فجّرت توصية للمجلس الوطني لحقوق الإنسان بالمغرب، وهي مؤسسة قومية مستقلة عن الحكومة، بـ"المناصفة في الإرث" بين النساء والرجال، جدلا سياسيا جديدا بين "رفض شرس" من حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة، وبين رفض لـ"قوى الظلام" في نقاش القضايا الهامة، بحسب المعارضة.

فموضوع الإرث في المغرب، على خلفية توصية المجلس الوطني لحقوق الإنسان، فتح أبواب السجال، بحسب المراقبين، بين القوى الاجتماعية، أي بين المحافظين وبين المنظمات النسائية، التي تتبنى مرجعيات كونية في حقوق الإنسان.
خرق لأحكام الدستور

ففي بيان توصل به مراسل قناة "العربية"، شددت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية على أن التوصية هي "دعوة غير مسؤولة"، ووصفتها أيضا في ذات السياق، بـ"خرق سافر لأحكام الدستور" المغربي، ما يعني أن الحكوميين اختاروا الوقوف ضد هذه التوصية، وضد أي نقاش حول الإرث، يعلق مراقبون.

كما ذكّر الحزب بالفصل رقم 19 من الدستور المغربي، الذي "يؤطر المساواة بين المرأة والرجل"، محذرا من "خطوة المجلس" التي "تمثل تجاوزا لمؤسسة أمير المؤمنين"، أي العاهل المغربي محمد السادس، والذي "سبق أن أكد أنه لا يمكنه بصفته" كأمير للمؤمنين، أن "يحل حلالا أو يحرم حراما".
المواقف المتشنجة ضد الاختلاف

ومن جهته، ذهب حزب الأصالة والمعاصرة المعارض، في الاتجاه المغاير للمحافظين الحكوميين، من خلال التعبير عن أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان في المغرب هو "مؤسسة دستورية لم تمارس إلا دورها"، في إطار من "الالتزام بالمواثيق الدولية والتشريعات الوطنية" للرباط.

ووفق الحزب السياسي المعارض، في بلاغ صادر عن القيادة السياسية توصل به مراسل "العربية"، فإن من "حق المجلس، وفق اختصاصاته، إصدار التقارير الداعية إلى مناقشات هادئة وموضوعية".

وفي رسالة مباشرة، بحسب المحللين على الحكوميين، انتقد الحزب "المواقف المتشنجة ضد الاختلاف"، المعبَر عنها بـ"خطاب متطرف من طرف بعض الأشخاص والحركات"، موضحا في نفس السياق، أنها "مؤشرات سلبية على سعي البعض لفرض قيود على الاجتهاد"، مؤكدا أنها "محاولة للحجر على التفكير المجتمعي، وفرض الوصاية عليه".
تراجع في مكتسبات المرأة المغربية

وفي قراءة الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، وهي منظمة نسائية غير حكومية، لتقرير للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، انتقاد للإعلام وللأحزاب السياسية، بـ"اختزال التقرير في موضوع واحد هو المساواة في الإرث" ما يعني "تغليطا للرأي العام".

وفي بلاغ صحفي توصل به مراسل "العربية"، استنكرت الجمعية الحقوقية النسائية، بـ"شدة الهجمة التي تتعرض لها مؤسسة وطنية مستقلة"، في إشارة إلى المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في "محاولة النيل منها"، ومنتقدةً في نفس الاتجاه، "غض النظر عن التأخر غير المفهوم، والتراجع عن المكتسبات، التي تعرفها قضية المساواة بين الجنسين في المغرب، في ظل دستور متقدم".

وشنت المنظمة هجوما على حزب العدالة والتنمية، الذي يقود الحكومة، عبر إدانة "الترهيب الفكري على المدافعين عن حقوق الإنسان عامة" و"حقوق النساء بشكل أخص" من قبل "جهات تنصب نفسها كمتحدثة باسم الدين" و"تستغل الدين في السياسة".

وفي مرافعتها عن قضايا المرأة، طالبت الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، بـ"نقاش مجتمعي هادئ حول منظومة المواريث" في "استجابة لحاجة مجتمعية" ومن أجل "حل وضعيات واقعية" فـ"المغربيات قد برهن على قدراتهن في كل المجالات وتقاسمن مسؤولية الأسرة بشكل مشترك مع الرجال".

وإلى علماء الدين في المغرب، وجهت المنظمة دعوة من أجل "تقديم اقتراحات" لتطوير وضعية المرأة في المغرب، في "أفق إقرار العدالة الاجتماعية"، وما تتطلبه من "عدل وإنصاف ومساواة في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية" مع عدم "التمييز بين مواطناته ومواطنيه".
التوصية: المساواة في الإرث

وخلال الأسبوع الماضي، أصدر المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وهي مؤسسة دستورية ومستقلة عن الحكومة، توصية بـ"تسوية بين المرأة والرجل في الإرث في المغرب".

وأتت هذه التوصية، بعد دراسة حول "المساواة والمناصفة" بين المرأة والرجل، قام بها المجلس الوطني لحقوق الإنسان.

وربط المجلس هذه التوصية، بالمقاربة المندمجة لحقوق الإنسان، التي تقتضي المساواة التامة في الحقوق دون تفضيل حق على حق.