أعد مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة "دراسات" دراسة بعنوان "دول مجلس التعاون والسيناريوهات المستقبلية للاتفاق النووي مع إيران" للدكتور محمد صقر السلمي الباحث في الشأن الإيراني الأكاديمي بجامعة أم القرى بالمملكة العربية السعودية ، وقد نشرت الدراسة ضمن قسم الدراسات الرئيسية في العدد الأول، المجلد الثاني (2015) من دورية "دراسات".
تناولت الدراسة عدداً من المحاور الرئيسة المتعلقة بمستقبل المفاوضات حول برنامج إيران النووي، ومستقبل العلاقة بين واشنطن وطهران، علاوة على موقف دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية من مسار المفاوضات النووية، ومستقبل ذلك، وانعكاسات الاتفاق النووي المستقبلية على السياسة الخارجية لهذه الدول.
وقد تطرق الباحث في هذه الدراسة الى عدة سيناريوهات مستقبلية للاتفاق النووي بين إيران ومجموعة 5+1، لخصها في أربعة سيناريوهات رئيسة، السيناريو الأول إيصال الإطار العام للاتفاق النووي إلى مراحله النهائية بسلام دون خلافات تذكر في صياغة قرار الاتفاق الشامل وآلية رفع العقوبات ونحو ذلك، خاصة أن فريق الرئيس أوباما يراهن على إنجاح المفاوضات حول هذا الملف. والسيناريو الثاني، يتمثل في فشل الطرفان في الاتفاق على صياغة نهائية موحدة للاتفاق النووي الشامل والتوصل إلى حقيقة أنّ إيران لن تتراجع عن هدف إنتاج السلاح النووي، أما السيناريو الثالث، فيعتمد على الدبلوماسية والمناقشة وقدرة الطرفين على الاتفاق على التقارب الاقتصادي، حيث إنّ صادرات إيران من الطاقة يمكن أن تحفز الرغبة الأمريكية للحصول على الطاقة، وأنّ إيران في المقابل سوف تعترف بإسرائيل وتلتزم للقوى الكبرى بعدم تهديد أمن وسلامة إسرائيل ومن ثم تخفيض التوترات بين الدولتين، والسيناريو الرابع والاخير وهو التحول الذي يعتبر شكلاً من أشكال تغيير النظام في إيران، وأن يحدث هذا التغيير من قبل المنظمات الإيرانية التي تبحث عن التغيير في الهيكل الديني لدولتهم، مما يؤدي إلى زيادة الانفتاح على الدول الخارجية والتخلص من النمط الثوري الراديكالي الذي يعتمد عليه نظام الملالي في إدارة الملفات السياسية على المستويين الداخلي والخارجي.
وقد اكدت الدراسة إنّ مستقبل العلاقة بين واشنطن وطهران يرتبط في المقام الأول بالنتائج النهائية للمفاوضات، ومدى الالتزام بالاتفاق، خاصة من الجانب الإيراني. مع الإستبعاد أن تتحول العلاقة بين الجانبين إلى حالة طبيعية في المستقبل المنظور؛ وذلك لوجود خلافات كثيرة، خاصة فيما يتعلق بمسألة الصواريخ البالستية الإيرانية، وملف حقوق الإنسان، والاتهامات الموجهه لإيران بدعم الإرهاب، مستعرضة الدراسة عدة سيناريوهات لمستقبل العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، السيناريو الأول سيناريو المواجهة العسكرية وهذا السيناريو مستبعد، أما السيناريو الثاني، فهو سيناريو الطريق المسدود، وهو السيناريو الأكثر احتمالا. حيث إن أي تغيير في العلاقة سوف يحتاج في المقام الأول إلى تغير في بعض "الثوابت" المعلنة للجمهورية الإسلامية والذي قد ينعكس سلباً على تركيبة القوى في الداخل الإيراني؛ لما لشعار العداء ضد الولايات المتحدة من دور بارز في حفظ التوازن في الداخل الإيراني وتبرير بعض الأنشطة والأسس التي يقوم عليها. والسيناريو الثالث هو الاستمرار على إعتبار إنه من الممكن استمرار العلاقات بين البلدين على النمط الحالي على المدى المنظور، أما السيناريو الأخير فهو التطبيع، وهو ممكنٌ، ولكن ليس على المدى المنظور، ويرى أنصار هذا السيناريو أنّ الولايات المتحدة تسعى إلى إحداث تغييرٍ في تحالفاتها في منطقة الشرق الأوسط، وأنها تعتزم إعادة بناء العلاقة مع إيران لتعود كما كانت قبل ثورة 1979م.
مؤكدة إنّ ردة فعل دول مجلس التعاون، تجاه الاتفاق النووي مع إيران ستكون أكثر وضوحاً بعد توقيع الاتفاق؛ ومراقبة التحركات الإيرانية عن كثب لاستنباط توجهات إيران القادمة حيال دول المنطقة، وإذا ما كان الاتفاق سيطلق العنان لها للمزيد من التدخلات ومحاولة الهيمنة وبسط النفوذ، أو أنّ طهران ستكتفي بما حققته من نتائج حيال برنامجها النووي والنجاح في رفع العقوبات الغربية؛ للتحول إلى دولة طبيعية.
يذكر ان دورية "دراسات" دوريّة نصف سنويّة متخصّصة تصدر عن مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة، تعنى بنشر الدراسات والتحليلات السياسية والدولية والاقتصادية والأمنية والطاقة والفضاء الرقمي، ذات الاهتمام بالقضايا الاستراتيجية بمفهومها الشامل، والتي تركّز على الشأنين الخليجي والعربي "باللغتين العربية والإنجليزية".