بدأت التحقيقات لتحديد أسباب تحطم طائرة الركاب الروسية في سيناء المصرية، حيث اتسعت دائرة البحث عن الضحايا الـ 224 فيما طلب الرئيس عبد الفتاح السيسي عدم استباق نتائجها، مشيراً إلى أن "التحقيق قد يستغرق شهوراً"، فيما أكدت موسكو أنها انشطرت في الجو.
ودعا السيسي إلى "عدم الخوض في أسباب سقوط الطائرة" الروسية وانتظار نتائج التحقيقات، بحسب وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية.
وقال أثناء ندوه نظمها الجيش المصري "رغم أن مصر هي المعنية بإجراء التحقيق إلا أنه ليست لدينا مشكلة في التعاون مع جهات مختلفة لاستجلاء الحقيقة" حول أسباب سقوط الطائرة داعياً إلى "ترك الأمر للمتخصصين وعدم الخوض فى الحديث عن أسباب سقوط الطائرة".
ولاحقاً، أفاد مسؤول بارز في لجنة الطيران الحكومية الروسية أن الطائرة انشطرت "في الجو".
وقال رئيس اللجنة فيكتور سوروشينكو إن "انشطار الطائرة حدث في الجو والشظايا منتشرة على منطقة واسعة"، بحسب ما نقلت عنه وكالة ريا نوفوستي في القاهرة حيث يشارك في لجنة دولية من الخبراء من روسيا ومصر وفرنسا وأيرلندا للتحقيق في تحطم الطائرة.
وفي وادي الظلمات، في قلب محافظة شمال سيناء، ينتشر على الأرض الرملية الجدباء الكثير من حطام الطائرة التي مازالت تتصاعد منها رائحة الحريق بعد أكثر من 24 ساعة من المأساة.
وليس هناك أي جثة على الأرض لكن عشرات الأكياس البلاستيكية السوداء والحمراء والبرتقالية يحرسها الجنود لا تترك مجالاً للشك: أنها تحوي أشلاء ركاب وأفراد طاقم الرحلة المنكوبة.
وأبعد قليلاً، كانت سترة صغيرة الحجم لونها رمادي وأحمر تذكر بالمأساة إذ كان 17 طفلاً على متن الطائرة بينهم رضيعة لم يتجاوز عمرها العشرة أشهر.
وأعلنت روسيا يوم حداد وطني وفتحت تحقيقاً حول الشركة السياحية التي تقوم بتشغيل الطائرة.
وكانت السلطات المصرية أعلنت أنها عثرت على حطام الطائرة وأشلاء في دائرة قطرها 8 كيلومترات ما يعني مبدئياً، وفق الخبراء، أن الإيرباص إيه321-200 التابعة لشركة متروجيت الروسية لم تصطدم بالأرض كتلة واحدة إنما انفجرت في الجو وتفتتت.
وتم توسيع عمليات البحث لتشمل دائرة قطرها 15 كيلومتراً، بحسب ضابط في الجيش يشارك في عمليات البحث انطلاقاً من قاعدة عسكرية في الحسنة، في قلب منطقة شمال سيناء، على بعد 60 كيلومتراً من مكان تحطم الطائرة.
وبحسب الضابط، تم العثور على 163 جثة من أصل 217 راكباً و7 أفراد طاقم كانوا على متن الطائرة.
وأضاف "عثرنا على جثمان طفلة عمرها قرابة 3 سنوات على بعد 8 كيلومترات".
وكانت الطائرة أقلعت فجر السبت الماضي من منتجع شرم الشيخ جنوب سيناء متجهة إلى سان بطرسبورغ وقطع الاتصال معها بعد 23 دقيقة من الإقلاع فيما كانت على ارتفاع أكثر من 30 ألف قدم "أكثر من 9 آلاف متر".
وبعد أكثر من 24 ساعة، مازال الغموض يحيط بسبب تحطم الطائرة، بينما شككت الحكومتان الروسية والمصرية في إعلان الفرع المصري لتنظيم الدولة "داعش" مسؤوليته عن إسقاط الطائرة انتقاماً من التدخل الروسي في سوريا.
