كتب - حسن الستري وحسام الصابوني:
أحال مجلس النواب المرسوم بقانون رقم 30 لسنة 2015م بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم 15 لسنة 1977م بإصدار سندات التنمية، والمتضمن رفع سقف الدين العام إلى 10 مليارات دينار بحريني إلى مجلس الشورى، بعد أن شهدت جلسة المجلس أمس جدلاً ونقاشاً واسعاً حول المرسوم.
وبدأ النقاش بمداخلة لرئيس لجنة الشؤون المالية والاقتصادية عبدالرحمن بوعلي، قائلاً «قولوا لا إله إلا الله»، فعلق عليه النائب الشيخ ماجد الماجد «تشيع جنازة!».
واستطرد بوعلي، «لدي سؤال طرحته بمجلس رئيس الوزراء، لماذا البحرين وصلت إلى ما وصلت له الآن، الفقير والتاجر والوزير والنائب يشتكي، هناك تذمر شديد من الوضع الاقتصادي والوضع السياسي الذي نعيشه حالياً، في السبعينات حين كان سعر برميل النفط 20 دولاراً شيدت البحرين أكبر المصانع والمؤسسات دون مديونية، وحين وصل سعر البرميل إلى 130 و140 كنا مديونين، ووصل لـ 7 مليارات والآن نتجه إلى 10 مليارات دون توجه لتوفير إيرادات غير نفطية للبلد».
وتابع أن «هناك مشكلة في البلد لابد أن نعرفها ونحلها، هناك وضع سياسي قائم في البلد أدى لكل هذه المشاكل الاقتصادية التي نعيشها، ويجب «ألا نخش رؤوسنا في الرمال»، نريد رفاهية للمواطن».
وشدد بوعلي «لست مقتنعاً بزيادة الدين العام ولكن الواقع يفرض علينا، نحن من مررنا الموازنة على أساس 60 دولاراً «وطبت المصيبة في راسنا وراس المواطن»، ووقتها كان سعر البرميل 50 دولاراً، وانخفض إلى أقل من 40 دولاراً، لا مفر لنا من الموافقة على سقف الدين العام، وأطلب من وزير المالية الالتزام بكل المشاريع الحكومية التي وافقنا عليها في برنامج عمل الحكومة».
وأجابه رئيس مجلس النواب أحمد الملا، أن «المشروع الإصلاحي أحدث نقلة نوعية في كل المجالات لا تعد ولا تحصى، ولكن الظروف الاستثنائية التي تمر بها البحرين والخليج ظروف اقتصادية وسياسية صعبة، وتستوجب منا كلنا الوقوف مع قيادتنا والالتفاف حولها».
عجز مالي
من جانبه قال النائب محمد ميلاد إنه «حين مررنا الموازنة، جاءنا وزير المالية وقال الدين سيرفع إلى سبع ولن يطلب رفعه مرة أخرى، واليوم أتى ليرفعه، منذ العام 2000 ابتدأت الديون على الدولة بسبب الخصخصة لأن الإيرادات لا تدخل في الميزانية، فمن الطبيعي أن يكون عندنا عجز مالي، نحن أمام واقع الاستدانة، ولكن المبالغ المقترضة أين ستذهب، وكيف سيتم تسديدها، هناك خلل في الإدارة لدى الجهاز المالي بالحكومة، ونطالب بتوضيحات عن العجز التي تقول به الحكومة في الموازنة العامة وتريد تغطيته من خلال زيادة الدين العام».
ومن جهته قال النائب ماجد الماجد إن «من تعود على الدين فإنه سيواصل بالدين، وقد وافقنا من قبل على زيادة الدين لمصلحة البلد واليوم يطالبوننا بزيادة الدين العام إلى 10 مليارات دينار!، وهنا أرى أن وزير المالية غير واضح في إعطائنا المعلومات ولنا أن نسأل: أين انعكاس القرض السابق على المشاريع؟ أم أن القرض يخدم القرض فقط؟ أين ذهبت تلك المبالغ؟ لم نر أجوبة من وزير المالية حتى الآن».
وقال النائب عادل حميد: نحن نعيش في ورطة ولا نعلم إلى أين سنصل، نسمع أن الأمور بخير والواقع يحكي أمراً آخر، نرى غياباً للخطط والاستراتيجيات الحكومية إضافة للفساد المالي والإداري الذي ذكره تقرير ديوان الرقابة، مازال اقتصادنا معتمداً على النفط، ولم تفكر الحكومة لهذه اللحظة بتنويع مصادر الدخل رغم أنها أكثر كلمة يرددها وزير المالية، والوضع يزداد سوءاً بعد سوء في كل عام والوزير يقول بأن أمورنا بخير بالرغم من التحذيرات من المخاطر في زيادة الدين العام وتجاوزها المبالغ المعقولة من قبل البنك المركزي.
