شكلت العلاقة بين العقارات التجارية والعقارات السكنية حالة من التكامل تارة والتنافس تارة أخرى، فيما كان للعقارات التجارية تأثيرات إيجابية كبيرة على العقارات السكنية منذ فترة طويلة، وتأثر قطاع العقارات التجارية سلبا بالأزمات والتحديات التي واجهها القطاع العقاري وما سجله من حالة من الفوضى بدأت بالمضاربات وانتهت بأزمة حصدت الاخضر واليابس، وتأثر إيجابا بحالة الانتعاش المسجلة منذ العام 2012، وحتى نهاية العام 2014، قبل أن تبدأ الاسواق العقارية لدى دول المنطقة تتأثر إيجابا وسلبا بالتطورات المحلية والتطورات المالية والاقتصادية على مستوى العالم بشكل منفردة ليسجل سوق العقارات التجارية ارتفاعات متدرجة خلال فترة الانتعاش وتراجعات متدرجة خلال العام الحالي وبنسبة أقل من التراجعات التي سجلها قطاع العقارات السكنية.
وبدى واضحا تأثر وتيرة النشاط لدى سوق العقارات التجارية لدى دول المنطقة بوتيرة النشاط التجاري وتطور العلاقات التجارية مع العالم الخارجي، فيما كان للموقع الجغرافي للدول والجاهزية اللوجستية والبنية التحتية والقانونية، أهمية كبيرة في تنشيط القطاع التجاري بشكل عام وقطاع العقارات التجارية بشكل خاص.
والجدير ذكره هنا أن قرارات الاستثمار لدى قطاع العقارات التجارية، تتطلب المزيد من الدراسات والابحاث لوضع السوق وقت اتخاذ القرار وما يليه من مؤشرات إيجابية وسلبية خلال فترة التنفيذ وصولا إلى الطرح النهائي للمشروع للمستخدم النهائي، مع الاخذ بعين الاعتبار أن تكاليف تشييد العقارات التجارية أعلى بكثير من تكاليف تشييد المباني السكنية على مستوى تكاليف الموقع والتجهيزات ذات العلاقة بطبيعة الاستهداف، حيث تختلف التكاليف فيما إذا كان الاستهداف محليا أو عالميا.
ويرى التقرير العقاري الأسبوعي لشركة المزايا القابضة أن العقارات التجارية تتخذ من الارتباط الطردي مع مؤشرات الانتعاش الاقتصادي أساسا لها لترتفع وتيرة الطلب تبعا لارتفاع مؤشرات النمو ومعدلات التشغيل الاقتصادي، فيما تتخذ العقارات السكنية حالة من الاستقرار والنمو في كافة الظروف، وذلك إذا ما كان الاستهداف محليا وخارجيا، حيث تتمتع هذه الاسواق بتواصل وتيرة الطلب في كافة الظروف الاقتصادية تبعا لتنوع الطلب وتنوع المنتجات العقارية التي تتناسب وكافة فئات المستثمرين والمستخدم النهائي من كافة الفئات، هذا وأثبتت مسارات السوق العقاري لدى دول المنطقة أن وتيرة النشاط للقطاع العقاري والسكني على درجة عالية من التعقيد والتداخل وصولا إلى القول بأن العلاقة متداخلة ومعقدة على مستوى قيادة السوق وطبيعة التأثر والتأثير الايجابي والسلبي في كافة الظروف.
