إنه خطاب للجميع بأن يختاروا أجمل الألفاظ وأحسن الكلمات حينما نتحدث ونتعامل فيما بيننا. لهذا اليوم سأنقل لكم قصة قد قرأتها فأعجبت بها واستمتعت بقراءتها، فهي تدل على معاني البذل والعطاء للآخرين حتى ولو بالكلام، فالكلام الجميل له مفعول كالسحر في النفس البشرية.. في أحد المستشفيات كان هناك مريضان هرمان في غرفة واحدة.. كلاهما معه مرض عضال أحدهما كان مسموحاً له بالجلوس في سريره لمدة ساعة يومياً بعد العصر، ولحسن حظه فقد كان سريره بجانب النافذة الوحيدة في الغرفة، أما الآخر فكان عليه أن يبقى مستلقياً على ظهره طوال اليوم.. كان المريضان يقضيان وقتهما في الكلام، دون أن يرى أحدهما الآخر، لأن كلاً منهما كان مستلقياً على ظهره ناظراً إلى السقف، تحدثا عن أهليهما، وعن بيتيهما، وعن حياتهما الخاصة والعامة، وعن كل شيء.. وفي كل يوم بعد العصر، كان الأول يجلس في سريره حسب أوامر الطبيب، وينظر في النافذة، ويصف لصاحبه العالم الخارجي، وكان الآخر ينتظر هذه الساعة كما ينتظرها الأول، لأنها تجعل حياته مفعمة بالحيوية والنشاط وهو يستمع لوصف صاحبه للحياة في الخارج.. ففي الحديقة كان هناك بحيرة كبيرة يسبح فيها البط، والأولاد صنعوا زوارق من مواد مختلفة وأخذوا يلعبون فيها داخل الماء، وهناك رجل يؤجِّر المراكب الصغيرة للناس يبحرون بها في البحيرة، والنساء قد أدخلت كل منهن ذراعها في ذراع زوجها والجميع يتمشى حول حافة البحيرة، وهناك آخرون جلسوا في ظلال الأشجار أو بجانب الزهور ذات الألوان الجذابة، ومنظر السماء كان بديعاً يسر الناظرين.. كل يوم يقوم الأول بعملية الوصف والآخر ينصت في انبهار لهذا الوصف الدقيق والجميل والرائع، ثم يغمض عينيه ويبدأ في تصور ذلك المنظر البديع للحياة خارج المستشفى.. وفي أحد الأيام وصف له عرضاً عسكرياً، ورغم أنه لم يسمع عزف الفرقة الموسيقية إلا أنه كان يراها بعيني عقله من خلال وصف صاحبه لها.. ومرت الأيام والأسابيع وكل منهما سعيد بصاحبه، ولكن في أحد الأيام جاءت الممرضة صباحاً لخدمتهما كعادتها، فوجدت المريض الذي بجانب النافذة قد قضى نحبه خلال الليل ولم يعلم الآخر بوفاته إلا من خلال حديث الممرضة عبر الهاتف وهي تطلب المساعدة لإخراجه من الغرفة، فحزن على صاحبه أشد الحزن.. وعندما وجد الفرصة مناسبة طلب من الممرضة أن تنقل سريره إلى جانب النافذة، ولما لم يكن هناك مانع فقد أجابت طلبه، وعندما حان وقت العصر، تذكر الحديث الشيق الذي كان يتحفه به صاحبه، فانتحب لفقده، ولكنه بإيجابية قرر أن يحاول الجلوس ليعوض ما فاته في هذه الساعة، وتحامل على نفسه وهو يتألم، ورفع رأسه رويداً رويداً مستعيناً بذراعيه، ثم اتكأ على أحد مرفقيه وأدار وجهه ببطء شديد تجاه النافذة لينظر إلى العالم الخارجي وهنا كانت المفاجأة.!!! لم ير أمامه إلا جداراً أصم من جدران المستشفى، فقد كانت النافذة على ساحة داخلية.. نادى الممرضة وسألها إن كانت هذه هي النافذة نفسها التي كان صاحبه ينظر من خلالها، فأجابت بأنها نعم هي.!! فالغرفة ليس فيها سوى نافذة واحدة، ثم سألته عن سبب تعجبه فقص عليها ما كان يرى صاحبه عبر النافذة وما كان يصفه له.. كان تعجب الممرضة أكبر، إذ قالت له : ولكن المتوفى كان أعمى، ولم يكن يرى حتى هذا الجدار الأصم، ولعله أراد أن يجعل حياتك سعيدة حتى لا تُصاب باليأس فتتمنى الموت..انتهت القصة. أدرك الرجل المتوفى أن الحياة تستحق أن نتعلق بها أكثر، ونتشبث بها بأقدامنا وأيدينا، بشعار مادام هناك حياة فهناك أمل.. قصة تحمل الكثير من المعاني الجميلة يذكرني الآن شيء وهو أن الأطباء الأجانب يخبرون المرضى بحقيقة مرضهم أما عندنا لا يفعلون ويعاب عليهم ذلك ولكن اعتقد أن ذلك يختلف من شخص إلى آخر هناك أناس الكلمة الطيبة تعطيهم دفعة إلى الأمام والأمل في الغد وهناك أناس قول الحقيقة لهم قد يؤذيهم ويصيبهم باليأس وربما كان الأعمى في هذه القصة يعطى نفسه أملا بتخيل واقع لا يراه ففي بعض الأحيان نجد أن الأحلام تدفع الإنسان لصنع واقع جميل.. الكلمة الطيبة.. بطاقة للمرور في قلوب الناس، وأثرها الطيب في النفوس حتى على نقسك أنت.. لذا انسَ همومك وأحزانك وابدأ يومك مستمتعاً بكوب قهوتك الصباحي، فكل لحظة تمر استشعر أنها أسعد لحظات حياتك.. ابتهج بقميصك الجديد، واحتفل برسالة نصية هاتفية تأتيك من صديق، ورسالة إلكترونية من زميل فيها أجمل ترحيب، واطرب لسماع أي شيء جديد، افرح أكثر واحزن أقل، ابتسم كثيراً رغم كل الصعب التي تواجهك.. السؤال الأهم ألسنا نريد السعادة لنا وللآخرين؟ هناك معادلة تقول : لا توزع الأسى على الناس فسيزداد حزناً على حزنهم.. إذا أردت سعادتك تتضاعف أسعد من حولك.. الناس في الغالب ينسون ما تقول وينسون ما تفعل، لكنهم لن ينسوا أبداً الشعور الجميل الذي أصابهم من قبلك، فجعلتهم يشعرون بالسعادة والراحة النفسية.. كن سعيداً فالسعادة لا تقدر بمال ولا بثمن.. وليكن شعارك كما قال الله تعالى: (وقولوا للناس حسنا).. ^^ ومضة: أقول وبكل صراحة: تفشى الإحباط في مجتمعاتنا لأننا تخلينا عن الفرح والسرور. فنصرف البهجة عن حياتنا، تناسينا أن الأفراح الصغيرة وقود للأفراح الكبيرة، وأن البحر يبدأ بقطرة، والشجر ينهض من بذرة.