حالاً بالاً سأصارع أسد إنما إيه ؟!! .. متوحش .. و أخللي وشه شوارع .. تصقيفه يا ناس .. ما يصحش. الدعاية البدائية لأكثر فقرات السيرك إثارة و توحشاً و قسوة .. والتي تجبر قطاع كبير و متنوع من الجماهير يقبل علي السيرك في أى وقت و بأى ثمن ... فهذه الفقرة بالذات لا تخضع لأى مؤثرات إيحائية أو خدع بصرية أو سمعية .. فقرة لا تخضع سوى للثبات الإنفعالي و النفسي لدى مروضى الأسود ... بشر عاديون بمقومات عقلية رهيبة في الفعل و رد الفعل .. يتوقعون الموت في أى لحظة و لكن لا يخشونه .. يتوقعون الموت في كل لحظة ولكن لا يسعون إليه بشر مثلي و مثلك و لكن بإمكانيات عضلية و عصبية نادرة .. تمكنهم من السيطرة علي جماح النفس بين الخوف و الغرور .. فكلاهما مميت ... و القاعدة الأساسية لا مفر من الموت .. و لكن لا تسعي إليه .. و الخوف و الغرور أقصر الطرق إلي النهاية .. والأهم أنك لن تجد من تسأله كيف يسعي المرء إلي الهلاك ؟ ... فمن يملك هذا الجواب كان وجبة شهية لهذه الوحوش منذ قليل .. فكن أنسان فقط و تعامل مع هذه الكائنات علي أنها وحوش كاسرة .. تصرف علي طبيعتك و أكبح جماح طبيعتها المتوحشة ... فطبيعتك بشر عاشق للحياة .. و طبيعتها كواسر تعشق اللحم أى لحم .. فأحرص علي عشقك للحياة .. لتقضي علي عشقها للحم .. و لتحيا سالماً إن شئت ... و إلتزم بأهم قواعد اللعبة .. لا تلاعب جائعاً .. فالكواسر لا تلهو إلا إذا شبعت .. و إذا جاعت قنصت .. و وقتها ستكون الفريسة الوحيدة المتاحة أمامها ... مقدمة موسيقية صاخبة و أضواء متلألأة .. يتزامن معها دخول نجم العرض الأوحد في ملابس مزركشة تكشف عضلاتة المفتولة و ثقتة الهائلة .. متقدما قطيعاً من الأسود والنمور المتوحشة تنتظر إشارة من أصابعة للتراص بهدوء فوق منصاتها بلا تردد .. و فجأة يخيم الهدوء .. و تحتبس الأنفاس .. و لا تسمع سوى زئير و مواء هذه الكواسر .. و صوت مروضها يأمرها فتطيع .. يوجهها فتنصاع .. تقفز تجرى تلهو في خيلاء و زهو .. بين تصفيق و أهات إعجاب الجمهور المتشبث بمقاعده .. و دعاء و أمنيات ذوى القلوب الرقيقة بالنجاة للجميع ... و بإنتهاء العرض تنسحب هذا الكواسر أمام مروضها في هدوء .. تاركه ساحة العرض تشهد ببراعة و قوة و ذكاء هذا المروض الرهيب ... أما وراء الكواليس فالجميع علي قدمٍ و ساق تحسباً لأى طارىء قد يكدر صفو هذا العرض الكبير .. و اهمهم مسئول الإضاءة و تكون مهمته إظلام المسرح في أول بادرة غدر من الكواسر و مهاجمتها لمروضها لمباغتتها و تحجيم قوة إندفاعها و لو لثوان معدودة .. ثوان معدودة تسمح لكتيبة من المروضين بالدخول لساحة العرض و تصفيةالوحوش المتمردة .. و السيطرة علي البقية .. و من ثما سحب المروض المغدور لإسعافه .. كما أن إظلام المسرح يمنع الجماهير من مشاهدة الهجوم الدموى للوحش المتمرد .. ومن ثما منع الجماهير من محاولة الهرب و التدافع للنجاة و إيذاء بعضهم البعض .. و إعادة بث الهدوء والطمأنينة بينهم عندما تضاء الأنوار مرة أخرى و يظهر المروض الرهيب لتحية الجمهور تحية خاطفة .. مع صوت المذيع الداخلي للسيرك يطمأن الجميع أن ما حدث مجرد خطأ تقني تم السيطرة عليه .. وسط تصفيق الجماهير و إنبهارهم .. و دعوات تحمد الله علي النجاة .. الغريب أن يكتشف بعض هذا الجمهور في اليوم التالي أن بعض وسائل الإعلام تبث خبر إلتهام أحد الكواسر لمروض الأسود خلال هذا العرض .. و هنا المنة الإلهية التي تستغلها إدارة السيرك للدعاية المجانية .. فالخبر يتناوله الجميع بين مصدق و مكذب .. و مع الوقت يتناسي الجميع الحدث و الحديث و يبقي إسم السيرك يتذكره الجميع .. أما الحالمون فلا ينتابهم الشك مطلقاً حول قدرات هذا المروض الرهيب فقد رأوه بأعينهم يتبسم و يحيهم بعد إنتهاء العرض .. و لا يتساءل أحدهم هل رأينا وجه هذا المروض في بداية العرض فعلاً ؟ أم وجوه هذه الكواسر كان شغلنا الشاغل ؟.. الحالمون لا يُحكمون العقل و المنطق .. فعالم الخيال هو عالمهم الأمثل للهروب من قسوة الحياة ..رافضين أى تفسير علمي أو فطرى لهذه الأفاعيل ... متحفزين للدفاع عما يعتقدون و إن كان يخالف العرف و المتعارف .. أما وراء الكواليس فتعمد إدارة السيرك إلي التخلص من جميع الكواسر التي شاركت بهذا العرض .. و أستبدالهم بوحوش أخرى تدين بالولاء للمروض الجديد .. فلا جاني و لا شهود .. فهذه الحياة لا تحتمل التجربة فالجاني و شهود الواقعة بل و المجني عليه إذا نجا لا يؤتمنون ..إنها الأحترافية .. إنهم هناك خلف الكواليس .. كخلايا النمل .. حركة و نظام دائمين .. أستفسار بسيط/ ما علاقة هذا الكلام بواقعنا السياسي الأن ؟ الفكر السياسي هو تحليل للخبرات الأنسانية و قولبتها داخل قوالب دعائية ... يسهل ترويجها بين الناس
ترويض النمرة .. السيرك السياسي .. سلامة الياس
ترويض النمرة .. السيرك السياسي ... سلامة الياس
ترويض النمرة .. السيرك السياسي .. سلامة الياس