ويقول تقرير المزايا أن سوق العقارات لدى المملكة العربية السعودية وصلت إلى مستويات سعرية جاذبة وذلك بعد التراجعات المسجلة منذ بداية العام الحالي، حيث أظهر مؤشر السوق العقاري السعودي انخفاضا وصل إلى 28% مقارنة بالمستويات السعرية التي كانت سائدة خلال نفس الفترة من العام 2014، ويعود التراجع المسجل لدى السوق العقاري إلى عدة عوامل أهمها دخول السوق العقاري مرحلة التصحيح، بالإضافة إلى حالة الترقب والانتظار التي سادت بالتزامن مع الحلول التي أقرتها الجهات المختصة وبشكل خاص فرض رسوم على الاراضي البيضاء وإصدار أنظمة تمويل جديدة إلى جانب مشاريع الاسكان المتعددة، والجدير ذكره هنا أن الصفقات السكنية لدى السوق العقاري السعودي غالبا ما تتفوق على الصفقات على العقارات التجارية تبعا لمستويات الحاجة والطلب على الوحدات السكنية على المستوى المحلي، مع الاخذ بعين الاعتبار أن توقعات التصحيح سوف لن تكون عميقة وبشكل خاص على العقارات التجارية، حيث سجل مؤشر أسعار العقارات التجارية خلال فترة التصحيح نسب تراجع أقل من تلك التي سجلها العقار السكني حيث لا زالت أسعار العقارات التجارية مرتفعة، الامر الذي أثر على معدل سيولة العقارات التجارية وبالتالي انخفاض حجم وقيم الصفقات العقارية المنفذة في الوقت الحالي.
ووفقا لتقديرات تقرير المزايا فإن السوق العقاري التجاري أكثر مقاومة للتطورات المالية والاقتصادية المحلية والخارجية، فيما تحيط بالقطاع التجاري مؤشرات متفائلة سواء كان كنتيجة مباشرة للنشاط الاقتصادي المحلي أو تبعا للتطورات التجارية مع العالم والخارجي والتي بدأت بفتح السوق المالي أمام الاستثمار الاجنبي المباشر، وتلتها حزمة الاتفاقيات التي أبرمتها المملكة مع الاقتصاد الامريكي خلال الربع الاول من العام الحالي حيث تستهدف هذه الاتفاقيات الشراكة الاستراتيجية الجديدة من خلال إبرام 18 اتفاقية نوعية تشمل العديد من المجالات والانشطة أهمها الطاقة والتعدين والصحة والاستثمار في القطاع الخاص، يأتي ذلك مع التوجهات الحكومية بفتح أنشطة قطاع تجارة التجزئة والجملة بنسبة ملكية 100% أمام الشركات الاجنبية ومنتجاتها، يذكر هنا أن قطاع التجزئة لدى المملكة يعتبر واحداً من أكبر قطاعات التجزئة على مستوى المنطقة ويشهد معدل نمو يصل إلى 8% سنوياً، فيما تعكف الجهات ذات العلاقة على إعادة تقييم الانظمة التجارية والاستثمارية المعمول بها وإدخال التعديلات الضرورية، لتسهيل عمل الشركات التي ترغب في العمل في المملكة، وتستهدف الجهات الحكومية من خلال هذه الخطط والاجراءات جذب المزيد من الاستثمارات الاجنبية المباشرة لتعزيز وتنويع مقومات الاقتصاد المحلي، وضمن هذا المنظور فمن المتوقع أن يشهد سوق العقارات التجارية مزيدا من الاستقرار ومزيدا من النمو خلال الفترة القادمة.
هذا وحافظ السوق العقاري التجاري على جاذبيته لدى السوق العقاري الاماراتي يقول تقرير المزايا، خلال العام الحالي نظرا لطبيعة الاستثمار والتحفيز التي تنتهجها الامارات على هذا الصعيد، حيث تشهد الاستثمارات العقارية السكنية والتجارية تركيزا استثماريا متوازيا نظرا لتنويع مصادر الطلب، حيث يتمتع السوق العقاري الاماراتي بمستوى انفتاح يقل مثيله بين دول المنطقة، الامر الذي يعطيه أفضلية في العرض وأفضلية في الطلب وهذا يعني أن مؤشرات الطلب تحافظ على مستواها وبغض النظر عن الظروف المالية والاقتصادية المحيطة، وتؤكد البيانات الصادرة عن دائرة الاراضي والاملاك في دبي أن إجمالي تصرفات الاراضي بلغ 106 مليار درهم خلال النصف الاول من العام الحالي، فيما حققت الاراضي التجارية (المبني عليها) أعلى القيم من حيث نوع العقار.
