أوضح استشاري أمراض النساء والتوليد د.محمود حافظ أن “أهم أسباب النزيف في الفترة المسماة بـ “حول” سن انقطاع الطمث، هو النزيف غير الوظيفي للرحم، وهو نتيجة لسوء وظائف المبيضين وخلل زيادة هرمون الاستروجين، مما ينتج عنه زيادة في نشاط خلايا بطانة الرحم وحدوث النزيف”. وذكر د.حافظ أن “هذه الحالة يتم تشخيصها على مرحلتين، الأولى: باستبعاد الأسباب العضوية الرئيسة الثلاثة، ألا وهي: الحمل ومضاعفاته “رغم ندرة هذا العامل في هذه السن”، والثانية الأورام المختلفة بالجهاز التناسلي، سواء كانت حميدة كالأورام الليفية أو خبيثة كسرطان عنق الرحم أو بطانة وجدار الرحم، أما السبب العضوي الأخير فهو وجود التهابات حادة أو مزمنة بالجهاز التناسلي”، لافتاً إلى أن “المرحلة الثانية تأتي بعد استبعاد كافة الأسباب العامة المرضية للنزيف، مثل أمراض الدم وارتفاع ضغط الدم، وأخيراً يكون التشخيص النهائي عن طريق عملية كحت وأخذ عينة مزدوجة من عنق الرحم وبطانة الرحم لتمام التشخيص بالفحص المجهري الباثولوجي، وهنا دور الطب الوقائي والتشخيص المبكر له المكانة الأولى في الطب الحديث، حيث إن التشخيص المبكر للأورام يجعل علاجها بسيطاً جداً ويسيراً لدرجة أنه من الممكن علاج سرطان عنق الرحم المبكر عن طريق فقط إزالة النسيج السرطاني باستئصال قمع من عنق الرحم مع المتابعة والمحافظة على الرحم، لذلك ننصح السيدات فوق الأربعين بعمل فحص دوري كل 1-3 سنوات باستخدام الفحص الأكلينيكي والفحص المهبلي بالموجات فوق الصوتية وأخذ مسحة من عنق الرحم ودراستها خلوياً، مما يتيح فرصة ذهبية للحماية من أخطار حقيقية بسهولة ويسر”. وأشار د.حافظ إلى أنه “في حالة وجود خلايا شاذة أو خلايا سرطانية يمكن تحديد موقعها بالضبط عن طريق منظار عنق الرحم وأخذ عينة من الموقع المحدد وتحليلها ويختلف العلاج حسب درجة الإصابة والتوقيت المبكر للتشخيص من مجرد كي عنق الرحم، أو استئصال قمع من نسيج العنق في حالات سرطان عنق الرحم لاستئصال كامل للرحم وملحقاته والغدد الليمفاوية بالحوض واللجوء للعلاج الإشعاعي أو الكيماوي في حالة التشخيص في الحالات المتأخرة، حتى بالنسبة لبطانة الرحم، فيمكن علاج الحالات المبكرة كمقدمات للسرطان عن طريق العلاج الهرموني للخلايا الشاذة المصاحبة لنشاط بطانة الرحم، بدلاً من الاستئصال الكامل للرحم وملحقاته”. وأشار إلى أن “هناك فرقاً بين كلمتي نزيف ونزف، فالأولى تعني الكثرة، فالدورة الطبيعية لها عدد أيام في حدود الطبيعي 2 – 7 أيام، ولها كمية معروفة في اليوم 2 – 3 فوط صحية مبتلة تماماً في اليوم، وسواء حدثت زيادة في الكمية أو في عدد الأيام فهذا يعتبر نزيفاً في كل الأعمار، أما كلمة نزف، فليست بالضرورة تعني الكثرة، ولكنه حدوث دم بصورة غير طبيعية في توقيت غير طبيعي، حتى لو كانت مجرد بقع دموية في غير ميعاد الدورة الشهرية، أما كلمة “حول” فهي تعني في الفترة التي تسبق انقطاع الطمث قبل الوصول للتوقف النهائي لنزول الدورة، وكذلك تعني نزول الدم بصورة غير طبيعية، في هذه الفترة الانتقالية من وجود دورة وتبويض طبيعي لتوقف كل منهما وانتهاء مرحلة القدرة على الإنجاب والحيض”. وقال د.حافظ إن “كلمة سن اليأس تعد قاسية، ولست أدرى ما الذي أدخلها في قاموسنا لأن اليأس صفة مذمومة في كل المجتمعات وكل الأديان فالشيء الوحيد الذي يعطي قيمة وجمال للحياة هو الأمل، ولذلك أفضل وصف لهذه المرحلة العمرية الجميلة مرحلة اكتمال النضج والتمتع بكل ما بناه الإنسان قبل هذا العمر أي أنه سن جني الثمار أما اللفظ الطبي المناسب، فهو سن انقطاع الطمث وهو دلالة على نفاذ التبويض واستهلاك العدد المحدد من البويضات من المبيضين”، لافتاً إلى أن “توقف التبويض والدورة والسن المتفق عليه في هذا الشأن يختلف من سيدة لأخرى ومن مجتمع لآخر وهو يتراوح بين 40 – 50 سنة، وللأسف قد يحدث هذا قبل سن الأربعين وهنا يسمى الانقطاع المبكر للطمث”، مشيراً إلى أن “انقطاع الطمث لأكثر من ستة شهور دليل على أن السيدة وصلت تماماً إلى سن انقطاع الطمث، وهنا يصبح مجرد حدوث نزف بسيط له قيمة طبية كبيرة جداً، وللأسف الشديد فإن ما يقرب من 50% من حالات النزف في هذا الوقت يكون مرتبطاً بحدوث أمراض خبيثة في الجهاز التناسلي الأنثوي سواء كان المهبل أو عنق الرحم أو الرحم”.