كتب - حسن الستري:
وافق مجلس النواب في جلسته أمس على المرسوم بقانون بتعديل قانون حماية المجتمع من الأعمال الإرهابية، واعترض على المرسوم كل من النواب جلال كاظم، وعلي العطيش، وغازي آل رحمة، والشيخ ماجد الماجد، والشيخ د.مجيد العصفور ومحمد ميلاد وناصر القصير.
وشهدت الجلسة نقاشاً مستفيضاً حول المرسوم استغرق أكثر من ساعتين، إذ كان الفريق المعارض يحتكم إلى رأي لجنة الشؤون التشريعية والقانونية التي رأت وجود شبهة دستورية، إضافة لرأي المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، بينما رد عليه الفريق المؤيد للمرسوم بأن القانون يعالج قضايا إرهابية، والقضايا الإرهابية بطبيعتها تتطلب معالجات استثنائية، إضافة إلى أن المرسوم لا يصطدم مباشرة بالدستور أو الاتفاقات التي وقعت عليها البحرين.
الحماية
من الإرهاب واجب
من جهته، قال رئيس لجنة الشؤون الخارجية النائب عبدالله بن حويل إن الإرهاب يهدد العالم والبحرين ضمنه، وكان من نتائجه إزهاق الكثير من الأرواح، وهو مدعوم من دول معروفة ومنظمات إرهابية معروفة ولابد من إجراءات مشددة.
وأشار إلى أن هذا ليس بدعاً فها هي فرنسا واجهت الإرهاب بإجراءات استثنائية ولم ينتقدها أحد، مضيفاً «حماية البحرين من الإرهاب واجب وطني وأمانة تتحملها السلطة التشريعية والموافقة على المرسوم ضرورة لقطع دابر الإرهاب».
وقال النائب علي بوفرسن: «لا مساومة في أمننا، لأن السماومة تفقدنا مقومات الحياة»، مضيفاً «منذ عام 2011 ذهب ضحية الإرهاب 17 شهيداً من شهداء الواجب، و85 إصابة خطرة».
وأشار إلى أن صيغة المرسوم بالنسبة إلى الأعمال الإرهابية بالخارج جاءت بصيغة الجمع، متساءلاً «هل يشمل ذلك الجريمة الفردية».
وقال النائب جمال بوحسن، «دول العالم تواجه الإرهاب الذي طال كل الدول، والبحرين عانت وتعاني من هذه الأزمة، وهناك من يمارسه في البحرين وخارجها، والمرسوم يعالج هذه الظاهرة التي تفتك بالعالم، ولم يصدر إلا لحماية الوطن من هذه الآفة».
وذكر أن صدور المرسوم يحمي المواطنين والمقيمين على أرض البحرين، ويحمي الوطن من الجماعات الإرهابية كداعش والقاعدة، لذلك شدد المشرع العقوبة، فوجود السبب يضع المشرّع أمام تحدي مجابهة الإرهاب، ولا أرى وجود شبهة دستورية في المرسوم لأنه تم تمريره بوجود أخصائيين في التشريع.
من جانبه، قال النائب نبيل البلوشي: «لم تطلب الجهات المختصة تغيير المادة إلا لأنها أدرى بما تحتاج المسألة من تحقيق»، مضيفاً «وزارة الداخلية لا تقبض على شخص لم يرتكب جرماً إلا إذا توفرت دلائل في قضية متعلقة بالإرهاب، وهذه القوانين جاءت لحفظ حقوق الإنسان».
وبين أن «الدول التي تدعي الديمقراطية لا تجامل أحداً إذا واجهت الإرهاب، مع أن هذه القضايا لا ترقى لما تواجهه دولنا».
صلاحيات الشرطة وصلاحيات النيابة
من طرفه، قال النائب خالد الشاعر إن المرسوم بقانون بتعديل قانون حماية المجتمع من الأعمال الإرهابية أعطى صلاحيات للشرطة أكثر من الصلاحيات الممنوحة للنيابة العامة في التحقيق بالقضايا الإرهابية.
وأشار إلى أن أي قضية تشكلها النيابة، فهي تأخذ أقوال المتهم وتحوله إلى النيابة التي تستجوبه في ثلاثة أيام، ثم تحوله إلى المحكمة، مضيفاً «بريطانيا قللت مدة التحقيق من 48 يوماً إلى 48 ساعة».
