طالب المتحدثون في اليوم الثاني من الملتقى الخليجي الرابع للتخطيط الاستراتيجي، والذي يعقد تحت رعاية وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، ويحمل العنوان «هواجس أمنية»، وبتنظيم من مكتب أكت سمارت لاستشارت العلاقات العامة، بإعداد مشروع سياسي عملي لصد المد الإيراني في المنطقة والمستمر منذ 36 سنة، وأكدوا أن الأمن السياسي في منطقة الخليج يحتاج لأداة إعلامية قوية، ما يستدعي توحيد الموقف الخليجي تجاهها، مشيرين إلى أن التطور التكنولوجي في وسائل التواصل الاجتماعي والإعلامي فرض تحديات أمنية مستجدة على الدول لابد من التحسب لها.
الأمن السياسي
وخصصت الجلسة الأولى من الملتقى للحديث عن محور «الأمن السياسي»، وقال خلالها عضو مجلس الشورى بالمملكة العربية السعودية د.عيسى الغيث، إن منطقة الخليج تعيش حالة الهاجس الأمني منذ الثورة الإيرانية، فإيران منذ 36 سنة وهي تثير المشاكل في المنطقة، داعياً إلى التحول من الظاهرة الصوتية إلى العمل الفعلي، مؤكداً أهمية استغلال الشباب الخليجي في العمل الداخلي بدلاً من استغلالهم خارجياً من الجهات المتطرفة، لافتاً لأهمية إنشاء مراكز دراسات وبحوث حقيقية، وأن تكون هنالك استراتيجيات واضحة وحقيقية وجداول زمنية لتنفيذها لمواجهة التحديات.
من جانبه قال الأكاديمي المتخصص في الدراسات الإيرانية د.محمد السلمي إن الأمن السياسي في الخليج بحاجة إلى أداة إعلامية قوية لمواجهة التحديات الخارجية وتحقيق النجاح في أعمالها، مشيراً إلى أن العمل العسكري الخليجي في اليمن «عاصفة الحزم» نجح على أرض الواقع، ولكن دبلوماسياً وإعلامياً لم يحقق الإقناع المطلوب لعدد من الدول الغربية.
وأكد أن الخليج يفتقر لمشروع سياسي يواجه المشروع الفارسي في المنطقة، داعياً إلى العمل على إعداد مشروع سياسي يصد ما تقوم به إيران في المنطقة، وكذلك توحيد الموقف الخليجي تجاهها.
وقال عضو مجلس الشورى بمملكة البحرين الأستاذ بسام البنمحمد: «نحن في الخليج بحاجة إلى التوحد حول مشروع واضح المعالم يعمل على حماية مصالح الخليج وترويج القومية العربية في مواجهة المشروع الإيراني الذين وصلوا لمراكز صنع القرار العامية، ونحن متفائلين بدور السعودية لخلق كيان اقتصادي قوي في المنطقة يحمي المصالح الخليجية».
الأمن الإعلامي
وتحدث، خلال الجلسة الثانية التي خصصت لـ «الأمن الإعلامي»، مستشار جلالة الملك لشؤون الإعلام ورئيس مجلس أمناء معهد البحرين للتنمية السياسية، المستشار نبيل الحمر بالقول: «يشهد العالم اليوم تطوراً ملحوظاً في وسائل الإعلام لم تكن متاحة سابقاً، وعلينا أن ندرك أنه بقدر أهمية هذه الوسائل إلا أنها تشكل هاجساً وخوفاً على الأمن، والقريب من العمل الإعلامي يشعر بهذا التحدي، خصوصاً أن هنالك وسائل تشكل ضرر بالنسبة للمعلومة المتداولة»، ولفت إلى أن الكثير من الإعلاميين يتحسسون من قيام الدولة بوضع قوانين وأنظمة لتقنين استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، فينطق الحديث من هنا وهناك بأن هذا تكبيل حريات وغيرها، بيد أن الواجب على الجميع التعاون مع الدولة لإضفاء المصداقية على المعلومات المتداولة.
وتابع: «الجسم الصحافي في الدولة عليه مسؤولية تحري الدقة في نقل المعلومة من المصدر، ويجب أن لا ينساق لترويج معلومات خاطئة أو مغلوطة أو كاذبة، وذلك عبر تثبيت قوة المصدر».
وأكد أن العالم العربي حديث التعامل مع شبكات التواصل الاجتماعي، فيجب عليه أن لا يسيء استخدامها في الإضرار بمجتمعه، فالإعلام اليوم حقق تقدم كبير مقارنة بخمس سنوات مضت ومهول في سهولة وسرعة انتشار المعلومات.
من جانبه أكد وزير شؤون الإعلام والمجلسين عيسى الحمادي أن الأمن الإعلامي جزء مهم من الأمن الشامل، خصوصاً مع الأحداث التي شهدتها المنطقة في السنوات الثلاث الأخيرة، والتي أدخلت المنطقة في تحديات كبيرة وفي حرب إعلامية أبرز ملامحها زرع الأيدولوجيات المتطرفة من خلال وسائل التواصل الاجتماعية، سواء عن طريق الإعلام التقليدي أو الحديث، مؤكداً أهمية تجنيد وسائل الإعلام الجديدة لصد ووقف أعمال الاستقطاب التي تقوم بها الحركات المتطرفة للكثير من الناس، والتي خلقت صراعات غير موجودة نالت من استقرار أوطاننا.
ونوه الحمادي إلى أهمية مواجهة تلك الحرب بنشر الفكر النير في المجتمع عبر تطبيق القانون والثقافة المحلية، وخلق محتوى إيجابي لتغذية الأفراد فكرياً، والالتزام بالضوابط المهنية، وتعطي مردوداً إيجابياً كونها رقابة ذاتية. من جانبه قال رئيس الجمعية السعودية للثقافة والفنون والرئيس التنفيذي للطارق للإعلام، سلطان البازعي: «نواجه هجوما على منطقتنا بوسائل التواصل الاجتماعي، فالواتساب وسيلة الإعلام الأكثر تأثيراً في الشرق الأوسط اليوم، حيث تنقل عبره رسائل مزعجة للأمن الداخلي، وفي النهاية تكون هذه الرسائل أغلبها كاذبة، وأغلب من يستخدم هذه الأساليب هي الحركات المتطرفة لزعزعة الأمن في البلدان، كما إن الأطماع المحيطة بالمنطقة تستخدم هذه الوسائل».
التخطيط الاستراتيجي
وقال مساعد القائد العام لشؤون الجودة والتميز في شرطة دبي، ورئيس جمعية الإمارات للتخطيط الاستراتيجي اللواء الركن د.عبدالقدوس العبيدلي، إن الخليج بحاجة لتجاوز مرحلة التنسيق الأمني إلى مرحلة التخطيط الاستراتيجي، وأفضلها الاستقرار الأمني القائم على استقطاب الاستثمارات، وأكد أن ذلك يأتي عبر تقديم خدمات أمنية عالية الجودة للموظفين لإشعارهم بالسعادة، الأمر الذي ينعكس على المجتمع بأكمله، خصوصاً إذا تم ربط الجانب الأمني بالجانب الاقتصادي، ومراعاة أن يكون الخليج دائماً متقدماً في المؤشرات العالمية، والذي ينعكس عليه جذب الاستثمارات.