سلطت مؤسسة الدراسات والأبحاث العالمية جارتنر أمس الضوء على قائمة أفضل 10 توجهات تقنية ستلعب دوراً إستراتيجياً لمعظم المؤسسات خلال العام 2016.

واستعرض المحللون النتائج التي توصلوا إليها خلال منتدى جارتنر آي تي إكسبو الذي شهد إقبالاً غير مسبوق والذي تواصلت فعالياته لغاية يوم الخميس.

واشارت جارتنر إلى التوجه الاستراتيجي التقني باعتباره من القدرات التي ينعكس تأثيرها بدرجة كبيرة على المؤسسة، ومن العوامل التي تبرهن على مدى هذا الأثر الكبير التمتع بالقدرة العالية والمتميزة على تطوير الأعمال، أو المستخدمين النهائيين، أو تقنية المعلومات، أو رفع مستوى الاستثمارات الكبيرة، أو التعرض لخطر التأخر في تبني واعتماد الحلول والتقنيات. كما تؤثر هذه التقنيات على الخطط والبرامج والمبادرات طويلة الأمد للمؤسسات.

وقال ديفيد سيرلي، نائب الرئيس وزميل مؤسسة الدراسات والأبحاث العالمية جارتنر: “ستعمل قائمة أفضل 10 توجهات تقنية إستراتيجية للعام 2016، التي وضعتها مؤسسة جارتنر، على صياغة فرص الأعمال الرقمية خلال العام 2020.

وتقوم التوجهات الثلاثة الأولى بمعالجة معضلة دمج العوالم التجهيزية والافتراضية، وصعود ظاهرة الشبكة الرقمية، فبالتزامن مع تركيز المؤسسات بشكل رئيسي على الأعمال الرقمية في وقتنا الراهن، إلا أننا نشهد تصاعد موجة الأعمال الخوارزمية، فالخوارزميات، بشقيها العلاقات والترابط، تعمل على صياغة مستقبل الأعمال.

ونستعرض فيما يلي أفضل 10 توجهات تقنية إستراتيجية للعام 2016، وهي:

الأجهزة المترابطة

يشير مصطلح الأجهزة المترابطة إلى مجموعة متنامية من الطرفيات التي يستخدمها الأشخاص للوصول إلى التطبيقات والمعلومات، أو للتفاعل مع غيرهم من الأشخاص والمجتمعات والحكومات والشركات. ويضم مصطلح الأجهزة المترابطة كلاً من الأجهزة المحمولة، والأجهزة التي بالإمكان ارتداؤها، والأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية والمنزلية، والأجهزة الآلية، والأجهزة البيئية، مثل أجهزة الاستشعار المطبقة ضمن تقنية إنترنت الأشياء..

وتطرق ديفيد سيرلي إلى هذه النقطة بالقول: “خلال فترة ما بعد الأجهزة المحمولة انتقل التركيز على مستخدمي الأجهزة المحمولة، المحاطين بمجموعة من الأجهزة المترابطة والممتدة إلى ما وراء الأجهزة المحمولة التقليدية”.

وعلى الرغم من ارتباط الأجهزة على نحو متزايد مع أنظمة المهام الخلفية من خلال مختلف أنواع الشبكات، إلا أنها عادةً ما تعمل بمعزل عن بعضها البعض. ومع تطور مفهوم الأجهزة المترابط، فإننا نتوقع توسيع نطاق نماذج الربط، وتعزيز التفاعل التشاركي ما بين الأجهزة في تقدم.

تجربة المستخدم المحيطة

تعمل الأجهزة المترابطة على خلق الأرضية المثالية لتجربة المستخدم الجديدة المستمرة والمحيطة، كما أن البيئات الغامرة توفر واقعاً معززاً وافتراضياً يحمل في طياته إمكانات متميزة، ولكنها تجربة من جانب واحد فقط. وتحافظ تجربة المستخدم المحيطة على استمرارية التواصل عبر الحدود التي تفصل الأجهزة المترابط، وذلك في إطار الزمان والمكان، حيث تتدفق التجربة بانسيابية عالية عبر مجموعة من أجهزة النقل وقنوات التفاعل، وذلك من أجل دمج البيئات المادية والافتراضية والإلكترونية، وذلك في ظل حركة وتنقل المستخدم من مكان إلى آخر.

