انطلق مهرجان بيروت الدولي للسينما في دورته الخامسة عشر، وسط غياب جميع أعضاء لجنة التحكيم الخمسة والمخرجين الأجانب والعرب بسبب الأوضاع السياسية غير المستقرة التي يشهدها لبنان.
وشرحت كوليت نوفل، مديرة مهرجان بيروت للسينما، هذا الأمر مشيرةً إلى أن هناك أعضاء ألغوا سفرهم ومن ثم اتصلت اللجنة المنظمة بالأعضاء الآخرين وطلبت منهم إلغاء حضورهم لأن اللجنة لا يمكنها ضمان سلامتهم بسبب الإضرابات التي عاشتها العاصمة اللبنانية في الآونة الأخيرة والتي لا يمكن التنبؤ بها، لكنها أضافت "على رغم هذا، لم يؤثر ذلك سلباً في فعاليات المهرجان، فلقد مررنا في الأعوام 2012 و2013 بأوضاع أسوأ، واستطعنا الاستمرار رغم كل الظروف".
هذا الغياب انسحب أيضاً على حضور المخرجين الأجانب والعرب، فلم يحضر سوى مخرجين لبنانيين بأعمالهم التي توزّعت بين أفلامٍ قصيرة ووثائقية.
وتحدثت كارمن بصيبص، وهي مخرجة وممثلة لبنانية شابة، عن فيلمها "لبين ما يجو (إلى أن يعودوا)" الذي يشارك في المهرجان، وقالت في مقابلة مع "العربية.نت" إن أحداث فيلمها مستوحاة من قصة حقيقية لسيدة مسنة تدعى دعد رزق غادر جميع أولادها لبنان ولم يتبق لها سوى هاتفها النقال كوسيلة للتواصل مع العالم الخارجي ولاسيما أولادها.
وأضافت كارمن "الفيلم يعالج مسألة الهجرة الموجودة في كل بيت لبناني تقريباً وموضوع وسائل التواصل الاجتماعي التي تجعل مستخدمها يظن أن لديه أصدقاء كثراً، لكنه في الواقع يفتقد إلى التواصل الاجتماعي ويتعمّق في الوحدة أكثر فأكثر".
أما مسألة إقفال الطرقات بالإطارات المشتعلة التي أصبحت ظاهرة في لبنان في السنوات الأخيرة فعالجها المخرج الشاب إيلي السمعان في فيلمه "هيدا أنا"، والذي يحكي قصة ثلاثة شبان لبنانيين مراهقين يخططون للتظاهر ضد العالم للتعبير عن غضبهم ومطالبهم.
وحول هذه المواضيع، التقت "العربية.نت" الممثلة اللبنانية تقلا شمعون التي حضرت حفل الافتتاح، إذ أثنت شمعون على الأعمال التي ينتجها المخرجون الشباب كونها أعمالاً تأتي من صلب الواقع اللبناني والوجع اليومي الذي يعيشونه، مؤكدة أنها أفلام تحمل رسالات جدية وليست أفلاماً تجارية تركّز على شباك التذاكر.
المهرجان الذي أقيم في المعهد الثقافي في السفارة الفرنسية في بيروت افتتح بفيلم "الأمير الصغير" للمخرج الأميركي مارك أوسبورن وهو فيلم رسوم متحرّكة من إنتاج فرنسيّ إيطالي مبنيّ على القصة الشهيرة للكاتب أنطوان دو سانت أكزوبري، ويعيد الفيلم صياغة قصة شائكة ومحبوبة تتمحور حول طفلة صغيرة تحضّرها والدتها لعالم الكبار.
أوسبورن، مخرج الفيلم، قال في كلمة مسجّلة بالفيديو إنه سعيد جداً بعرض فيلمه في مهرجان بيروت، مبدياً أسفه واعتذاره لعدم تمكنه من الحضور إلى لبنان.
بدوره ، أكد السفير الفرنسي لدى بيروت إيمانويل بون لـ "العربية.نت" أن هذا الحدث السينمائي هو بمثابة عيد للبنان وللفرنسيين على حدّ سواء، ولكل محبي الفنون الجميلة والأفكار المبدعة والحوار بين الثقافات .
وقال بون في كلمة له قبل العرض أمام الجمهور، إن المهرجان "مناسبة جميلة لأن السينما تدلّ على القدرات الخلاّقة في لبنان". وشدد على أن "الثقافة وتحاور الأفكار يشكلان جزءاً من ما يتميز به لبنان". ورأى في عرض أفلام من كل أنحاء العالم في بيروت، "دليل انفتاح، ومناسبة رائعة للاكتشاف وتبادل الأفكار".
ويتضمّن المهرجان ثمانين فيلماً لمخرجين من ثمان وعشرين جنسية، تتناول قضايا تتعلـّق بعواقب العولمة، والنازحين والاندماج الاجتماعي وعودة النـّزاعات القومية، غير إن اثنين منها لم يحصلا بعد على رخص عرض.
وتستمر عروض المهرجان يومياً في المركز الثقافي الفرنسي وفي إحدى الصالات السينمائية في بيروت إلى الخامس عشر من أكتوبر الجاري.
أمّا فيلم الختام فسيكون "أسماني ملالا" للمخرج الأميركي دايفيس غوغنهايم ويحكي قصة ملالا أصغر حائزة على جائزة نوبل للسّلام ورسالتها التعليمية ونضالها لحقوق الطفل في ظل حكم طالبان في باكستان، والفيلم سيطلق في الولايات المتحدة في الثاني من أكتوبر الجاري، ويطلق عالمياً في نوفمبر المقبل.
{{ article.article_title }}
{{ article.formatted_date }}