كتب - جعفر الديري: ليست مبالغة؛ بل حقيقة يشهدها الجميع؛ نساء أوروبيات في الثمانين من أعمارهن، يجرين في الشوارع مرتديات لباس الرياضة؛ قلوبهن سليمة وأجسامهن قوية؛ فلا اضطراب في النبض ولا أمراض عضال. في مقابل نساء شرقيات، خليجيات، بحرينيات، قلوبهن متعبة، وأجسامهن تشكو أمراض؛ السكري والضغط وتصلب الشرايين، والقائمة تطول!. لماذا تعيش المرأة الأوروبية في سعادة، حتى لو تخطّت الثمانين؛ فيما المرأة البحرينية تعيش أرذل العمر وهي في الخمسين من العمر!. لا تستمتع بمباهج الحياة. هل العلّة في المرأة نفسها؛ أم في الرجل؛ الذي يكلفها شططا، ويستهلك عمرها في تلبية رغابته، أم في كثرة الإنجاب، والجري وراء تأمين لقمة عيشهم، وتلبية متطلباتهم؟!. توجهنا بهذه الأسئلة إلى عينة من الرجال والنساء؛ وخرجنا بالتعليلات الآتية... يرجع الموظف عبدالله أحمد؛ العلة الأولى لتراجع صحة المرأة؛ إلى كثرة حملها وإنجابها، مشيراً إلى أن المرأة الشرقية عموماً، لا يرحمها زوجها و المجتمع، كما إنها لا ترحم نفسها، فهي لا تكتفي بطفل أو طفلين، بل تصرّ على إنجاب أربعة أو خمسة أطفال!، كأنما هو سباق بينها وبين جاراتها، أو أهلها. فما أن تعلم بأن جارتها أنجبت طفلاً جديداً؛ حتى ترغب في إنجاب طفل!. ويضيف أحمد: لا أعلم لماذا تفكر المرأة البحرينية بهذه الطريقة، رغم إدراكها أثر ذلك على جسمها وزوجها وعلى أبنائها”!. الجميع يعلم أن المرأة كلما تقدمت في السن؛ كلما كان حملها أصعب، فلماذا تصرّ على انجاب ستة أطفال؟! هل تربية طفلين مثل تربية ستة؟! هل الإنفاق على طفلين شأنه شأن الإنفاق على ستة؟! لو تمكن الأطفال من إبداء الرأي؛ لرفضوا إضافة أخ آخر لهم؛ يقاسمهم مال أبيهم وحنان واهتمام أمهم. ويتابع: ما يعزيني أن الجيل الجديد من الفتيات؛ والحمد الله؛ أكثر وعياً بهذه المسألة؛ وألاحظ أنهن يحرصن على الإنجاب المدروس، الذي لا يضرّ بصحتهن ولا بموازنة رب الأسرة. وهذا أمر مبشر، جاء نتيجة الجهود الرسمية والأهلية؛ عبر وسائل الإسلام، والتي تحرص على بناء أسرة سليمة، يعيش أبنائها في صحة وسلامة. الطموح والدافع من جانبها، تشير الموظفة منال عبدالله، إلى أهمية الطموح في حياة المرأة، وتأثيره الإيجابي على صحتها، لافتة إلى تفوق المرأة الغربية، الذي أوجب لها احترام الرجل والمجتمع. وتؤكد منال؛ إن من شأن المرأة الطموحة التي تسمو إلى معالي الأمور؛ أن تهتم بصحتها، لأنها تدرك أهمية ذلك؛ في قضائها أمورها وأمور زوجها وأبنائها. فالمرأة الطموحة ذات العقل، خلاف المرأة التي لا تعقل!. فهي تود النجاح في بيتها وفي عملها؛ تريد وظيفة لائقة؛ ووضعاً اجتماعياً مرموقاً، إلى جانب بيت هي أساس سعادته. ولكي تحقق ذلك لا بد لها من الاهتمام بصحتها؛ وإلا فكيف يمكن لإنسانة واحدة أن تقوم بكل تلك الأعمال دون أن تتحلى بجسم صحيح؛ وعقل سليم!. وتضيف: إن الطموح يمنح المرأة نظرة أشمل للحياة؛ وأعتقد أن كثيراً من