وأضاف ديفيد سيرلي قائلاً: “تبقى عملية تصميم تطبيقات الأجهزة المحمولة نقطة تركيز إستراتيجية هامة بالنسبة للمؤسسات. ومع ذلك، فإن التصميم الرائد والمتطور يركز على توفير تجربة تتدفق وتستفيد بانسيابية عالية من مختلف أنواع الأجهزة، بما فيها أجهزة الاستشعار المدمجة ضمن تقنيات إنترنت الأشياء IoT، أو الآلات العادية مثل المركبات، أو حتى المصانع. كما أن تصميم هذه التجارب المتقدمة سيشكل تميزاً كبيراً لبائعي البرامج المستقلة ISVs والشركات على حد سواء بحلول العام 2018”.

مواد الطباعة ثلاثية الأبعاد

أدى التقدم الكبير في مجال الطباعة ثلاثية الأبعاد إلى تمكين تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد من استخدام مجموعة واسعة من المواد، بما فيها سبائك النيكل المتقدمة، وألياف الكربون، والزجاج، والحبر الموصّل، والالكترونيات، والمستحضرات الدوائية، والمواد البيولوجية.

وتعمل هذه الابتكارات على دفع عجلة طلب المستخدم، كون التطبيقات العملية للطابعات ثلاثية الأبعاد توسعت وانتشرت لتشمل المزيد من القطاعات، بما فيها الفضاء، والطب، والمركبات، والطاقة، والجيش.

من جهة أخرى، ستحقق المجموعة المتنامية من مواد عملية الطباعة ثلاثية الأبعاد معدل نمو سنوي مركب يقدر بـ 64.1 ?، وذلك بالنسبة لعدد شحنات الطابعات ثلاثية الأبعاد الخاصة بالمؤسسات خلال العام 2019. وستتطلب هذه التطورات إعادة النظر في عمليات خط التجميع وسلسلة التوريد للاستفادة من الطباعة ثلاثية الأبعاد.

وقال ديفيد سيرلي في هذا الخصوص: “ستشهد عملية الطباعة ثلاثية الأبعاد انتشاراً مطرداً على مدى السنوات الـ 20 القادمة، وذلك في مجال المواد التي بالإمكان طباعتها، وتحسين سرعة طباعة المنتج، وظهور نماذج جديدة لطباعة وتجميع الأجزاء المركبة”.

معلومات كل شيء

تقنيات كل الأشياء هو الربط الرقمي الذي يعمل على إنتاج واستخدام ونقل المعلومات، وتتخطى هذه المعلومات جدود المعلومات النصية والصوتية والمرئية لتشمل المعلومات الحسية والسياقية. وتعالج تقنية معلومات كل شيء هذا التدفق بواسطة الاستراتيجيات والتقنيات، التي تعمل على ربط البيانات المتاحة ضمن هذه المصادر المتنوعة من البيانات. لطالما كانت المعلومات متوفرة في كل مكان، لكنها كانت معزولة، أو غير مكتملة، أو غير متوفرة، أو غير مفهومة في كثير من الأحيان.

كما أن التقدم الذي يشهده قطاع الأدوات الدلالية مثل قواعد البيانات البيانية، وعمليات تصنيف البيانات الصاعدة الأخرى، وأساليب تحليل المعلومات، ستطرح معنى لطوفان المعلومات العشوائية المتوفرة على الدوام.

تعلم الآلات المتقدمة

بالنسبة لتوجه تعلم الآلات المتقدمة، تتخطى الشبكات العصبية العميقةDNNs ما وراء عمليات الحوسبة الكلاسيكية وإدارة المعلومات، وذلك من أجل إنشاء الأنظمة التي تستطيع التعلم ذاتياً لتدرك العالم من حولها، ومن تلقاء نفسها. كما أن انفجار مصادر البيانات وتعقيد مستوى المعلومات يجعل من عمليات التصنيف والتحليل اليدوية غير ممكنة، وغير اقتصادية.

لذا، فإن الشبكات العصبية العميقة DNNs ستعمل على أتمتة هذه المهام، وإتاحة الفرصة أمام إمكانية معالجة التحديات الرئيسية المرتبطة بتوجه معلومات كل شيء.

كما أن الشبكات العصبية العميقة DNNs (شكل متقدم من تعلم آلة ينطبق بشكل خاص على مجموعات البيانات الكبيرة والمعقدة) ستقف وراء جعل الأجهزة الذكية تبدو “ذكية” بكل ما في الكلمة من معنى. هذا، وتعمل الشبكات العصبية العميقة DNNs على تمكين الآلات القائمة على التجهيزات أو البرمجيات من تعليم أنفسها، ومعرفة كافة المزايا الموجودة ضمن بيئتهم، وذلك بدءاً من أدق التفاصيل وصولاً إلى الفئات المجردة والواسعة للمحتوى. لذا، فإن هذا المجال يتطور بسرعة كبيرة، وينبغي على المؤسسات تقييم مستوى قدرتهم على تطبيق مثل هذه التقنيات من أجل اكتساب الميزة التنافسية.

