إن جرائم القتل والإرهاب لا تحدث في غزة ولا الشيشان أو أفغانستان؛ بل في العاصمة المنامة، وما حولها من مدن وقرى، يعني الأمر واضح ولا يحتاج لنظارة ولا دوران بسيارة، فيمكن أن يراه المارة وينظره كل ساكن العمارة، ولكن هناك تعتيماً وتظليماً وتكتيماً، واكتفاء بمقطع من تصريح لا يفهم مقصده ولا يعرف سببه، فهو مجرد إشارة والباقي يحفظ كما حفظ من أحداث، وهو الفراغ الذي استغلته القنوات الصديقة والجارة وقنوات الدجالين الكذابين الذين تجردوا من الحياء والضمير، فلا يهمهم ما ينشرون طالما ليس هناك إعلام يكشف الحقائق كما هي ويروي الأحداث بالتفصيل والتصوير، فهي سياسة والله لا نعرف مقصدها، ولا نعلم سر إخفاء الحقائق، وكما قالوا إن الأمن القومي للبلاد يتطلب عدم بث الشريط وإظهار الحارق والمحروق، ليعرف العالم الحقيقة من مصادرها، وبعدها تكبح القنوات التي تقتات على مصائب المسلمين، ولا يبقى لها منفذ ولا حراك، حين تضع البحرين الصورة في البرواز، وتنقط وتشكل الحروف حسب قواعد الصرف والإعراب، لأنها تمتلك الحقيقة، فلا تحتاج قطعاً وبتراً لشريط ولا تختار عابر طريق إنما من قلب الحدث تنقل الأخبار، وهو ما سيسكت الآلة الإعلامية للدولة الشقيقةة، كما تسكت أبواق إيران، وتحطم طبول ومزامير الوفاق، وذلك عندما يكون الشريط قد تم تصويره وبثه على الهواء مباشرة، فلا مخافة على سمعة واقتصاد عندما تقوم الجهات ذات العلاقة ببث الحقيقة، لأن الصمت سيترك المجال للقنوات المتمصلحة التي لا يستطرب صوتها إلا على الأخبار التي تكون ضد الدولة، فتزينها وتضيف عليها وتقص وتنتقي. لذلك نرى العالم يصدق الضجيج ويستمع للصوت الرفيع، بينما من يهمس ويشير مستخدماً لغة الصم والبكم، فلا يسمعه ولا يستمع لتصاريحه أو برامجه التي لا تتعدى حجرات الأستوديو، فالعالم اليوم فيه ثورات وإثارات، والقنوات تتسابق وتبدع حسب ما تقتضيه مصالح دولها، وما ترسمه استراتجياتها، ولا تتوقعون أن يكون لكم عوناً من يراقب خطواتكم ويعد أنفاسكم ويستمع إلى صيحات إطارات سباق الفورمولا، فصيحاتها في حلبة البحرين تؤلمه وتضايقه. وهناك قنوات ترى في الأحداث أحلاماً تداعبها بأن تصبح هذه المملكة الجميلة جزءاً من ممالكها، فنحن في عالم السباق، والسباق هذه المرة يدور على البحرين، فالبحرين كانت على رأس القائمة في مجسم الشرق الأوسط الجديد، فإذا سقطت سهلت عليهم الطريق وصارت ممراً إلى قلعة الإسلام التي هي المطلب الرئيس لإيران وأمريكا وما حولها، لكن العتب على من في يده المنظار الذي سد عينه وحجب الرؤية الصحيحة التي تحكي الأحداث بصراحة وصدق، وذلك كما تفعل كل دولة إذا مرت بنكبات وأزمات، وهاهو الشعب السوري استطاع أن ينقل ما حدث إلى العالم بإمكاناته البسيطة التي لا تتعدى كاميرات جوال وتويتر، ولكن لأنها كانت حقيقية معبرة بالصراخ والآلام فقرأها العالم واعترف بحقيقة ما يجري، بينما في البحرين مرت سنة والعالم منه من يدري ومنه من لا يدري، لذلك المصالح اليوم تقتضي أن نعلن الحقيقة التي منها نتشافى ونتعافى حين تقوم الدولة بالدفاع عن أمنها الذي اخترقته إيران بخلاياها ورعاياها. وهاهي الحروب الإعلامية التي بدأت من سنوات قديمة، ومثال منها غوبلز الذي روج للفكر النازي لدى الشعب الألماني بطريقة ذكية، حين صور أدولف هتلر بأنه المنقذ لهم، حيث اعتمد الكذب الممنهج والمبرمج معتمداً على الترويج، وهو ما تستخدمه ماكينة الوفاق الإعلامية التي اقتبست إعلامها منه “اكذب حتى يصدقك الناس”. وما مرت به البحرين اليوم من اضطرابات أمنية وإرهاب ممنهج ممول دولياً، يتوجب أن تنشئ هيئة للإعلام الأمني متخصصة بكوادر بارعة متمكنة، بحيث تمد الوسائل الإعلامية بالحقائق الأمنية، ثم الإعلام الرسمي يقوم بإعداده وصياغته لعرضه على القنوات، بحيث يكون هذا الإعلام الهادف يخدم المجتمع من جماهير، ونشر الوعي الأمني بينهم، وتزويدهم بالمعلومات والتوضيحات اللازمة، فالإعلام الأمني ضروري للمواطن ولرجل الأمن والدولة حين يقوم هذا الإعلام بدوره في تدريب رجال الأمن على أفضل الطرق في التعامل مع الشارع وكيف يتدارك أخطاءه، وكذلك المواطنون حين يكون الإعلام موجهاً إليهم بالحقائق، فيتولد لديهم الشعور بالأمن والثقة بأجهزة الدولة الأمنية والاعتماد على بياناتها وتقاريرها، وعندما تتولد الثقة بين الجماهير والدولة، ساعتها تسكت القنوات الفضائية الأجنبية والقريبة، حين تبث الصورة مباشرة من قلب الحدث مثل ما بثت بريطانيا وفرنسا ما قام به المتظاهرون، فلماذا لا تبث قناة البحرين الرسمية والإنجليزية الإرهاب الذي لم يتجرأ أصحابه إلا عندما غاب الإعلام الرسمي وترك الساحة للإعلام الصفوي الإيراني الممنهج والمبرمج، وما يعاونه من قنوات.