حينما قدم الكاتب البريطاني الان بينيت عام 1999 مسرحيته "السيدة في الشاحنة" لم يكن يخطر بخلده أن تظل تلك المسرحية نابضة بالحياة بعد مرور 16 عاما على تقديمها، حيث قررت السينما تجسيدها مرة أخرى بذات الاسم، أيضا بذات البطلة والمخرج اللذين كانا قد قدما العرض المسرحي الأول.
الان بينيت من تلك النوعية من الممثلين والكتاب الذين يفضلون البقاء بعيدا عن الأضواء، تاركا لأعماله أن تتحدث عنه وعن طروحاته التي تمزج بين البعد الاجتماعي والفلسفي الناقد والمحلل.
النص المسرحي وأيضا السينمائي يعتمد على إحداثيات قام الان بينيت بتسجيلها عن علاقته بسيدة مسنة وجدها ذات صباح تحاول أن تركن شاحنتها الصغيرة بالقرب من منزله وهي لا تمتلك بيتا تقيم به. ومع مرور الأيام تتطور العلاقة بين تلك السيدة والكاتب بينيت الذي يكتشف من خلالها قسوة المجتمع على الفقراء والمعوزين والكبار في السن، والذين يلفظهم الزمن إلى الشوارع لمواجهة قدرهم.
رحلة مدتها 15 عاما، يحاول من خلالها الكاتب الان بينيت مزج الأمور بشيء من السخرية عبر الكوميديا السوداء، لكنه في كل يوم من أحداث ذلك الفيلم يأخذنا إلى مساحات أكبر من الألم والتعب والظلم الاجتماعي الذي يحيط بتلك السيدة وغيرها من الذين يعيشون بلا مأوى هنا وهناك من أرجاء المعمورة.
بدور السيدة شوبارد تدهشنا النجمة البريطانية الليدي ماجي سميث التي كانت قد فازت عن هذه الشخصية بجائزة أولفيية كأفضل ممثلة مسرحية عام 2000. وبدور الكاتب الان بينيت يحضر الممثل اليكس جينيننغز، وفي الفيلم كم آخر من نجوم المسرح والسينما في المملكة المتحدة. بقيادة المخرج نيكولاس هنتر الذي عرف عالميا من خلال فيلم "جنون الملك جورج" الذي كتب له السيناريو أيضا الان بينيت.
تجربة سينمائية ثرية بالمضامين، خصوصا على صعيد تطوير العلاقة بين المسرح والسينما، والتأكيد على ثراء المسرح الإنجليزي ومبدعيه عبر العصور.
في فيلم "السيدة في الشاحنة" أداء شديد الحساسية والعمق لماجي سميث التي تؤكد علو كعبها ولياقتها الفنية العالية حتى وهي تحتفل بعامها الحادي والسبعين، لتثبت قدرتها واختياراتها السينمائية، ومن قبلها المسرحية عالية المستوى.