وتابع: «هناك أمور إيجابية في المرسوم، ولكن بعض المواد لا تتماشى مع المنظومة العالمية لحقوق الإنسان»، مضيفاً «إذا مررنا المرسوم، لحاجة البحرين له في الوقت الحالي، فعلى وزارة الداخلية تطبيقه بحزم لوجود كثير من شوائب عدم الدستورية».
وعلى الرغم من إشارة الشاعر إلى أن «تمرير القانون يثير المنظمات الحقوقية»، فإنه قال «نمرر المشروع لثقتنا في جلالة الملك».
وقال مقرر اللجنة عبدالرحمن بومجيد، رداً على النائب الشاعر، «هذا القانون يتعلق بالجرائم الإرهابية فقط، وهناك قانون العقوبات يعالج بقية الجرائم»، مضيفاً «هذا المرسوم هو إحدى نتائج توصيات المجلس الوطني الذي عقد في عام 2013».
وأشار إلى أن «البحرين حافظت على حقوق الإنسان بشهادة الجميع إلا من كانت له أهداف مشبوهة، إذ طورت قوانين وتشريعات حقوق الإنسان وواكبت الدول الأخرى».
وأضاف أن «موظفي وزارة الداخلية يطبقون القوانين بحذافيرها ونرفض أن يقال إنهم يسيئون استخدام صلاحياتهم».
من جهتها، قالت النائب فاطمة العصفور: «استغرب من نائب يقر أن المرسوم فيه شبهة عدم دستورية، ومع ذلك يوافق عليه ويترك لوزارة الداخلية مراعاة التطبيق».
وأشارت إلى أن «المرسوم أعطى الشرطة حق حبس المتهم 28 يوماً إذا توفرت دلائل كافية، وهذا تعبير مطاطي، فقد تكون الدلائل والضوابط غير كافية»، مضيفة «مدة 28 يوماً طويلة وتتعارض مع الحرية الشخصية التي كفلها الدستور، ويمكن منحه مدة أقصاها أسبوعاً».
أين مخالفة الدستور
وقال النائب الأول لرئيس مجلس النواب علي العرادي إن لجنة الشؤون التشريعية والقانونية ارتأت شبهة عدم دستورية تشوب المرسوم، لكنها لم تبين المادة التي بها مخالفة، مضيفاً أن المرسوم واضح ولا مخالفة فيه، ومن يرى أنه يخالف الدستور فليحدد المخالفة صراحة».
وأشار إلى أن «هناك تشديد في جميع دول العالم على عقوبات الإرهاب وتجفيف منابعه».
وأجابه عضو اللجنة التشريعية النائب محمد ميلاد: «في المادة (8) والمادة (2) مكرراً لم يُحدد الجرم، فإذا قام خمسة بحرينيين بـ«هوشة» في بلد آخر، تعتبر عملية إرهابية، كما أنه يسري على كل أجنبي، ويمكن القول إنه يسري على الفلسطينيين الذين يمارسون العنف ضد إسرائيل».
وأضاف «يجب أن تكون الجريمة واضحة لا لبس فيها، وأن النص غامض ومبهم ويفسره مأمور الضبط والقاضي والنيابة كل على هواه»، مشيراً إلى أن النص الأصعب هو أن تشكل النيابة بأمر ملكي، وهذا عوار إداري، لم لا تشكل من قبل المجلس الأعلى للقضاء».
وقال النائب جمال داوود: «لا يمكن المساومة على أمن المجتمع وحمايته، نتعامل مع خلايا إرهابية ذات سلسلة هرمية، تتكون من قيادة عليا وتمويل وإعلام وكل هرم لا يعرف عن الهرم الآخر أي معلومة، يجب أن نكون واقعيين ونتعامل مع الظروف التي مرت بها البحرين، وهذا القانون ضرورة».
28 يوماً تعد عقوبة
وقال النائب ماجد الماجد إن الأمن هو هدف الجميع، وأن الأصل الاستقرار وليس الإرهاب والمتهم بريء حتى تثبت إدانته، مشيراً إلى أنه لا يمكن تمرير جزء وترك جزء من المرسوم، وعند رفض هذا المرسوم لا يعني أننا نقلل من ثقتنا في الجهة المعنية.