الوكلاء والأشياء ذاتية التحكم

يؤدي تعلم الآلات إلى ظهور مجموعة متنوعة من تطبيقات الآلات الذكية، بما فيها الإنسان الآلي، والمركبات ذاتية التحكم، والمساعدين الشخصيين الافتراضيين VPAs، والمستشارين الأذكياء، والتي تعمل جميعها بأسلوب ذاتي التحكم (أو على الأقل شبه ذاتي). ورغم أن مسيرة التقدم في مجال الآلات الذكية المادية، على غرار الإنسان الآلي، تحصل على قدر كبير من الاهتمام، إلا أن الآلات الذكية القائمة على البرمجيات تملك تأثيراً على المدى القريب، وبشكل أوسع نطاقاً.

كما أن المساعدين الشخصيين الافتراضيين VPAs، على غرار Google NowوMicrosoft’s Cortana وApple’s Siri، أصبحوا أكثر ذكاءً، فهم خليفة الوكلاء ذاتيي التحكم. بالمقابل، نجد أن فكرة المساعد الصاعدة تغذي تجربة المستخدم المحيطة، التي يصبح خلالها الوكيل ذاتي التحكم واجهة المستخدم الرئيسي. وعوضاً عن التفاعل مع القوائم والاستمارات والأزرار الموجودة على الهاتف الذكي، سيتحدث المستخدم إلى تطبيق هو بحد ذاته وكيل ذكي.

ويتوقف ديفيد سيرلي عند هذا الموضوع ليوضح: “سنتطور خلال السنوات الخمس القادمة لنعيش في كنف عالم ما بعد التطبيقات، وذلك بوجود عملاء أذكياء يعملون على تسليم الإجراءات والواجهات التفاعلية والسياقية. لذا، يجب على قادة تقنية المعلومات استكشاف كيفية استفادتهم من الأشياء والعملاء ذاتيي التحكم، من أجل تعزيز النشاط البشري، وتحرير قدرات البشر من أجل القيام بالأعمال التي لا يستطيع غيرهم القيام بها. ومع ذلك، يجب معرفة أن الوكلاء والأشياء الذكية هي ظاهرة ستمتد على المدى الطويل، ومن شأنها مواصلة التطور وتوسيع نطاق استخداماتها على مدى السنوات الـ 20 المقبلة”.

البنية الأمنية المتكيفة

إن تعقيدات الأعمال الرقمية والاقتصاد الخوارزمي، إلى جانب تنامي “صناعة القرصنة”، ستؤدي إلى رفع مستويات التهديدات التي تواجه المؤسسات بدرجة كبيرة. أما الاعتماد على سياسة الدفاع ضمن البيئة المحيطة والحلول الأمنية القائمة على القوانين فهو توجه غير كافٍ، وخاصةً لأن المؤسسات تستفيد بشكل متنامي من الخدمات القائمة على السحابة، ومن فتح واجهات برمجة التطبيقات APIs أمام العملاء والشركاء كي تتكامل مع أنظمتهم.

لذا، يتوجب على قادة تقنية المعلومات الكشف عن التهديدات والتصدي لها، فضلاً عن تطبيق عمليات حجب أكبر من المستوى التقليدي، وتنفيذ العديد من التدابير والإجراءات الأخرى من أجل منع وقوع الهجمات. أما التطبيقات ذاتية الحماية، إلى جانب عمليات تحليل سلوك المستخدم والفئة، فإنها ستساعد على تحقيق مفهوم البنية الأمنية المتكيفة.

بنية الأنظمة المتقدمة

يتطلب الترابط الرقمي والآلات الذكية وجود متطلبات عالية الكثافة من بنية الحوسبة، وذلك لجعلها قابلة للتطبيق من قبل المؤسسات، وتوفير هذا الأمر يتطلب وجود بنية للحوسبة العصبية فائقة الكفاءة والقوة. وبالاستناد على مصفوفات البوابات المنطقية القابلة للبرمجة FPGAsكتقنية تأسيسية لبنية الحوسبة العصبية، سنكتشف وجود مكاسب كبيرة وكثيرة من هذه البنية، مثل القدرة على العمل بسرعات تضاهي التيرافلوب، وترشيد عالٍ لاستهلاك الطاقة.