وكانت ولاية سيناء، التي أعلنت ولاءها لـ "داعش"، قالت إنها "أسقطت" الطائرة الروسية من دون أن توضح كيف. وتعد منطقة شمال سيناء معقل التنظيم حيث ينفذ اعتداءات شبه يومية على قوات الجيش والشرطة.
وأعلنت الحكومة المصرية العثور على الصندوقين الأسودين للطائرة وأن أسباب الحادث ستتحدد بناء على تحليل البيانات الموجودة في الصندوقين.
وصباح أمس، وصل محققون روس ومصريون برفقة وزير النقل الروسي ماكسيم سومولوف إلى المكان بمروحية. كما توجه قرابة مائة من أعضاء فرق الإنقاذ الروسية مع معداتهم الخاصة إلى الموقع نفسه بالطريق البري.
وفتح كذلك تحقيق في روسيا حيث تمت مداهمة مكاتب شركة الطيران وشركة تنظيم الرحلات السياحية، بينما سيصل محققون من فرنسا وألمانيا إلى مصر في إجراء يطبق عادة عند تحطم أي طائرة إيرباص إذ إن البلدين هما أكبر شركاء في الكونسورسيوم الأوروبي المنتج لهذه الطائرات.
وكان 17 طفلاً على متن الطائرة التي كان كل ركابها روس باستثناء 3 أوكرانيين، وفق الحكومة المصرية.
وفي روسيا نكست الإعلام على كل المباني الرسمية. وبموجب مرسوم أصدره الرئيس فلاديمير بوتين ونشره الكرملين، طلب من كل محطات التلفزيون إلغاء البرامج الترفيهية.
وشكك وزير النقل الروسي ماكسيم سوكولوف في إعلان "داعش" مسؤوليتها عن تحطم الطائرة مؤكداً أن "المصريين ليست لديهم ملعومات تؤكد مثل هذه التلميحات".
وقال رئيس الوزراء المصري شريف إسماعيل كذلك إن "الخبراء" يستبعدون إمكانية استهداف طائرة على مثل هذا الارتفاع الكبير.
لكن خبراء أكدوا أنه قبل تحليل بيانات الصندوقين الأسودين لا يمكن استبعاد فرضية انفجار قنبلة داخل الطائرة أو احتمال هبوط الطائرة إلى ارتفاع أقل بسبب مشكلة فنية وإصابتها بصاروخ من الأرض. ويشيرون الى انتشار حطام الطائرة وأشلاء الركاب ضمن مساحة كبيرة كقرينة على هذه الفرضية.
وأعلنت، أمس الأول، شركات الطيران الفرنسية إير فرانس والألمانية لوفتهانزا أن طائراتها لن تحلق فوق سيناء "حتى إشعار آخر" لأسباب مرتبطة بالسلامة.
وأمس، قالت شركات طيران الإمارات وفلاي دبي والعربية للطيران إنها قررت تغيير مسارات رحلاتها لتحاشي الطيران فوق سيناء.
وقالت الشركات إنها تتابع الموقف عن كثب في المنطقة وإن تغيير مسار الطائرات إجراء وقائي.
وعادة ما يؤدي تغيير المسارات إلى إطالة مسافة الرحلة بما يزيد تكاليف الوقود.
ومنذ الثورة التي أطاحت الرئيس الأسبق حسني مبارك، يشهد قطاع السياحة تراجعاً في مصر وتحاول السلطات إنعاش هذا القطاع الحيوي للاقتصاد المصري.
ورغم عدم الاستقرار السياسي وهجمات المتطرفين، مازالت المنتجعات الواقعة على البحر الأحمر في جنوب شبه سيناء من الوجهات السياحية الرئيسة للبلاد ويرتادها السياح الروس أو الأوروبيون الشرقيون الذين يصلون يومياً في عدد من رحلات التشارتر.