وفي السياق نفسه، قال رئيس كتلة الشراكة الوطنية النائب حمد الدوسري إننا أمام تراجع أسعار النفط يجب علينا الموافقة على زيادة سقف الدين العام وكافة الإجراءات التي تتخذها الحكومة حفاظاً على مصالح المواطنين، وكتلة الشراكة الوطنية تشدد على أهمية مصلحة المواطن وتشيد بكل الإجراءات التي تقوم بها الحكومة في ظل الوضع الراهن وما تتطلبه المرحلة، ونطالب ببرنامج وخطة زمنية معلومة لمعالجة الوضع من تداعيات الدين العام والوضع الاقتصادي بالبحرين».
وأكد النائب جمال بوحسن أن «موضوع الدين العام يؤرق جميع المواطنين وجميع المسؤولين، ولكن الأزمات الاقتصادية والأمنية التي نعيشها تحتم علينا الوقوف مع المرسوم خصوصاً وأن المرسوم السامي ينطلق من الحس الأمني والوطني لمصلحة الوطن والمواطنين، وهو ليس قرضاً للرفاهية، ونناشد جلالته تخصيص 10 ملايين دينار من القرض للمواطنين عبر دعم مشروع البيوت الآيلة للسقوط».
من جهتها تساءلت النائب رؤى الحايكي «هل زادت الإيرادات عندما اتبعت الحكومة سياسة زيادة الإيرادات وترشيد المصروفات عن طريق إعادة توجيه الدعم الحكومي واللجان الحكومية لخفض النفقات؟، نرى محاولات الحكومة لتفعيل ما جاء في برنامج عملها وتحديداً لتفعيل الاستراتيجية المتعلقة بالمحافظة على الاستقرار المالي والنقدي وضبط الدين العام إلا أن أهداف الاستراتيجية لم تر النور، ألا ينبغي كإجراء أن تنخفض المصروفات كلما انخفضت أسعار النفط».
وتابعت، «ما هي أوجه التحسين في إدارة الدين العام؟، فتقرير وكالة التصنيف الدولية «فيتش» غير نظرة الوكالة المستقبلية للبحرين من مستقرة إلى سلبية، وأبقى على التصنيف الائتماني عند BBB-، بسبب استمرار انخفاض أسعار النفط، وتشير تقديرات فيتش في تقرير أن سعر النفط التعادلي -سعر النفط لإحداث توازن بالموازنة- بالبحرين يبلغ نحو 122 دولاراً للبرميل عام 2015، و118 دولاراً للبرميل عام 2016، مقابل توقعات أن يظل سعر النفط عند نحو 55 دولاراً للبرميل عامي 2015 و2016، و65 دولارًا عام 2017.
تقليص المصروفات
ورأى النائب محمد الجودر أن «مجلس النواب وضع بين المطرقة والسندان في موضوع الدين العام، فالموقف مترامٍ بين المواطن وبين مطالب الحكومة ولا نعلم أين ذهبت 7 مليارات دينار، وفي وقت قصير تطالب الحكومة برفعه إلى 10 مليارات دينار؟، فقد تم اتباع التقشف بالمصروفات الحكومية حتى الصحية منها، إذ تم تقليص مصروفات العلاج بالخارج، وهنا الضرر يقع على المواطن، مازلنا نتساءل كيف سيتم معالجة كل ما يحصل من أزمة تتفاقم يوماً بعد يوم ونحن نسمع تنويع مصادر الدخل».
وأكد النائب الأول للمجلس علي العرادي أن «التحدي الحقيقي لمجلس النواب الحالي هو تحد اقتصادي بحت، مؤيداً قرار اللجنة المالية بالموافقة على المرسوم بقانون وتمريره من مجلس النواب لما له من أهمية في المرحلة هذه».
وقال العرادي إنه على الجميع أن يتحمل مسؤولياته الوطنية»، لافتاً إلى أن هناك وجهات نظر متباينة، وأطالب الجميع بتحمل مسؤولياته والموافقة على تمرير المرسوم لتوفير السيولة اللازمة لتمويل المشاريع التنموية.
وأضاف أن البحرين قادرة على تجاوز الأزمة، لافتاً أنه من الأفضل الموافقة على المرسوم ثم تقديم دراسة وحلول للحكومة للنهوض بالاقتصاد البحريني.
