دائما ما يؤكد المهتمون بصناعة السينما المصرية، أن أحد أسباب انهيارها يتمثل فى المنافسة الشرسة بين شركات الإنتاج، للفوز بنجم ما، وهو ما أدى إلى ارتفاع أسعار النجوم بصورة جنونية، وتخصيص ما يقارب نصف ميزانية الفيلم لأجر للنجم والباقى للإنتاج، حيث تسبب ذلك فى تقليص عدد الأعمال السينمائية تدريجيا مع مرور الوقت إلى أن وصلنا إلى ما نحن عليه الآن من انهيار لصناعة كانت تحقق أكبر ثانى دخل قومى لمصر بعد قناة السويس.
ويؤكد بعض المنتجين أن ما حدث فى صناعة السينما، يحدث الآن فى سوق الدراما بسبب المنافسة فى الأسعار، حيث يقول المنتج صادق الصباح لـ«اليوم السابع» إن المنتجين يعانون فعلا من ارتفاع أسعار النجوم، خاصة وأن كل نجم يريد أن يرفع من أجره كل عام بناء على ما يتقاضاه المنافسون من زملائه، خصوصا من يتقاضى أجرا أعلى من أجره، وهو ما يشكل ضغطا على المنتجين، خاصة وأن أغلب هذه الأرقام لا تكون حقيقية، ولكن أسعار النجوم تظل تخضع لقانون العرض والطلب، وإذا زادت هذه المطالبات عن حدها وتخطت أجور النجوم إمكانيات المنتجين ستنخفض مباشرة، لأن السوق ينظم نفسه، وقد عشت ظروفا مماثلة من صعود وهبوط لأجور النجوم خلال الـ 25 سنة الماضية، فكل شىء خاضع للتغيير تبعا للظروف الاقتصادية المتاحة.
وأضاف المنتج أن أجور النجوم المرتفعة بالطبع تؤثر على جودة العمل الفنى لأن المنتج يجب أن ينفذ العمل فى ضوء الميزانية المتاحة لديه، ولذلك فهو يقلل من جودة العمل الفنى فى سبيل أن يكون معه اسم فنان لامع يستطيع البيع به، ولكن المشكلة أن السوق الإعلانى ليس به نمو كبير، بمعنى أن المسلسلات تحصل على أرباحها من المحطات التى تتعاقد على عرضها والمحطات تحصل على أرباحها من الإعلانات التى تذاع لديها، والسوق الإعلانى له سعة معينة ونحن نستمر فى زيادة التكلفة الإنتاجية لأعمالنا، ولذلك لا تغطى الإعلانات تكلفة المسلسلات المتزايدة والتى يطالبنا النجوم أن نزيدها أكثر لدفع أجورهم عن العام الماضى، وهو الأمر الذى يقود الدراما فى طريق الانهيار بالفعل، فإذا استمر الحال على ما هو عليه سنجد أن عدد المسلسلات يقل كل عام عن الذى سبقه. وأوضح الصباح أن أسعار النجوم ليست العقبة الوحيدة أمام المنتج ولكن قرصنة المسلسلات هى أيضا مشكلة خطيرة، لأننا نتفق على عرض مسلسل بصورة حصرية على إحدى القنوات ونجد أنه يتم عرضه على قنوات أخرى مجهولة الهوية، وهو ما يؤثر على بيع المسلسل. وأضاف أن الأمر إذا استمر بهذا الشكل بدون حلول سوف نجد بعض المنتجين يستوردون المسلسلات اللبنانية أو غيرها لأنها أرخص من إنتاج المسلسل فى مصر، مثلما يقوم منتجو السينما بتوزيع الأفلام الأجنبية بدلا من إنتاج أفلام بأنفسهم، ولذلك أستطيع أن أقول إن سوق الدراما فى طريقها للتقلص.
واتفق المنتج محمد فوزى مع الصباح، حيث قال لـ«اليوم السابع» إنه لا يستبعد انهيار سوق الدراما، وذلك بسبب المنافسة الشديدة بين المنتجين، إضافة إلى المغالاة فى أجور النجوم، موضحا أن المنافسة موجودة فى كل المجالات وهى شىء صحى، ولكن فى الدراما المنتجون دائما ما يتفقون على أجر معين مع النجم وبعدها بيومين يرجعوا فى اتفاقهم، ولذلك أصبحنا نعلم جيدا أن المنافسة لا تعرف الاتفاقات، ولا يوجد قانون يحكمها ولكنها ستبقى مستمرة مع ذلك. أما عن أسعار النجوم الجنونية فقال فوزى إنه أمر يخضع لقوانين العرض والطلب، وعندما ستزيد هذه الأجور عن حدها سيرفضها السوق تلقائيا وستعود الأجور للمتوسط المتعارف عليه.
بينما يرى الناقد طارق الشناوى أن سوق الدراما منتعش وليس فى طريقه للانهيار، بدليل استمرار المنتجين فى إنتاج أعمالهم عاما بعد عام، مشيرا إلى أن القنوات الفضائية قد تكون لديها مشاكل مادية ولكنها مع ذلك تدفع للمنتجين أرباحهم حتى وإن كانت تتأخر إلا أنها تدفع فى النهاية، كما أن السوق الدرامى يمثل مجالا آمنا للاستثمار بالنسبة للمنتجين عن السينما، إضافة إلى أننا نسمع باستمرار كل فترة عن ميلاد قناة فضائية جديدة ولدينا 1500 قناة ناطقة بالعربية.
وأضاف الشناوى أن هناك خضوعا من قبل المنتجين لإرادة النجوم من ناحية الأجور، ورغم أن المتعارف عليه هو أن يتم تخصيص %25 من ميزانية العمل الفنى للأجور، ولكن ما نراه هو تخصيص %75 من ميزانية العمل للأجور يكون منها %60 لأجر النجم والباقى للعمل، وهو ما يؤثر على جودة العمل الفنية، ولكن فى المقابل بدأ يظهر كتاب ومخرجون يقدمون أعمالا قوية فنيا مثل مسلسل «تحت السيطرة» لنيللى كريم، ومسلسل «بدون ذكر أسماء» لوحيد حامد.