ويتحدث ديفيد سيرلي عن هذه النقطة بالقول: “ستعمل الأنظمة المبنية على وحدات معالجة الرسومات GPUs ومصفوفات البوابات المنطقية القابلة للبرمجة FPGAs على نحو أشبه بالعقول البشرية، المثالية لعمليات التعلم العميقة، وغيرها من خوارزميات مطابقة الأنماط التي تستخدمها الآلات الذكية. كما أن البنية القائمة على مصفوفة البوابة المنطقية القابلة للبرمجة FPGA ستعزز من عمليات توزيع الخوارزميات ضمن عوامل بصيغ أصغر، وبأكبر قد ممكن من ترشيد لاستهلاك الطاقة اللازمة لربط الجهاز، ما يتيح إمكانية استنساخ قدرات التعلم لدى الآلات المتطورة ضمن أصغر أنواع الطرفيات المستخدمة لتقنية إنترنت الأشياء IoT، كالمنازل والسيارات وساعات اليد، وحتى ضمن البشر بحد ذاتهم”.

بنية التطبيقات والخدمات المترابطة

تفسح تصاميم الدارات المتآلفة والتطبيقات الخطية (على سبيل المثال، البنية المؤلفة من ثلاث طبقات) المجال أمام المنهجية التكاملية المتحررة بدرجة أكبر، والتي تتمثل ببنية التطبيقات والخدمات. وبفضل تمكينها بواسطة خدمات التطبيقات المعرفة بالبرمجيات، فإن المنهجية الجديدة ستتيح إمكانية توسيع الأداء والمرونة وانسيابية حركة البيانات على مستوى المواقع الالكترونية. أما بنية الخدمات المبسطة فإنه نمط صاعد وخاص بإنشاء التطبيقات الموزعة، التي تدعم عمليات التسليم الانسيابية، وعمليات النشر القابلة للتحديث والتعديل، سواءً ضمن أماكن العمل أو استناداً على السحابة.

أما تقنية الحاويات فإنها آخذة بالصعود بوصفها تقنية حيوية تعمل على تمكين بنيات الخدمات المبسطة. في حين يتم الجمع ما بين عناصر الأجهزة المحمولة وتقنيات إنترنت الأشياء IoT ضمن بنية التطبيقات والخدمات من أجل إنشاء نموذج شامل لمعالجة توسيع نطاق تجارب المهام الخلفية القائمة على السحابة، وتجارب المهام المباشرة للجهاز المربوط. ويجب على فرق تصميم التطبيقات إنشاء بنيات جديدة ومعاصرة لتسليم تطبيقات قائمة على السحابة، تتميز بتجارب مستخدم تفاعلية وانسيابية تمتد على كامل قاعدة الترابط الرقمي.

منصات إنترنت الأشياء IoT

تعمل منصات تقنيات إنترنت الأشياء IoT على إكمال بنيات التطبيقات والخدمات المترابطة. حيث تعد الإدارة والأمن والتكامل وغيرها من التقنيات والمعايير المستخدمة في منصة تقنيات إنترنت الأشياء IoTالمجموعة الأساسية من القدرات الضرورية لإنشاء وإدارة وتأمين العناصر ضمن تقنيات إنترنت الأشياء IoT.

وتشكل منصات إنترنت الأشياء IoT العمل الذي تقوم به تقنية المعلومات من خلف الكواليس، وذلك بدءاً من المفاهيم البنيوية والتقنية، وصولاً إلى جعل تقنيات إنترنت الأشياء IoT حقيقة واقعة. وتعد تقنيات إنترنت الأشياء IoTجزءاً لا يتجزأ من الترابط الرقمي، وتجربة المستخدم المحيطة، والعالم الصاعد والتفاعلي لمنصات تقنيات إنترنت الأشياء IoT، وهو ما يجعلها قابلة للتنفيذ على أرض الواقع.

ويختتم ديفيد سيرلي حديثه بالقول: “أي شركة تعمل على تبني تقنيات إنترنت الأشياء IoT ستكون بحاجة إلى وضع إستراتيجية خاصة لمنصة تقنيات إنترنت الأشياء IoT، لكن منهجيات شركات التوريد المتنافسة وغير المكتملة ستجعل من الصعب بمكان تحقيق عملية التوحيد خلال العام 2018”.