أمهاتنا؛ شاخوا قبل الأوان؛ لأنهن حصرن كل آمالهن في أبنائهم. صحيح أن رؤية الأبناء وهم سعداء؛ أكبر آمال الأم، لكن ذلك لا يعني أن لا يكون لها كيانها؛ فنحن نلاحظ كثيرات أصابهن الوهن والتعب مبكراً، بسبب موت أحد أبنائهم؛ أو مرضه! لكن لو كانت لهنّ آمال أخرى؛ لتمكّنوا من مواجهة الصعاب. الخوف وليس الطموح الرأي السابق؛ لا يلقى قبولا لدى الموظف مجيد حسن؛ فهو لا يعتقد أن الطموح؛ هو ما يدفع المرأة الغربية إلى الاهتمام بصحتها، بل هو الخوف من المجتمع الذي تعيش فيه، فهو يختلف كليا عن المجتمع الذي تعيش فيه المرأة البحرينية؛ والعربية عموماً. ويوضح حسن: إن المرأة الغربية مسكينة؛ لأنها تعيش في مجتمع براجماتي؛ تغلب عليه المصالح، والناس فيه لا يتحركون بفعل وازع إنساني أو أخلاقي، إنما تسيرهم قوانين، يخلصون لها أشد الإخلاص. وصحيح أن القوانين مهمة جداً لتنظيم أمور الناس، لكن ذلك فيما يتعلق بالمعاملات بينهم، ولا ينطبق على النفس الإنسانية؛ التي فطرها الله عز وجل على المحبة والحنان!. ويؤكد حسن أن القوانين سرقت من المجتمع الغربي أجمل ما يميز الإنسان؛ وهو روحه الإنسانية التي تشعر بآلام الآخرين. ومنهن الاهتمام بالمرأة، هذا المخلوق الرائع ضعيف الجسم؛ الذي يتأثر بأقل الأشياء. “لقد كنت أتصفح قبل مدة الإنترنت، فعثرت على مجموعة من الصور؛ في إحدى الدول الغربية؛ لنساء أوروبيات أثناء العمل. إحدى هذه الصور أبكتني حقيقة! امرأة مسنّة يبدو عليها التعب الشديد؛ تحمل صندوقاً كبيراً، تجاهد لكي لا يقع من يدها، يرافقها رجل يضع كفيه في جيب بنطاله! بلا إحساس أو إنسانية!. فهل علّة اهتمام هذه المرأة بصحتها؛ نابع من طموحها؛ أم بسبب خوفها من الناس؟!. إنها تجاهد من أجل تأمين لقمة عيشها، وتلحظ قسوة القلوب حواليها، حيث لا أحد يعنى بأحد، وتفكر في حالها عندما يدهمها الكبر؛ لذلك تعنى بصحتها، لأنها تعرف أن لا أحد لها. فحتى الأبناء هناك لا يهتمون بأمهاتهن. وهي في سبيل ذلك، فقدت أنوثتها ونعومتها، فلا يمكن المقارنة بين نعومة المرأة البحرينية والأوروبية!. وإذا كانت المجتمعات الغربية تتبجح بأنها دول متقدمة وحضارية، فإن مجتمعنا البحريني؛ هذا المجتمع الصغير؛ يفضلها بدرجات؛ لأنه مجتمع يعتمد الإنسانية منهجاً له، ولا أدل على ذلك من أن حوادث عقوق الوالدين، تنشر في الصحف لندرتها، والناس متى عرفوا أن فلاناً عاق لوالديه؛ أو أنه لا يعنى بهما، قاطعوه، واعتبروه إنساناً غير محترم. بل إن الرجل البحريني يرفض أن يكلف امرأة بأمر يستطيعه هو، رعاية لها، ولطبيعتها، مستهدياً بدين الإسلام؛ الذي يحضّ على العطف والإنسانية؛ كما يدعونا رسولنا الكريم صلى الله عليه وآله وسلم حين يقول: (رفقاً بالقوارير). الشيخوخة مذلّة من ناحيتها، لا تعفي الطالبة فاطمة عبد علي، المرأة البحرينية، من مسؤولية الاهتمام بصحتها، رغم إيمانها بتفوق المجتمع البحريني؛ أخلاقا وإنسانية. وترى أن وجود