قيـــس محمـــــد معمـــر
جميعنا نعلم أن التربية تأتي في مقدمة همنا نحن الوالدين, فمهما اختلفت أولوياتنا مع أبنائنا فإن التنشئة الحسنة على عادات و تقاليد وأخلاق إسلامية حميدة وسمحة هي أهم ما نسعى لنغرسه في قلوب وعقول أبنائنا. وكم مرت عليّ شخصياً مواقف تعرفت فيها إلى أشخاص عديدين قمة في الأدب والأخلاق والفضل لكن عندما ألتقي بأبنائهم أرى أنهم عكس آبائهم تماماً , وأحياناً يكون والد أحدهم شخصاً مقربا إلي وعزيزاً جداً وأنا متأكد تماماً من أخلاقه ومعدنه إلا أن ما أراه في أبنائه يثير سخطي ويربك بصيرتي. لقد اعتاد الناس إلقاء اللوم على أولياء الأمور عند مواجهة سلوك شائن أو وقح من أي مراهق أو حتى طفل وتراهم يكيلون السب والشتم لأهل الشاب / الشابة وقد جزموا فعلاً أن سوء التنشئة وعدم مراقبة هذا النشء هو مسؤولية والديه –وهذا أيضاً منطق صحيح ولا غبار عليه – لكن ما استرعى انتباهي أن هناك كماً لا بأس به من شبابنا اليوم ينحدرون من عائلات محترمة وعلى خلق ودين وللأسف فإن أخلاقهم في الحضيض !! وكم من أوقات تمر وأتساءل كما غيري لماذا يتصرف شبابنا بهذه الطريقة السيئة ويعكسون رؤية خاطئة وظالمة عن ذويهم؟ وما هو السبب الحقيقي الذي يجعل تربيتهم الصحيحة لا تؤتي ثمارها المرجوة منها!؟ قد يكون هذا سبباً نفسياً بحتاً , وقد يكون أصدقاء السوء وقد يكون غير ذلك ولست أناقش هنا أسباب انفصام شخصية هؤلاء الناشئة بقدر ما أريد أن أوصل لهم رسالة أتمنى أن تلمس قلوبهم قبل عقولهم. إنك عزيزي النشء مرآة تعكس ما تربيت عليه في منزلك أمام الآخرين سواء في المدرسة, الشارع, الأماكن العامة, وأعتقد أن من أبسط حقوق والديك عليك أن تظهر حسن تربيتهما لك. ومهما أثار والديك سخطك بأوامرهما وتوجيهاتهما فاعلم أنها من أجل صالحك أولاً وأخيراً ولن يجنيا من ورائك إلا المدح والدعاء لهما على حسن غراسهما وتربيتهما.... فهل تبخل عليهما بهذا الشيء البسيط مقابل كل ما يفعلانه وفعلاه من أجلك ! فقد تعبا في مرضك وألبساك أجمل ما يستطيعان وأنفقا على تعليمك ولم يبخلا عليك في مطعم أو مشرب أو تسلية الخ...الخ. فماذا أنت مقدم لهما؟ نجاحك في حياتك وحسن خلقك وطاعة ربك هي أغلى هدية تقدمها لهما مهما تخيلت أنها صغيرة إلا أنها في نظر والديك لا تقدر بثمن فقد أثبت لهما أنهما لم يخطئا في تربيتك وتنشئتك. بارك الله في شبابنا فهم عمادنا ومستقبل أمتنا إذا امتلأت صدورهم بطاعة الله وسنة نبيه وتغلغلت الأخلاق الحسنة في خلايا دمائهم فقد حيزت لنا الدنيا وما فيها.