جريمة جديدة تضاف إلى الجرائم التي ترتكب في مسقط رأس الأسد، اللاذقية، بسبب فوضى السلاح وقيام النظام بتوزيع كل ما لديه من أسلحة لأنصاره في المدينة التي باتت أرضا خصبة للجريمة.

وينضم طفل بعمر الورود، ضحية لتسليح "الشبيحة" ومنحهم امتيازات تصل حد رخص القتل واستخدام القنابل في المنازعات الشخصية.

فقد لقي الطفل توفيق الياس ابراهيم، حتفه على الفور، أمس، بعدما قام أحد الأشخاص برمي قنبلة داخل الكنسية. وعلم في هذا السياق أن سبب رمي القنبلة هو مجرد إنهاء لخلاف شخصي، مابين متشابكين في الشارع، وأنه وبعد انتهاء الاشتباك، لجأ البعض الى كنيسة مار أندراوس، فلحق بهم أحد المسلحين "الشبيحة" ورمى قنبلة داخل الكنيسة، أدت الى مقتل الطفل توفيق، هذا فضلا عن اصابة عدد آخر لايزال بعضهم يتلقى العلاج.

وذكرت بعض الأنباء الواردة في صفحات موالية ونقل بعضها على صفحات سورية معارضة، أنه تم القبض على مفجّر القنبلة في الكنيسة، حيث علم أنه كان بحوزته قنبلة ثانية، بعد أن حاول إلقاءها وفشل في ذلك. وذكرت بعض الصفحات الموالية للنظام السوري، أن اسم القاتل هو جوني بدّوع وأن الأخير من سكان حي السجن، في محافظة اللاذقية.

الجريمة أحدثت صدمة في الكنيسة التي هرعت الى ابلاغ السلطات الأمنية بالحادث، خصوصا أن صوت انفجار القنبلة أحد فزعاً شديدا لرجال الدين المسيحيين في داخل الكنيسة التي يؤمها أبناء الطائفة المسيحية في مناسباتهم المختلفة.

وعلى الفور سارع البعض لإلباس الجريمة لطرف آخر من "الدواعش" أو أي طرف من أطراف المعارضة السورية المسلحة. إلا أن محاولاتهم فشلت مع قيام أهل الطفل القتيل بتسريب حيثيات عملية القتل التي تعرض لها طفلهم توفيق الذي لم يكمل بعد عامه الخامس. خصوصا أن في عائلته من هم من أعرق العائلات اللاذقانية المسيحية وهم آل "رشو" الذين لهم تاريخ طويل في الاغتراب السوري منذ عقود طويلة، ومنهم أدباء ومثقفون معروفون.

الثورة السورية حاولت إنقاذ الساحل من جرائم شبّيحته في كل جريمة قتل، وخصوصا من هذا النوع الذي فطر قلوب أهل الطفل، يعود الى الأذهان، من جديد، فكرة "الثورة السورية على نظام الأسد". فلقد كان من بواعث تلك الثورة، هو إنقاذ البيئة السورية من ظاهرة الشبيحة والموالين المدججين بالسلاح، وتخليص المجتمع السوري من آفة التسلح والاستقواء. هذا فضلا عن أسبابها العديدة التي باتت ثقافة عامة.

وهاهي محافظة اللاذقية، بيئة النظام الحاضنة التي ترفده بالرجال، هي نفسها تتساءل عن "فوضى السلاح" التي تعم محافظتهم. ففي كل جريمة جديدة يقولون: "إنها فوضى السلاح". ولم يكن من إجراء يمكن اتخاذه إلا بتحقق الثورة السورية التي كانت ستكفل لهم العيش بظل القانون والمؤسسات المدنية.
وعدد من المعارضين السوريين، قالوا تعليقا على الجريمة: "لا حل إلا بانتصار الثورة على الأسد" وقتها فقط يمكن "سحب السلاح من الشبيحة" ووقتها فقط "يعم القانون" عوضا من قانون "آل الأسد" الذي يسلّح بيئته الحاضنة لتفتك في بعضها البعض ويبقى "الأسد" الحَكَم "غير العادل" بل الحكم "الذي يشعل نيرانكم ليدّعي إطفاءها".
قتل نساء وأكاديميين.. نتيجة مباشرة لعرقلة انتصار الثورة السورية

ولازالت أصداء جريمة مقتل الشابة صبا أبو الشملات، ماثلة في محافظة اللاذقية نفسها. عندما أقدم أحد الشبيحة لخطبتها ورفضته، فقتلها وفرّ هاربا، بعدما أفرغ في رأسها رصاصة من سلاحه الحربي.

وكذلك جريمة قتل العقيد حسان الشيخ، فعلى الرغم من أنه ضابط من ضباط نظام الأسد، فقد أقدم أحد أبناء عمومة بشار الأسد، واسمه سليمان هلال الأسد، على قتل الضابط فقط بسبب مشكلة على أفضلية مرور السيارة. فقام بإطلاق النار عليه بدم بارد، وأمام أعين المارة الذين صعقوا بالجريمة.

وكذلك لاينسى أهل طرطوس الساحلية، عندما أقدم شابان على قتل أبيهما الأكاديمي البارز أحمد صبح، بعد عودته من عمله، وكان من جملة السلاح الذي سوف يستخدم في قتله هو عبوات متفجرة لم يستخدمها الجناة مخافة كشفهم، فتولوا قتله بإمرار السكين من فمه وإخراجها من رقبته، ثم تكرار العملية لضمان موته، في واحدة من أبشع صور جرائم القتل.

وكذلك قتل الشابة الطرطوسية سوسن زين العابدين، بأبشع الطرق على يد زوجها الذي رماها من شرفة المنزل لإخفاء جريمته وحاول إعلام البيئة الحاضنة لنظام الأسد "تلبيسها" للدواعش، وفشل في ذلك، كما سبق ونشر موقع "العربية.نت" تقريرا عن الجريمة.

وجرائم كثيرة أصبحت جزءا من بيئة نظام الأسد الحاضنة، بسبب تسليح النظام لبيئته التي تحولت فيها تجارة السلاح الى تجارة شبه وحيدة، رخّص لها نظام الأسد بكل السبل. وهاهي الجريمة تخرق مجتمع الساحل، بعد جرائم النظام في سوريا كلها. ولازال المعلقون هناك يكررون العبارة نفسها: "..إنها فوضى السلاح"!