المرأة في مثل هذا المجتمع، يفرض عليها أن تبادل أهله الإحسان بالإحسان. تقول عبد علي: وجود المجتمع الإنساني؛ لا يعني أن المرأة البحرينية ليست مقصّرة في هذا الجانب، ولا يعفيها من الاهتمام بصحتها، بل عليها أن تعي جيداً؛ أن الشيخوخة أمر قاس ومذلّ أيضاً. عليها أن تعي أن داءها يكلّف أبناءها الكثير من المال والجهد؛ ورغم أن الأبناء مهما بذلوا لها لا يستطيعون الوفاء بجزء من أفضالها، إلا وجودها بينه وهي صحيحة الجسم أفضل لهم. وتضيف: إن المرأة متى تقدمت في السن؛ ازدادت خبراتها. ومتى كانت تتمتع بصحة جيدة؛ أتاحت مجالاً واسعاً لخدمة المجتمع. لكنها إذا كانت مهدمة الجسم، مشغولة بأمراضها؛ فلن تستطيع خدمة الناس. الصحة تاج على رؤوس الأصحّاء عندما ارتبط بزوجته الأوروبية؛ كانت في قمة الجمال والرشاقة. تعرّف عليها أثناء دراسته، ووجد فيها زميلة الدراسة الذكية، ذات رأي سديد وخلق حسن، كما إنها كانت تعجبه كامرأة ذات أنوثة طاغية. لذلك خالف أباه وأمه وارتبط بها. كان تفكيره سليماً؛ فهو لن يتزوج سوى مرة واحدة، ويجب أن يجد في زوجته ما يغنيه عن أي امرأة. والفتيات من أبناء بلده لا يعجبنه، فهن حسب ما يرى لا يعتنين بصحتهن ورشاقتهن؛ كما هو شأن النساء الأوروبيات، كما إنهن ما أن ينجبن طفلاً أو طفلين حتى يتحولن إلى كومة لحم، خلاف التي هواها قلبه، عسلية العينين رشيقة القد، قوية الجسم، لن يؤثر عليها الحمل كثيراً، كما إنها ستكون بمنجى من مطالعة هذه وتلك حين تنجب أولاً، وحتى لو تقدم بها العمر فلن يؤثر فيها كما يؤثر في بنات بلده. لكنه عندما يشاهد زوجته اليوم بعد 20 عاماً؛ لا يجدها تختلف عن أية واحدة من بنات وطنه. لقد تغير شكلها وذهب بهاؤها، بل إن نعومتها أقل بكثير من بنات بلده!. على كاهل ابنتها تعمل في نوبتين؛ صباحاً ومساءً. وبين النوبتين؛ ليس مقدّر لها أن ترتاح؛ إن أمها مصابة بالسمنة المفرطة، مريضة بالضغط؛ والسكري، والروماتيزم، وداء المفاصل؛ مجمّع أمراض وقع على كاهلها؛ هي التي بالكاد تستطيع الوفاء بالتزاماتها نحو عملها. أي جحيم سيشملها لو تعطلت سيارتها في الشارع؛ أو تسببت في حادث لا سمح الله؛ كيف لها أن تقوم بما يتطلبه عملها، وما تتطلبه العناية بأمها؟!. الهم على اعتراض؛ إنها أمها التي أفنت عمرها من أجل أن تراها فتاة سعيدة ناجحة، لكن الحق يقال إن أمها لم تعتنى بصحتها يوماً. وحتى إذا نصحتها أجابت: الموت واحد. والنتيجة أنها الآن في وضع صحي حرج، يتطلب العناية. الكنافة هي السبب! السكري، كان الداء الذي لم تحسب له حساباً. العدو المتربص بكل إنسان غير مسؤول. وها هي تصاب به، والسبب هو الكنافة!. مملوءة بالسمنة والسكر، ما أن تشاهدها تباع في أي مكان؛ حتى تبادر إلى شرائها. لقد تطور الأمر إلى إدمان. فالمعدة التي اعتادت الجوع؛ تحكمت بصاحبها، فهي لا تنفك تطلب المزيد. ومن يراها اليوم يحسبها في السبعين، بينما شهادة ميلادها تقول إنها في الأربعين.