تقول السائلة: “زوجي يتركني ويسهر مع أصدقائه ويلعب معهم ويشرب الشيشة بحجة أنه معي طول الأسبوع، وأنا محتاجة إليه لا سيما في هذا اليوم، فماذا أفعل؟!”. الجواب: الواجب في أمور الحياة الزوجية أن تتم بالتفاهم والمودة ببن الزوجين، وأن يكون هناك فرصة للحوار، وتبادل وجهات النظر بينهما، وأن ينقل كل منهما للآخر ما في نفسه، وما يعانيه من مشكلات ومتاعب، وأن يجتهدا في التعاون على حل ذلك. وليس من شك في أن الزوج الذي يعمل طوال الأسبوع، يحتاج إلى فترة من الترويح عن نفسه، وملاقاة إخوانه وأصدقائه، وربما لا يتيسر ذلك إلا في عطلة نهاية الأسبوع، ولذلك فليس هناك مانع من أن يجتمع الرجل مع أصدقائه، ليأنسوا ببعضهم، ويتبادلوا الحديث المباح، لكن بشرط ألا يكون هناك منكر ولا معصية في هذا الاجتماع. وبالنسبة لهذا الاجتماع فإن كان فيه أحد يشرب الشيشة، كما ورد في السؤال، فلا يجوز لزوجك أن يشاركهم فيه، بهذه الصورة المعتادة حتى ولو لم يكن هو يشربها، فإن المكان مكان منكر، لا يجوز له أن يغشاه، ثم إنه يوشك أن يعتاد شربها منهم. أما السهر بعد العشاء في طاعة، كأن يكون سهر للصلاة، أو تلاوة القرآن، أو طلب العلم النافع، أو نحو ذلك من المقاصد الشرعية، فهو أمر محبوب مطلوب، لكن بشرط ألا يؤدي إلى تضييع طاعة أولى منها؛ بمعنى أنه لا يسهر في طلب العلم أو تلاوة القرآن، ثم ينام عن صلاة الفجر، بل له أن يسهر في الطاعة التي يحتاج إلى السهر فيها، بشرط ألا يؤدي ذلك إلى تضييع الصلاة، أو التفريط في حق الأهل أو الضيف، أو نحو ذلك. ولذلك ترجم الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه: “باب السمر في العلم”، وذكر بعض الأحاديث الدالة على ذلك. قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: “وقد سمر عمر مع أبي موسى في مذاكرة الفقه، فقال أبو موسى: الصلاة؟ فقال عمر: إنا في صلاة” انتهى من (فتح الباري). روى أحمد - وصححه الألباني - عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ يَقُولُ الصِّيَامُ: أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ، وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ. قَالَ: فَيُشَفَّعَانِ”. والخلاصة: أن اعتياد السهر بعد العشاء مكروه من حيث الأصل، فإن اقترن به أمر محرم: فلا شك في تحريمه، وإن كان في طاعة، فهو مباح، أو مطلوب، بحسب الحال. ولا بأس أن يسهر زوجك أحياناً مع أصدقائه، على ألا يضيع حق زوجه، ولا يكون في السهر شيء محرم من الأقوال والأفعال. وننصحك أن تتلطفي مع زوجك في التفاهم معه حول ذلك الأمر، وأن ترفقي به في النصح، وطلب تعديل ما يفعله.