على الرغم من الضربات التي توجهها طائرات التحالف الدولي والغارات الروسية الأخيرة ضد مراكز إنتاج النفط التي سيطر عليها التنظيم في سوريا تحديداً، والتي تشكل منجما هاماً يمول أنشطته المتطرفة ويدعم بقاءه وتمدده، يبدو أن داعش لا يزال قادراً على إنتاج النفط وبيعه، فالقوة النفطية للتنظيم وإن أضعفتها الضربات الأخيرة ما زالت حاضرة، ما يثير التساؤلات حول نجاعة تلك الضربات.

غير أن الأمر قد يجد تفسيراً إذا ما تم الاستناد إلى ما كشفه تقرير نشرته صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية الذي أوضح أن التدمير الكلي والمباشر لحقول النفط المسيطر عليها من قبل داعش ليس من أهداف التحالف الدولي.

ونقلت الصحيفة عن خبير في شؤون النفط والطاقة قوله إنه من الناحية العسكرية يعد تجفيف منابع النفط بالنسبة لداعش ذا فعالية كبيرة في جهود القضاء على التنظيم المتطرف، غير أن هناك جانباً آخر يتمثل في كون تدمير حقول النفط في الأراضي التي يسيطر عليها من شأنه أن يضيق الخناق أكثر على سكان تلك المناطق الذين يعتمدون على ما ينتجه التنظيم في تنقلهم وعملهم ومصادر عيشهم، فليس لديهم بديل آخر عن نفط داعش.

من ناحية أخرى، يعتقد خبراء بأن تدمير حقول النفط في سوريا سيأتي على جزء هام من البنية التحتية للبلاد المنهكة من الحرب، وستكون عملية إعادة بناء تلك الحقول فيما بعد مكلفة جداً.

وتشير بعض المعلومات إلى أن الضربات التي استهدفت مصافي النفط التابعة لداعش ساهمت في تقليص مداخيله خلال الأشهر الأخيرة، لكن معلومات كثيرة أخرى تفيد بأن التنظيم قادر على إصلاح ما دمرته الضربات، كما أنه يستعين بمصافٍ خاصة لتكرير النفط مقابل تقاسم الأرباح مع أصحابها.

من جهته، يقول التحالف الدولي إنه نفذ حتى الآن ما يقارب 11000 غارة جوية ضد مصافي نفط داعش بشكل خاص، ومواقع تخزينه، فضلا عن خطوط الأنابيب التي تنقله لبيعه داخل ووراء الحدود. وحديثاً استهدفت غارات أميركية شاحنات نقل البراميل التي يتم إنتاجها من حقول النفط التابعة للتنظيم، ليقوم وسطاء ببيعها في السوق السوداء.

ففي أوكتوبر الماضي، أطلقت واشنطن عملية استهدفت تلك الشاحنات، كما أغارت فرنسا في بداية نوفمبر الجاري على مركز لتخزين النفط قرب دير الزور شرق سوريا، وقد كثفت من ضرباتها بعيد الهجمات الأخيرة التي هزت باريس والتي تبناها تنظيم داعش.

وكان البنتاغون قد أعلن سابقاً تدمير 400 شاحنة نفط تابعة للتنظيم، فيما قال الروس إنهم دمروا 1000 منها، ونشروا فيديو للعملية أظهر احتراق قافلة من الشاحنات قيل إنها تحمل نفط التنظيم.

وكان داعش قد وضع يده على العديد من حقول النفط السورية في المناطق التي يسيطر عليها، خاصة في المنطقة الشرقية الغنية بالطاقة. وأشارت تقديرات مجموعة من مراكز البحوث وتقارير داخلية إلى أنه ينتج ما بين 20 و40 ألف برميل للنفط يومياً، تغذي التنظيم المتطرف بمداخيل تتراوح بين 1 و1.5 مليون دولار بشكل يومي، أي ما يعادل 350 إلى 600 مليون دولار سنوياً، وهو ما يشكل - إذا ما أضيفت إليه مداخيل بيع الغاز والفوسفات بحسب التقديرات - قرابة نصف مداخيل التنظيم. أما الباقي فيقوم داعش بتحصيله من الضرائب المفروضة على حوالي 10 ملايين شخص يقطنون في مناطق سيطرته وعمليات الابتزاز والاتجار بالبشر، فضلاً عن بيع الآثار والتبرعات التي تساهم في تمويله.