ربما تسير فلسفة فريق برشلونة الإسباني الذي طالما أبهرنا بأدائه المبهر وألقابه المتتالية وأرقامه القياسية نحو إفساد متعة كرة القدم بعد توديعه لبطولة دوري أبطال أوروبا من الدور نصف النهائي أمام تشيلسي الإنجلزي، الذي خسر أمامه في ستامفورد بريدج بهدف نظيف، وتعادل معه في كامب نو بهدفين لكل منهما، في لقاءين شهدا سيطرة شبه تامة من جانب الفريق الكتالوني على الساحرة المستديرة. فطالما أكد مدرب برشلونة، بيب جوارديولا، ولاعبوه، أن الفريق سيظل محتفظاً بفلسفته «المثيرة لغضب المنافسين» في اللعب ولن يغيرها مطلقاً، وهي الاعتماد على التمريرات القصيرة والاحتفاظ بالكرة أكبر وقت ممكن وصولاً لمرمى الخصم، وهو الأسلوب الذي نجح فيه المدرب الشاب وقهر به المنافسين وتوج من خلاله بـ13 بطولة من أصل 16 خاضها، وذلك قبل تضييعه لقب دوري الأبطال وقريبا لقب الدوري المحلي. ولعل الفريق الكتالوني يعد الأوحد في العالم الذي ينجح في اللعب بهذه الطريقة نظرا لأن لاعبيه متمرسون للعب هذا النوع من الكرة سويا منذ سنوات ومعظمهم متخرج من مدرسة الكرة في برشلونة (لاماسيا). لكن هذه الفلسفة وجدت الآن من يحل لغزها، المدرب الإيطالي الشاب أيضا روبرتو دي ماتيو، الذي يقود الإدارة الفنية لتشيلسي مؤقتاً ونجح في تلقين لاعبي فريقه سر «الخلطة» الإيطالية، فقد اعتمد الرجل في كلتا المباراتين على أن يؤدي المهاجمين ولاعبي الوسط جميعهم دور المدافع المستأسد أمام مرماه لمنع الغازين من هز شباكهم والانتظار بعد ذلك لما سيجلبه الحظ من خير أو شر بحسب ما ستسفر عنه هجماتهم المرتدة وإن قلت. ونجحت الفكرة في لقاء الذهاب عندما تقمص الأيفواري ديدييه دروجبا دور البطل واستغل هجمة مرتدة نجح البرازيلي راميريس في تمريرها له ليسكنها الشباك. وفي لقاء العودة استعمل البلوز نفس العلاج للقضاء على داء «برشلونة» وربما واجهوا صعوبات في البداية تمثلت في طرد المدافع الشرس جون تيري من «لعبة طفولية» لكنهم لم يفشلوا أبداً بدفاعهم المستميت. فرغم تقدم الفريق الإسباني بهدف سجله سرجيو بوسكيتس وإضافة أندريس إنييستا للهدف الثاني، إلا ان راميريس ومن هجمة مرتدة نادرة تألق وسجل هدفاً أول رائعاً من تمريرة طولية سحرية لفرانك لامبارد أكدت حظوظ فريقه في التأهل للنهائي وذلك مع نهاية الشوط الأول. وفي الشوط الثاني لم يشعر المشاهد المحب لكرة القدم بالاستمتاع مطلقاً إزاء الطوفان الكتالوني الهائج في منطقة الضيوف وتراجع الخطوط الثلاثة لتشيلسي واتحادها في الدفاع فقط، وكل ما يقوم به لاعبو الفريق الإنجليزي هو «تشتيت» الكرة للأمام بأي طريقة، لتصل من جديد إلى لاعب من برشلونة وهكذا الأمر يتكرر مرة لتو الأخرى. وفي نهاية الأمر ومن إحدى الكرات الطائشة لمرتدات البلوز وبعد أن تخلى برشلونة عن خطوطه أيضاً لتتحد في الأمام، راحت الكرة في الوقت المحتسب بدلاً من الضائع لمهاجم تشيلسي، الإسباني فرناندو توريس، الذي لم يجد أدنى صعوبة في مراوغة الحارس فيكتور فالديس الذي قام بدور المدافع أيضاً، ليمر منه ويضع الكرة في الشباك بسهولة معلناً هدف التعادل لفريقه والتأهل «عن جدارة»، ولكن يبقى السؤال هل هكذا ستلعب كرة القدم أمام هذا الفريق الإسباني؟ وهل سيقود هذا لإفساد متعة كرة القدم وخططها ومراكزها؟ سؤال سيجيب عنه المستقبل.