وقال النائب إبراهيم الحمادي إن «الدين العام أمره غريب عجيب، سبق للحكومة أن اقترضت 7 مليارات دينار ولم نر أي تحسن على المستوى المعيشي للمواطن والآن تطلب زيادة الدين العام 3 مليارات دينار ولا نعلم ما هي الأسباب، هناك تضارب بين تقليص المصروفات والمشروعات في الوقت الذي تريد الحكومة زيادة الدين العام؟ كيف يكون تقليص في المصروفات من جهة وزيادة الدين العام من جهة؟، هذا يعني أن الدين العام لن يتوقف بل ستأتي الحكومة من جديد لتطالب بالاقتراض من جديد».
ورأى النائب عبدالرحمن بومجيد أنه «لا يوجد أي مبرر للموافقة على المرسوم».
وطالب وزير المالية «بتوضيح آلية صرف الـ3 مليارات دينار، وكيف سيتم معالجة الدين العام؟، وأين إسهامات شركة ممتلكات التي تعتبر الذراع الأيمن لاقتصاد البحرين؟».
وأعلن النائب جمال داود رفضه للتشكيك بالولاء للوطن وتقاذف الاتهامات، موضحاً أن «المشروعات في البلد من سنوات تنفذ حسب الأولويات وتوفر الموازنات».
وأشار لمستثمرين يطالبون في الدخول بمشاريع استثمارية بملايين الدنانير، متسائلاً ماذا سيستفيد المواطن من هذا الاقتراض؟.
وبين عضو اللجنة المالية النائب مجيد العصفور أن اللجنة تفهمت دواعي الاستعجال التي بينها الوزراء، والبحرين ليست بدعاً من الدول الأخرى وكل الدول تقوم بإجراءات في الظروف الاستثنائية».
وقال عبدالله بن حويل إن «الظروف الصعبة التي تمر بها البحرين وجميع الدول المصدرة للنفط تحتم علينا الموافقة على رفع سقف الدين العام إلى 10 مليارات»، لافتاً إلى أن «البحرين تواجه ظروفاً استثنائية ويجب على الجميع التكاتف لمواجهة هذه الظروف».
بدوره، قال أسامة الخاجة إن «الحرص على المال العام يعتبر ضرورة قصوى ليصب في مصلحة الوطن والمواطن»، لافتاً إلى أن «رفع سقف الدين العام لـ 10 مليارات ليس حلاً مجدياً ولكنه حل مؤقت».
وأضاف الخاجة، أن هناك دولاً تقترض أكثر من 70% من دخلها القومي ولكن لديهم رؤية واضحة لكيفية تسديد الدين خلال فترة محددة.
مواجهة الأزمة
من جهته استغرب محمد المعرفي، صفة الاستعجال لتمرير المشروع، لافتاً إلى أن «مجلس النواب مرر منذ فترة قصيرة رفع سقف الدين العام إلى 7 مليارات بتبريرات حكومية غير واضحة».
وقال ناصر القصير، إنه من المتوقع ارتفاع الدين العام إلى 15 مليار دينار خلال السنتين المقبلتين. وتساءل القصير عن خطة الحكومة لمواجهة الأزمة الاقتصادية في حال هبوط النفط إلى 30 دولاراً، وأضاف أنه يجب تخفيض المصروفات بشكل أفضل.
بدوره، قال إنس بوهندي إن «تقرير اللجنة المالية بمجلس النواب يفتقد لمبررات واضحة للموافقة على المرسوم، لافتاً إلى أن وزارة المالية ليس لديها خطة مدروسة لكيفية تسديد الدين.
وقال محمد الأحمد إن النواب عندما يتحدثون مع وزير المالية عن المشاكل الموجودة في الميزانية فيكون رده أنتم من وافقتم على الميزانية وأنتم من تتحملون المسؤولية.
وطالب بسحب المشروع وإعادته إلى اللجنة المالية لمدة أسبوعين، حتى يتم إعداد رد رسمي مكتوب من وزير المالية.
من جهته قال عادل حميد «نحن كنواب ليس لدينا علماً عن مصير الديون التي اقترضتها الحكومة، وهذا لا يعني وجود تقصي من النواب، ولكن وزارة المالية لم تجب بشفافية عن تساؤلاتنا، وعن مصير الـ7 مليارات التي تم اقتراضها من قبل».
بدوره، قال عبدالحميد النجار «لن نزايد على قضية الولاء، الموافقة أو الرفض ليس معيار الولاء للوطن»، لافتاً إلى أن «الحكومة ملزمة بتطبيق برنامج عمل الحكومة دون المساس بالمواطنين».