وقال رئيس اللجنة التشريعية والقانونية النائب علي العطيش: «حين نعارض المرسوم، لا يعني ذلك أننا لا ندين الإرهاب بل الإرهاب مدان من كل منفذيه، ولكن القوانين يجب أن تكون متدرجة»، مضيفاً «إذا نظرنا إلى المرسوم بهذا التشدد، فماذا تركنا لحالة السلامة الوطنية أو حالة الطوارئ؟».
وأشار إلى أن «من يعتقد أن هذا القانون سيطبق على زيد ولن يطبق على عمر فهو واهم».
وقال إن مدة الحبس الاحتياطي التي تطرق لها المرسوم 28 يوماً تعد عقوبة في حد ذاتها، إضافة إلى أن النيابة لديها كذلك 6 أشهر وهذه المادة ذكرت اللجنة التشريعية أنها تتعارض مع المادة 19 الفقرة ب من الدستور، وعندما يرد ممثل الحكومة أن هذا تحت غطاء القضاء فلماذا لا يرفع الأمر للنيابة العامة ليكون ضمانة عادلة، وحسب القاعدة العامة فإن المتهم بريء حتى تثبت إدانته».
وأضاف «لسنا وحدنا من يرفض، فهناك المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان التي رفضت المرسوم لمخالفته العهد الدولي واعتباره مخالفة جسيمة لحقوق الإنسان».
وأجابه مقرر اللجنة النائب عبدالرحمن بومجيد أن المرسوم جاء لحماية المجتمع خصوصاً في ظل المخططات الإرهابية التي يتم اكتشافها بشكل مستمر منذ عام 2011.
وأضاف «يجب أن نشكر رجال الأمن على جهودهم لتصديهم لمثل تلك الأعمال الإرهابية وجلالة الملك في كل تصريحاته وخطاباته يؤكد أهمية ومبدأ حقوق الإنسان».
وبين النائب الثاني لرئيس مجلس النواب عبدالحليم مراد أن حماية المجتمع والناس أولى من القانون ولا فائدة للقانون مع انتشار الفوضى، وهناك موازنات والبحرين مستهدفة منذ الثمانينات ومن ثم التسعينات وبعدها في الألفية، وتصاعدت الأعمال الإرهابية لدرجة أن هناك خلايا إرهابية لا ترتبط بالخلية الأولى وكل تلك الخلايا تدار بحرفية.
وأكد أهمية الأمن الذي تنعم به البحرين وهي نعمة يجب المحافظة عليها بخلاف ما يحدث في العراق وسوريا واليمن ولبنان والذين لا يأمنون على أنفسهم من تلك الأعمال الإرهابية.
وقال النائب الأول علي العرادي: «رداً على استفسارات أحد الأعضاء عن تحديد القانون 28 يوماً، نحن نتحدث عن تصنيع أو تهريب أسلحة ومتفرقعات فهنا المشكلة تختلف وتحتاج وقتاً من أجل معرفة لمن ذهب السلاح؟ ومن عند من جاء؟ وإلى آخره من تشعبات في قضية تتعلق بالأمن مقابل الإرهاب، والمواد التي ذكرت من الدستور أو العهد الدولي لا تتناقض مع المرسوم.
وطالب النائب محمد ميلاد بتحديد معنى «أعمال العنف» في المرسوم لأن كلمة العنف تعتبر مطاطية، مضيفاً «في قانون الإرهاب لا من تحديد هذه الأمور فقد تكون كلمة العنف مفسرة حسب اختلاف الأفراد».
من جهته، قال رئيس لجنة الشؤون الخارجية والأمن الوطني النائب عبدالله بن حويل: «البحرين تعيش في أمن وأمان بفضل القيادة ورجال الأمن، وهذا المرسوم جاء في ظروف خاصة لحماية المجتمع»، مطالباً النواب بتمرير المرسوم.
وطالب النائب جمال بوحسن ألا ننظر إلى الإرهاب بنظرة طائفية لأنه لا يفرق بين أحد فهو لا دين له، فلننظر كيف يتم تفجير المساجد وهي متوجهة إلى الله.
وبين النائب د.عيسى تركي أن المرسوم لا يستهدف طائفة معينة والإرهاب ليس له دين أو مذهب ونحن نواجه اليوم والمجتمع الدولي بما يسمى توحش الإرهاب وهو يستدعي تشريعاً استثنائياً.