخي بلانكوس فرناندو توريس و هو يتلاعب بالحارس فالديز كما يتلاعب الجلاد بالمجلود قبل أن يطلق رصاصة الرحمة لينهي حالة التوتر التي عاشها الكوليز في تلك اللحظات محولاً إياها إلى حزن عميق حداداً لوفاة أسطورة برشلونة والتي ودعت فتية إذ لم يتجاوز عمرها عدد أصابع اليد الواحدة. وما زاد من آلام الكتلان تزامن الخروج المرير من دوري الأبطال مع فقدانهم نظريا لقب الليغا الإسبانية لصالح الغريم التقليدي و بأسوأ سيناريو ممكن و ذلك بعدما سقط البلوغرانا أمام حامل الرقم القياسي للمسابقتين (الليغا و دوري الأبطال) في معقله لتتحول أرضية الكامب نو إلى ساحة لاحتفالات الملوك. و لربما يجد جمهور اللوس بلانكوس بعض المواساة بسبب الأسبقية التي حصل عليها منافسه بايرن ميونيخ باراحته جميع لاعبيه الأساسيين خلال مباريات البوندزليغا منذ أن فقد جميع آماله في نيل الدرع الذي بقي في خزائن بوروسيا دورتموند, و لكن حال تشيلسي منافس برشلونة لم يكن ذاته حيث اضطر إلى خوض لقاء ديربي أمام توتنهام في نصف نهائي كأس إنجلترا قبل مباراة الذهاب قبل أن يعود ليخوض دربي آخر أمام مدافع الآرسنال في مواجهة مهمة لمستقبله الأوروبي الموسم القادم قبل يومين فقط من مباراة الإياب, ناهيك عن الطرد المبكر لقائده جون تيري مما استنزف الكثير من طاقات لاعبي البلوز و هو ما يجعل من التذرع بالإرهاق نوع من خداع النفس للرضوخ للأمر الواقع. ووضع الفشل الذريع الجمهور البرشلوني في وضع حرج خاصة مع تقلص عدد الأعذار التي لم يستخدموها بعد, فالتحكيم و أرضية الملاعب و الخشونة.. كلها قد تم حفظها في أسطوانات لتظهر مع أول هزيمة للفريق «القادم من كوكب آخر» بالنسبة لهم فلا يمكن أن يخسر برشلونة في ظروف طبيعية على الإطلاق ومن يدري ربما كان شبح فرانكو وراء الانتكاسة الحالية! ولطالما اتهم الزعيم السابق لإسبانيا فرانسيسكو فرانكو بأنه السبب الذي أعاق البرسا من فرض هيمنته على أوروبا و العالم و ذلك بسبب محاباته لفريق ريال مدريد رغم أن فريق العاصمة لم يتمكن من رفع أول درع له سوى بعد 15 عاما من تولي فرانكو لزمام الأمور! برشلونة نفسه تمكن من تحقيق 8 بطولات ليغا خلال تلك الحقبة ناهيك عن كونها الفترة الأفضل في تاريخ أتلتيكو مدريد أحد ألد خصوم الميرنغي وأشدهم عداوة! و على الجانب الآخر نجد أن ريال مدريد المدجج بالأساطير على غرار الهداف التاريخي ألفريدو دي ستيفانو وفرانسيسكو خينتو تمكن من فرض هيمنته المطلقة على المستوى الأوروبي بتحقيقه لخمس بطولات متتالية في الفترة 1955-1960 في إنجاز تاريخي لم يصل له الفريق الكاتلوني بعد رغم تاريخه الذي تجاوز الـ100 عام منذ تأسيسه عام 1899. و الأغرب أن برشلونة لم يتمكن من افتتاح سجله الأوروبي سوى في مطلع التسعينيات من القرن الماضي أي بعد وفاة فرانكو بـ 30 عاما تقريباً فهل أعاق فرانكو تقدم الكتالونيين من قبره!