^ في التطورات التي حدثت خلال الأسبوعين الماضيين تم توصيل رسالة مهمة من الحكومة إلى الجميع دون استثناء؛ ملخصها أن للصبر حدوداً، وكفى.. وأنه لا بد من وضع حد لما يحدث.. ولابد من وضع نقطة على السطر.. ولا بد من إغلاق القوس.. ولا بد من طي هذه الصفحة التي جعلت البحرين بفعل البعض حديث الساعة ووفرت الفرصة للشامتين والحاسدين وعطلت حياة الناس. ما تفضل به رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة وتوجيهه للمسؤولين في الدولة وعلى رأسهم وزير الداخلية بمواجهة مخالفي القانون بالقانون وبالنظام، يعني أن الحكومة قررت وضع حد لهذا الاستهتار الذي صار الجميع يتضرر منه، وهو يعني أن رسالة الناس التي وصلت إلى الحكومة والتي تطالبها فيها بوضع نهاية لهذا الفيلم المأساوي واضحة، فما لا يدركه أولئك أن الناس ضجوا من أفعالهم وتضرروا بما فيه الكفاية وأنهم صاروا يقولون إنه آن الأوان لإسدال الستار. ما هو واضح أيضاً هو أن الغالبية من المواطنين والمقيمين ظلوا طويلاً يخشون من رد الفعل السلبي لذا كانوا يسكتون فيبدون وكأنهم مؤيدون لما يقوم به أولئك الشباب الذي صار وقوداً للمواجهات يرمي بنفسه إلى التهلكة من دون أن يعلم أنه مجرد أداة تستخدم لتفتيت وطنه وإضعافه. لكن الصامتين تبين لهم أن صمتهم جعلهم هم الأكثر تضرراً منه فجأروا بالشكوى وبدؤوا بمطالبة الحكومة بحمايتهم.. ولو على استحياء. ما لم يدركه البعض هو أن التعامل الهادئ من قبل سمو رئيس الوزراء مع الأحداث ليس ضعفاً ولا تردداً، لكنه تعبير عن حكمة يتمتع بها سموه وخبرة تراكمت عبر السنين، فهو يعلم أن المتورطين في الأحداث أنفسهم مظلومون وأنهم إنما أدوات يتم توظيفها واستخدامها لمصالح لا يدركونها، ذلك أن قراءتهم للساحة قاصرة ولا تستند إلى خبرة سياسية، وإلا ببساطة يمكنهم أن يتساءلوا عن مصلحة تلك الأطراف الخارجية في دعمهم. ترى هل الدعم الإعلامي وغير الإعلامي من إيران أو العراق أو بريطانيا أو أميركا أو غيرها من الدول القريبة والبعيدة هو من أجل سواد عيونهم؟ من يعمل في السياسة يعلم جيداً أنه لا شيء مقابل لا شيء، فـ “كل حاجة بتمنها” كما هو شائع عند المصريين، ومن يعمل في هذا المعترك يعلم جيداً أن الذي يقف اليوم في خانة الصديق قد يتحول غداً إلى خانة أخرى فور تأثر مصلحته. للأسف هذه أمور لا يدركها من يتفاخر اليوم بقدرته على تحريك الشارع. فالسياسة فن بعيد عن العواطف، وبالتالي فإن النتيجة المنطقية لذلك هو ما نراه يحدث اليوم من آلام تتكرر لتضيع بعد قليل في زحمة الاتهامات والتبريرات. إن استمرار هؤلاء في هذا الطريق لن يوصلهم إلا إلى مزيد من الآلام ومزيد من تعطيل الحياة وتخريب المجتمع، ولن يؤدي إلا إلى وضع البلاد في وضع لا يستفيد منه إلا أولئك الذين لا يريدون الخير لها. إن ما جرى على البحرين خلال الخمسة عشر شهراً الماضية كثير بل كثير جداً، والعاقل يجزم أنه لولا سعة صدر جلالة الملك وحكمة سمو رئيس الوزراء وقدرة سمو ولي العهد على قراءة ما يدور في الساحة وتسامح القيادة وسعة أفقها وقدرتها على التفاعل الإيجابي مع مختلف المتغيرات والظروف لتم منذ زمن اللجوء إلى الكي الذي هو آخر الدواء عند العرب. لكن للصبر دائماً حدوداً، وهذه هي الرسالة الواضحة التي حاولت الحكومة توصيلها إلى ذلك البعض الذي صنف نفسه على أنه معارضة، فللصبر حدود، والعاقل هو من يتقي غضب الحليم.