وضع العلماء بالمركز القومى البريطانى للمحيطات نصب أعينهم إماطة اللثام عن منطقة فى مياه المحيطات يصل عمقها من مئة إلى ألف متر ولا تنفذ إليها سوى كمية لا تذكر من أشعة الشمس. وقد تأكد أن دراسة هذه المنطقة تمثل صعوبة بالغة بالنسبة إلى العلماء، لأن المعدات العلمية مجهزة خصيصا إما للغوص فى قاع المحيط أو الطفو على سطحه.

غير أن الدراسة أوضحت أن هذه المنطقة تزخر بالحياة النباتية والحيوانية المسماة بالهائمات أو العوالق البحرية الطافية (البلانكتون)، التى تلعب دورا رئيسيا فى التحكم فى نسبة غاز ثانى أكسيد الكربون فى الغلاف الجوى. وقالت ستيفانى هانسون عالمة الكيمياء الحيوية للمحيطات لرويترز "مثل نباتات حديقتك فإن البلانكتون النباتى يمتص ثانى أكسيد الكربون من الغلاف الجوى ويمكن أن تغوص هذه الهائمات فى قاع المحيط، الذى لا يحتوى على الهواء لذا فإن البلانكتون يقوم بتخزين الكربون لفترات طويلة".

وقالت إن فهم عمليات نقل الكربون فى عمق المحيط قد يؤدى إلى استنتاج توقعات أفضل للتغير البيئى فى العالم. ويقود الاستاذ الجامعى ريتشارد ساندرز مشروعا لابتكار معدات علمية يمكنها جمع عينات من هذه الكائنات ويقوم هو وزملاؤه فى مقر المركز بساوثامبتون بإجراء اختبارات على جهاز لجمع عينات من البلانكتون النباتى الذى لا ينفذ إليه إلا قدر ضئيل من الضوء على أعماق تتراوح بين 50 و500 متر من سطح مياه المحيط لدراسة هذه العينات. وسيساعد هذا الابتكار العلماء على حساب كميات الكربون التى تدخل المحيطات.

ويمثل هذا الجهاز تحديا للعلماء نظرا لوزنه الذى يقدر بنحو 100 كيلوجرام، فضلا عن ضرورة الحفاظ عليه على أعماق معينة بحيث لا يغوص فى قاع المحيط أو يطفو على سطح الماء ما يستلزم حساب كثافته أو وزنه النوعى بكل دقة. يعتزم الفريق البحثى الشروع فى مهمتين فى جنوب المحيط الأطلسى للتعرف على تباين تركيز ثانى أكسيد الكربون فى مياه المحيطات، علاوة على ابتكار نموذج كمبيوتر متطور للتنبؤ بتغير المناخ فى المستقبل بدقة بالغة.