ويتأثر سوق العقارات التجارية بكافة الخطط والتوجهات الحكومية، حيث تفيد مؤشرات السوق أن "مترو دبي" قد ساهم في رفع قيمة العقارات التجارية بنسبة عالية وصلت إلى 41%، الامر الذي يعكس الدور الكبير الذي يلعبه المترو في تعزيز القيمة السوقية للعقارات، فيما يتوقع أن يستمر الطلب على الاراضي التجارية والعقارات التجارية ذات العلاقة بالنشاط التجاري والصناعي لدى الدولة، فيما ستشكل مشاريع اكسبو 2020 المتنوعة بوصلة القطاع لتحقيق مزيدا من النمو والعائد خلال السنوات المتبقية.
وأشار تقرير المزايا إلى أن الاستثمار في العقارات التجارية الجاهزة في الوقت الحالي يأخذ طابع اقتناص الفرص الاستثمارية لدى مختلف الاسواق العقارية على المستوى المحلي والاقليمي والعالمي، ويتطلب ذلك قدرة ومعلومات دقيقة وواضحة وخبرات متخصصة عن السوق العقاري محل الاستهداف، فيما يتطلب أيضا قدرة كبيرة على تحديد طبيعة السوق العقاري وطبيعة المؤثرات ومصادرها قبل وبعد الاستثمار، ذلك أن العقارات التجارية تتمتع بجاذبية استثمارية كبيرة خلال فترات الانتعاش، وينطوي الاستثمار فيها على مخاطر انخفاض درجة التسييل في ظروف التراجع الاقتصادي، وبالتالي صعوبة التخلص منها دون مواجهة خسائر كبيرة في غالب الأحيان، في المقابل فإن عوائد الاستثمار على العقارات التجارية تتجاوز عوائد الاستثمار لدى العقارات السكنية، حيث ترجح البيانات المتداولة لدى الاسواق العقارية في المنطقة أن تبقى عوائد الاستثمار لدى العقارات التجارية ما فوق 15% خلال العام الحالي، فيما ستتباين معدلات العائد بين سوق وآخر ودولة وأخرى خلال العام القادم تبعا لخطط الانفاق الاستثمارية والتجارية والقطاعات التي ستتركز حولها خطط التحفيز المالي والاقتصادي لدى مختلف دول العالم.
ونوه تقرير المزايا إلى أن المخاطر الاقتصادية التي يمكن أن يحملها استمرار التذبذب وعدم الاستقرار لدى أسواق الطاقة العالمية بالإضافة إلى ظروف تبدل أولويات الانفاق لدى غالبية دول المنطقة، ستشكل أكثر العوامل تأثيرا على وتيرة النشاط التجاري والاستثماري لدى دول المنطقة خلال الفترة القادمة، وأن أية اتجاهات إيجابية ستحققها الاسواق العالمية ستنعكس إيجابا على الانشطة التجارية ومن ثم على وتيرة النشاط لدى سوق العقارات السكنية، هذا على مستوى الاسواق العقارية التي تتبع أنظمة الاستثمار العقاري والتجاري المفتوح، بينما سيكون الطلب على العقارات التجارية ومعدلات العائد عليها مرهونا بالتطورات المحلية ومسارات الاحتكار التي يمارسها الملاك وسماسرة العقارات لدى كثير من الاسواق العقارية لدى دول المنطقة، حيث نتج وينتج عن هذه المسارات تسجيل ارتفاعات كبيرة على أسعار العقارات بكافة أنواعها، وبالتالي انخفاض جاذبيتها الاستثمارية على المستوى المحلي والخارجي.
وفي السياق يقول تقرير المزايا أن الوصول إلى الاسعار العادلة لدى الاسواق العقارية سواء كانت تجارية أو غير تجارية سيشكل أحد أكثر الحلول العملية التي يحتاجها السوق العقاري لدى دول المنطقة خلال الفترة القادمة.